سيرته:
هوالشيخ العالم العارف محمّد مهدي بن أبي ذرّ النراقي الكاشاني المعروف بالمحقّق النراقي. ولد بقرية نراق من قرى مدينة آراك (إيران) سنة(1128هــ وتوفي في سنة1209هـ) ، وهو مؤسس الحوزة العلمية في مدينة كاشان.
هاجر الشيخ النراقي إلى كاشان لطلب العلم، ثم هاجر متوجه إلى أصفهان، لانها كانت مركزاً علميا في إيران آنذاك، فدرس على يد علمائها الفقه والاصول والحديث والتفسير والطب والكلام، وجميع فروع الرياضيات. و اغتنم النراقي الفرصة في اصفهان فتعلم فيها اللغة العبرية واللاتينية على يد جماعة من اليهود والنصارى هناك،
من أجل أن يسهل عليه الرجوع إلى كتبهم ومطالعتها،
ثم عاد بعدها إلى كاشان لأجل التدريس والتصدي لصلاة الجمعة والجماعة والوعظ والإرشاد، ثم سافر إلى العراق زائرا، و تتلمذ هناك على يد علمائها برهة من الزمن ثم رجع إلى كاشان.( 2
أساتذته:
تلامذته:
• نجله الشيخ أحمد النراقي.
• محمّد باقر الشفتي المعروف بحجّة الإسلام.(3
مؤلفاته:
رقيّ اخلاقه وكتاب جامع السعادات:
نقل آية الله المولى علي الهمداني كما في كتاب سر نجاح الحكماء(5
أن العالم الفاضل المولى مهدي النراقي عندما كتب كتابه "جامع السعادات" في الأخلاق، بعث عددا من النسخ إلى علماء النجف وللسيد محمد مهدي بحر العلوم، وبعد مدة ذهب المولى مهدي النراقي إلى النجف الأشرف فجاء علماء النجف لمقابلته، لكن السيد بحر العلوم لم يأت. وعدم مجيىء عالم مثله صعب جدا عند المولى مهدي النراقي، وكان من الممكن قول كثير من الأشياء حول ذلك، لكن المولى النراقي قال: السيد لم يأت، نحن نذهب إليه
وذهبوا، لكن بحر العلوم لم يعتن بذلك. وزاد الكلام حول أنه كيف أصبح ؟. وبعد مدة 15 يوما عاد المولى مهدي، وذهب للقاء بحر العلوم، ولكن بحر العلوم لم يعتن به ذاك الحين أيضا، وزاد الكلام حول الأمر.
وبعد أيام ذهب المولى مهدي ثالثة إلى بيت بحر العلوم، لكن في هذه المرة إلتقاه باحترام كبير، فاندهش الجميع، كيف أنه لم يأت لملاقاته، وذهب مرتين ولم يعتن به، والآن يعامله هكذا؟.
عندما خلى المكان، قال بحر العلوم للمولى محمد مهدي النراقي: في كل هذه المدة لم أذهب لملاقاتك ولم أعتن بك عندما جئت في المرتين السابقتين، وتصرفت بهذه الطريقة معكم، كنت أريد أن أرى إن كنت قد جمعت كتاب "جامع السعادات" أم إنك عملت بما كتبته ودونته وزكيت نفسك وهذبت أخلاقك؟ لكن الآن ثبت لي أنك قد هذبت نفسك،وانك كتاب اخلاق.
احدى مكاشفاته العجيبة:
القصة مشهورة (6
بين علماء وطلاب النجف الأشرف، كما أنها تعدّ من الأمور المسلّمة لأحوال المرحوم النّراقي.
اذ روي انه سكن المرحوم النراقي النجف الأشرف وتوفّى فيها. ومقبرته في النجف ملحقة بالصحن المطهّر،
( وقد مرّ عليه خلال أيّام إقامته في النجف يوم من أيام شهر رمضان لم يكن لديه شيء في منزله للإفطار، فقالت له زوجته ليس في البيت من شيء، فاخرج وأحضر شيئًا!
ويغادر المرحوم النراقي البيت وليس في جيبه فلس واحد، فيتوجّه مباشرة الى وادي السلام في النجف لزيارة أهل القبور ، ويجلس مدة بين القبور ويقرأ الفاتحة ، حتى مالت الشمس للغروب وبدأ الظلام ينتشر رويدًا رويدًا.
ثمّ يرى المرحوم في تلك الحال جماعة من العرب وقد جاءوا بجنازة وحفروا لها قبرًا، ثم إنهم وضعوا الجنازة في القبر والتفتوا الى المرحوم النراقي فقالوا: إن لدينا عملًا ونحن في عجلة من أمرنا لنعود الى مكاننا، فقم أنت بباقي تجهيزات هذه الجنازة . ثمّ إنهم تركوا الجنازة وذهبوا.
يقول المرحوم النّراقي: دخلتُ القبر لأفتح الكفن وأضع خدّ الميت على التراب ثمّ أضع فوقه اللَّبِنْ وأهيل عليه التراب، فشاهدُ فجأة نافذة، ثم دخلتُ تلك النافذة لأشاهد روضة كبيرة ذات أشجار خضراء يانعة متكاتفة بالثمار المتنوعة.
وكان هناك طريق من باب هذه الروضة الى قصر مجلّل، وقد فُرش هذا الطريق بأجمعه بحصى صغار من المجوهرات.
وردتُ بلا إرادة مني، وتوجهت مباشرة الى ذلك قصر، فرأيتُ أنه قصر فخم مبنيّ بطابوق من المجوهرات ،ثم صعدتُ السّلم ودخلتُ غرفة كبيرة فشاهدتُ شخصًا يتصدّر تلك الغرفة وأشخاصًا جالسين في أطراف الغرفة فسلّتُ عليهم وجلستُ، فردّوا عليّ السلام.
ثمّ شاهدُ أن هؤلاء الجالسين في أطراف الغرفة كانوا يُديمون السؤال من ذلك الجالس في صدرها عن أحواله، ويستفسرون ن أحوال أقاربهم وخاصّتهم، فكان يجيب على أسئلتهم. كان ذلك الرجل مبتهجًا مسرورًا وهو يجيب عن أسئلة الجالسين واحدْا بعد الآخر.
ثم انقضت مدّة فشاهدٌتُ فجأة أنّ ثعبانًا قد دخل من باب الغرفة وتوجّه مباشرة الى ذلك الرجل فلدغه ثم خرجه من الغرفة. ولقد امتقع وجه ذلك الرجل من ألم لدغة الثعبان وتورّم بعض الشيء، ثمّ أنه عاد إلى حاله الأولى تدريجيًّا ، فشرعوا من جديد بالحديث مع بعضهم وبالاستفسار عن الأحوال والسؤال عن أخبار الدنيا من ذلك الرجل.
ثم انقضت ساعة فشاهدتُ مرة أخرى أنّ ذلك الثعبان دخل من الباب من جديد ولدغ الرجل بنفس الطريقة وعاد من حيث أتى. فاضطربت حالُ الرجل وامتقع وجهه، ثم أنه عاد الى حاله الأولى.
فسألته في تلك الحال: من أنت أيها السيّد؟ وأين هذا المكان؟ ولمن هذا القصر؟ وما هذا الثعبان؟ ولماذا يقوم بلدغك؟
قال: أنا الميّت الذي وضعتَه في القبر، كما أن روضة الجنة البرزخية هذه لي، أنعم الله عليّ بها فظهرتْ من نافذة فُتحت من قبري الى عالم البرزخ. هذا القصر لي، وهذه الأشجار المجلّلة ، وهذه المجوهرات، وهذا المكان الذي تراه جنتي البرزخية، وها قد جئتُ إلى هنا. كما أنّ هؤلاء جالسين في أطراف الغرفة أقاربي وأرحامي الذين توفّوا قبلي، وهاهم قدموا لرؤيتي وللسؤال عن أهليهم وأرحامهم وأقاربهم في الدنيا، فكنتُ أحدّثهم عن أحوال أولئكم.
قلتُ: فلماذا يلدغك هذا الثعبان؟!
قال: إليك الأمر: أنا رجل مؤمن، من أهل الصلاة والصيام والخُمس والزكاة، ومهما فكّرتُ فإنّني لا أجد أنّ خطأً قد بدر منّي لأستحقّ عليه عقوبة كهذه. وهذه الروضة بهذه المواصفات هي النتيجة البرزخية لأعمالي الصالحة تلك. اللهم إلّا أنّني كنت أسير في الزقاق يومًا في حرّ الصيف، فرأيتُ صاحب دكّان ينازع أحد الذين يشترون منه، فاقتربتُ منهما لأصلح بينهما، فرأيتُ صاحب الدكان يقول: إنّني أطلبك ثلاثمائة دينار ( ستّة شاهيّات) ، بينما المشتري يقول: إنّني مدين بخمسة شاهيّات.
فقلتُ لصاحب الدّكان: تنازل عن نصف شاهي. وقلتُ للمشتري: تنازل أنت أيضًا وارفع يدك عن نصف شاهي، فأعطِ خمسة شاهيّات ونصف لصاحب الدّكان! فسكتَ صاحبُ الدكان ولم يقلْ شيئًا.
ولأنّ الحقّ كان لصاحب الدّكان، ولأنّي كنتُ بقضائي الذي لم يرضه صاحب الدكّان قد أضعتُ نصف شاهي من حقّه، فإنّ الله عزوجلّ -جزاءً لهذا العمل- قد عيّن لي هذا الثعبان ليلدغني بهذا المنوال كل ساعة إلى سوم ينفخ في الصور فيحضر الخلائق في المحشر للحساب، وأنجو آنذاك ببركة شفاعة محمّد وال محمد عليهم السلام.
ثمّ إنّني حين سمعتُ بذلك نهضتُ وقلتُ: إن أهلي ينتظروني في البيت، وعليّ أن أذهب فآخذ لهم إفطارًا.
فنهض ذلك الرجل الجالس في صدر الغرفة فشايعني الى الباب، وحين أردتُ الخروج أعطاني كيسًا صغيرًا من الرزّ وقال: هذا رزّ جيّد، فخذه لعيالك!
فأخذت الرز وودعته وخرجتُ من الروضة من النافذة التي كنتُ قد دخلتها من قبل، فرأيتني داخل ذلك القبر ووضعتُ عليه اللَّبن وأهلتُ التراب، وتوجّهت الى منزلي وجلبت كيس الرّز فطبخنا منه.
وانقضت مدة ونحن نطبخ من ذلك الرّز فلا ينفد، وكلما طبخنا منه شيئًا فاحت منه رائحة طيبة فعطّرت أرجاء المحلّة، وكان الجيران يتساءلون: من أين اشتريتم هذا الرّز؟
وأخيرا حل يوم لم أكن فيه في المنزل، فقدم إلينا أحد الضيوف، وقامت زوجتي بطبخ شيء من ذلك الرّز وتركته على النار لينضج، وكان العطر الفوّاح يتصاعد منه فيملأ فضاء البيت. ويتساءل ذلك الضيف: من أين لكم هذا الرّز الذي يفوق في عطره جميع أنواع الرزّ العنبر؟
فاستحيت زوجتي وشرحت له القصّة؛ ثم إنهم طبخوا القدر الباقي من الرزّ بعد ذلك فنفد جميعه ولم يبق منه شيء.
بلى، هذه هي أطعمة الجنة التي يرزقها الله سبحانه للمقرّبين من حضرته.
وقد ورد في القرآن الكريم في أمر مريم عليها السلام:
((كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يمريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله ان الله يرزق من يشاء بغير حساب))
لقد جاءوا بمريم عليها السلام الى بيت المقدس للعبادة ، فوضعت تحت كفالة زكريا على نبينا واله وعليه السلام وانشغلت بالعبادة. ولم يكن هناك دجاج أو حساء، بل كان الطعام هناك الجوع والصيام، لأنها كانت قد وضعت تحت التعليم والتربية الروحانية. بيْدَ أن زكريا كلما دخل على مريم سلام الله عليها المحراب وجد عندها من فواكه الجنة ومن الارزاق المعنوية. فكان يقول: يا مريم أنى لك هذا؟
فتجيبه: هذا طعام ملكوتي قدّره الله لي، إنه يرزق من الارزاق المعنوية من يشاء بغير حساب)
وفاتــــه:
كانت وفاة الشيخ محمد مهدي النراقي في مدينة النجف الاشرف عام 1209 هـ، و دفن فيها.(8
المصادر والمراجع:
اعداد
حسين ال جعفر الحسيني