الأحد ٢٢ كانون الأول ٢٠٢٤

الاخوند ملا كاظم الخراساني


تاريخ الاضافة:-2020-11-08 15:02:22 | عدد الزيارات: 1965

الآخوند محمد كاظم الخراساني

 

الآخوند الخراساني الملّا محمد كاظم (1255  هــ 1329 هـ / 1839 م ــ 1911م)،

 فقيه أصولي ومرجع تقليد للشيعة وزعيم ديني سياسي في عهد الحركة الدستورية. هو الإبن الأصغر للملّا حسين الواعظ الهراتي الذي كان يسكن مدينة مشهد حيث ولد هناك محمد كاظم ودرس مقدمات العلوم وتزوج فيها.

كان الآخوند يرى الحركة الدستورية آلية للحيلولة دون الظلم والاضطهاد في حق الشعب وكان يرى أنّ من الواجب دعم تلك الحركة. لذلك دعا إلى الجهاد والكفاح بعد أن قصف الشاه محمد علي القاجاري المجلس النيابي في 23 جمادي الأولى سنة 1326 هـ. مواقفه إزاء الثورة الدستورية وقراره الجاد على مغادرة النجف متوجها إلى إيران للإحتجاج على احتلال أجزاء منها تعبر عن رفضه الكامل للاستعمار والاستبداد.

ومن ضمن الخدمات الإجتماعية التي قدمها الآخوند الخراساني بناء ثلاث مدارس علمية في النجف كما أنّه أسّس مدارس للعلوم الحديثة في النجف وكربلاء وبغداد.

وتتلمذ الكثير من الأعلام والمجتهدين على يدي الآخوند الخراساني منهم: الميرزا محمد حسين النائيني، والسيد أبو الحسن الأصفهاني، والسيد حسين الطباطبايي البروجردي، والشيخ محمد حسين كاشف الغطاء، والشيخ ضياء العراقي، والشيخ عبد الكريم الحائري اليزدي.

نسبه وولادته

هو الشيخ محمد كاظم بن الملا حسين الهروي الخراساني النجفي، المعروف بالآخوند، ولد   في مدينة مشهد المقدسة[1] في عام 1255 هـ.[2]

أبناءه

كان للآخوند ستة أبناء؛ خسمة أولاد و بنت واحدة. أما أسماء أولاده: الميرزا مهدي، و الميرزا محمد، والحاج ميرزا أحمد، وحسين، وحسن و كلّهم كانوا طلبة العلوم الدينية, وأمّا بنته فقد كانت زوجة الشيخ إسماعيل الرشتي.[3]

سبب لقبه (الآخوند)

نقل عن السيد هبة الدين الشهرستاني، أنّ الشيخ الآخوند كان يسافر إلى كربلاء لزيارة الإمام الحسين (ع) في أيام حياة أستاذه الشيخ الأنصاري، وفي أحد الأيّام وبعد إتمام الزيارة رأى الآخوند الأردكاني جالساً على منبر التدريس والكلّ مصغون إليه فجلس الشيخ محمد كاظم الخراساني يستمع ويصغي لما يملي الأردكاني على تلاميذه، ومن ثم ذكر مسألة للشيخ الأنصاري وأورد عليه إشكالين ثم أنهى درسه، وقد رأى الشيخ الخراساني بأنّ إشكالات الآخوند الأردكاني صحيحة ومتينة.[4]

وعندما رجع إلى النجف وحضر درس أستاذه الأعظم الأنصاري ذكر له القصّة كاملة، فقبل الأستاذ الإشكال الأول ورّد الثاني، ولكنّ الخراساني أصرّ على صحّة الأشكال الثاني وأنّ الحّق مع الأردكاني.. واستمّرت المناظرة مدّة طويلة حتى انتبه أحد الطلاب ليقول إلى صديقه: أنظر لهذا الآخوند كيف يؤيّد أقوال ذلك الآخوند. وقال طالب آخر: قرّت عيوننا بهذا الآخوند بعد ذاك الآخوند، فهكذا صار «الآخوند» لقباً ملازماً للشيخ محمد كاظم الخراساني حتى كاد يطغى على الاسم.[5]

دراسته

أكمل الشيخ دراسة المقدّمات في مدينة مشهد المقدسة، ثمّ ذهب في سنة 1277 هـ إلى مدينة سبزوار لدراسة الحكمة والفلسفة، وبقي فيها مدّة قصيرة، ثم ذهب إلى طهران لمواصلة دراسته وبقي فيها مدّة قصيرة، وفي عام 1278 هـ، سافر إلى مدينة النجف الأشرف لإكمال دراسته الحوزوية، وبعد سفر أُستاذه السيد محمد حسن الشيرازي في سنة 1291 هـ إلى مدينة سامراء التحق به، وبقي هناك مدّة قصيرة يحضر دروسه، ثمّ عاد إلى مدينة النجف الأشرف.[6]

أساتذته

لقد تتلمذ الشيخ الآخوند الخراساني على يد مجموعة من علماء عصره، في مشهد، وسبزوار، وطهران، والنجف الأشرف، وسامراء، ومنهم:

 

 

تدريسه

يعتبر الشيخ  الاخوند الخراساني من اساتذة علم الأُصول البارزين، وقد انشغل بتدريس العلوم الحوزوية مدّة أربعين سنة، وتمتاز طريقته بالتدريس بالسهولة وحسن البيان، وله أسلوب خاص بالتقريرات، حيث ينتقل من مطلب إلى آخر بسرعة، ولهذا أصبحت لدروسه شهرة واسعة بين أوساط الطلبة،[9] حتى اتجه العلماء وطلبة العلوم الدينية من جميع بلاد الشيعة إلى النجف الأشرف للحضور في حلقات درسه، حيث كان عدد الطلاب كبيرا ولم يسمع بمثل ذلك أحد حتى تلك الفترة. وقد قيل إنّ هذا العدد في آخر دورة دراسية له في الأصول كان يتراوح ما بين 1200ـ 1220 تلميذا،[10] و500 منهم كانوا من المجتهدين.[11]

تلامذته

أشهر الشخصيات العلمية التي حضرت مجلسه ودرست عنده هم:

مرجعيته

بعد وفاة الميرزا الشيرازي بدأ نجم الحوزة العلمية في سامراء بالأفول؛ واتجهت الأنظار مرة أخرى إلى حوزة النجف العلمية وزعيمها، حيث خلف الآخوند الخراساني الميرزا الشيرازي واعتبر مرجع تقليد للشيعة.[13]

نشاطه السياسي

وفي الوقت الذي كان فيه الآخوند منهمكا بأعماله العلمية وتربية الطلاب وإدارة شؤون الحوزة العلمية التي كان يتألق نجمها يوما بعد يوم، كان يتابع الأحداث السياسية في إيران متابعة دقيقة.

الحركة الدستورية

لكن ذيوع صيت الآخوند كزعيم سياسي بدأ في الفترة التي كان يمارس فيها نشاطاته الجادة في حركة الدستور. وأصبح الآخوند في مقدمة زعماء الحركة مع اثنين من المجتهدين الكبار المعاصرين له، وهما الميرزا حسين الطهراني والشيخ عبدالله المازندراني، وذلك بإرسالهم الرسائل والبرقيات للزعماء الدينيين والسياسيين في داخل إيران، واصدارهم منشورات للتوعية وكان العلامة الميرزا محمد حسين النائيني يساعد الآخوند في هذا المجال حيث ألّف كتابا عنوانه "تنبيه الأمة وتنزيه الملّة"، سعى لتبرير النظام الدستوري من وجهة نظر الشريعة الإسلامية ورفض حجج العلماء المعارضين. وقد كتب الآخوند الخراساني مقدمة لذلك الكتاب أعلن فيها أنّ أُسُس الحركة الدستورية مأخوذة من الشريعة الإسلامية الحقة.[14]

وكان الآخوند وأنصاره المرافقون له ينظرون إلى النظام الدستوري على أنّه وسيلة لوضع حد للظلم، ويرون أنّ على جميع المسلمين الاشتراك في هذه الحركة. وعندما أصبح محمد علي شاه ملكا (1324هـ/ 1907م) أرسل الآخوند له رسالة نصحه فيها ودعاه إلى الإلتزام بموازين الشريعة والعدالة والسعي في طريق تأمين استقلال البلاد. ولكن محمد علي شاه وعلى الرغم من تظاهره بتأييد الحركة الدستورية كان يريد أن يحكم البلاد بصورة ديكتاتورية.

وكانت النتيجة أن قصف المجلس النيابي وعندها صعّد الآخوند من حربه ضد الملك حتى أنّه سعى للاستفادة من قدرات الايرانيين الأحرار الذين كانوا يعيشون في اسطنبول لدعم الصراع ضد ديكتاتورية محمد علي شاه. كما أنّه أرسل برقية إلى "انجمن سعادت ايرانيان" (جمعية إسعاد الإيرانيين) التي أسسها مجموعة من الايرانيين الاحرار في اسطنبول، وذلك عندما علم أنّ محمد علي شاه ينوي رهن المجوهرات الملكية مقابل أخذه قرضا من الحكومة الروسية، وطلب منهم فيها أن يعلنوا رسميا وعن طريق سفراء الدول العظمى وصحفها أنّ حكومة إيران وبموجب المادتين 24 و25 من الدستور لا يحق لها مطلقا أن تعقد أية معاهدة أو تأخذ أي قرض الإ بموافقة البرلمان وأنّ المجوهرات الموجودة في خزينة طهران تعود إلى الشعب الإيراني الذي لن يعترف بأي قرض يعطى لمحمد علي شاه ولن يتحمل أية مسؤولية تجاه ذلك.

وبعد ذلك، طلب الآخوند من الشعب الإيراني أن يمتنع عن دفع الضرائب لجباة محمد علي شاه وأن يسعى للاطاحة بحكومته، وذلك من خلال البيان الذي وقعه هو والميرزا حسين الطهراني والشيخ عبدالله المازندراني.

كما طلب هؤلاء الثلاثة في بيان لهم الثوار المسلمين في القفقاس وتفليس والمناطق الأخرى أن يسارعوا إلى مساعدة ثوّار تبريز وأن يضعوا نهاية لديكتاتورية القاجاريين.

وتشير وثائق وزارة الخارجية البريطانية إلى اتفاق حكومتي روسيا وانجلترا في تلك الفترة على ارغام الشاه من جهة على القبول بنوع من الحكم الدستوري الشكلي بغية تهدئة الخواطر، والعمل من جهة أخرى بما في وسعهما على إبعاد علماء الدين عن ميدان النشاط السياسي.[15]

مذكرة الحكومة البريطانية والروسية إلى الآخوند

و بالفعل فقد وجهت الحكومتان مذكرة مشتركة إلى الآخوند وبقية الزعماء الدستوريين المقيمين في العراق وطلبتا منهم إيقاف نشاطاتهم السياسية. كما طلبتا من زعماء الفئات المطالبة بالحكم الدستوري في داخل إيران الالتزام بالاعتدال. وجاء في المذكرة أنّ عملية إنهاء النشاطات السياسية ستعود بالنفع على المجتهدين أنفسهم.

لكن العلماء لم يعبؤوا بهذه المذكرة التي كانت تحمل طابع التهديد لهم، وبخاصة الآخوند الذي لا يلين. ومنذ ذلك الحين، نشرت وسائل الإعلام الإنجليزية موضوعات معادية للآخوند.[16]

العزم على السفر إلى إيران

وفي تلك الأثناء، اتخذ علماء النجف بزعامة الآخوند قرارا بالسفر بصورة جماعية إلى إيران للاطلاع عن كثب على كيفية الصراع والحرب التي يقوم بها دعاة الدستور الإيرانيون وظروف المواجهة وأوضاع زعماء الحركة في داخل إيران. لكنهم عندما وصلوا إلى مدينة كربلاء قادمين من النجف أخبروا بأن قوّات السبهسالار التنكابني والسردار أسعد البختياري قد احتلت طهران وأسقطت محمد علي شاه عن العرش.

وآنذاك، أخذ بعض العلماء الذين كانوا ينظرون منذ البداية إلى الحركة الدستورية وزعمائها نظرة شك وريبة، ينحون باللائمة على العلماء الداعين إلى الحكم الدستوري أكثر من ذي قبل. وكان منهم السيد كاظم اليزدي الذي كان يسكن النجف. فقد أعلن عن مقاطعة الحركة الدستورية.[17]

مواصلة دعم الحركة الدستورية

انتقد الآخوند بشدة أعمال الزعماء السياسيين المعرضين للحركة، لكنه واصل دفاعه عن مبدأ الدستور. وأخيرا ولأجل الإطلاع عن كثب، والوقوف بوجه الانحرافات؛ فقد اتخذ الآخوند قرارا بالسفر إلى إيران برفقة عدد من العلماء.(دون مصدر)

مؤلفاته

لدى الآخوند مؤلّفات في مواضيع أصولية، وفلسفية، وفقهية منها كتب مستقلة ومنها شروح على كتب أخرى، نذكر منها ما يلي:

  • كفاية الأصول، وهو من أهم مؤلّفاته، كتاب دراسي للطلاب في نهاية المرحلة الدراسية المتوسطة في الحوزة العلمية والذي يعتبر أساسا لمنهج المدّرسين في المرحلة العالية لعلم الأصول. وقد كتب أكثر من 100 مجتهد حواشي وتعليقات على هذا الكتاب.

لدى الأخوند رسائل فقهية استدلالية في مواضيع شتى تم جمعه في مجلد واحد وطبع تحت عنوان "الرسائل الفقهية". رسالة في مسألة الإجارة من مؤلفاته الفقهية وهي غير تامة شرح مفصّل على الخطبة الأولى من نهج البلاغة إلا أنّه طبع باسم "شريعة اصفهاني" وذلك خطأ.الاجتهاد والتقليدكتاب في الوقف.

 

اغتياله

قبل يوم من مغادرته النجف الأشرف توفي الآخوند الخراساني وبشكل مفاجئ وكان هذا في 20 ذي الحجة 1329 هـ بعد إقامة صلاة الصبح وكان عمره حين وفاته 74 سنة. ولم يعتبر موته طبيعيا. وليس من المستبعد أن أذناب الإنجليز قد دسّوا السمّ في طعامه أو شرابه. وكان الشيخ عبدالله المازندراني قد أعلن في إحدى المناسبات قبل 14 شهرا من موت الآخوند بأنّ حياته وحياة الآخوند معرّضتان للخطر.[18]

 

          (( الهوامش))

1.الأمين، أعيان الشيعة، ج 9، ص

 

               الأميني، معجم رجال‌الفكر والأدب، ص 19. 2.

             الآخوند محمد كاظم الخراساني فقيه الشيعة. 3.

             الآخوند، كفاية الأصول، ص 174.

             الآخوند، كفاية الأصول، ص 18. 5.

             الأمين، أعيان الشيعة، ج 9، ص 5. 6.

             الآخوند، كفاية الأصول، ص 15. 7.

             الفتلاوي، مشاهير المدفونين في الصحن العلوي الشريف، ص 330. 8.

             نجف، علماء في رضوان الله، ص 320. 9.

             آقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 14، ص 33. 10.

             آقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 2، ص 111. 11.

             عبد الرحيم، المصلح المجاهد الشیخ محمد کاظم الخراسانی، ص 35 ــ 36. 12.

             الأمين، أعيان الشيعة، ج 9، ص 6. 13.

             الآخوند محمد كاظم الخراساني فقيه الشيعة. 14.

             الآخوند محمد كاظم الخراساني فقيه الشيعة. 15.

             الآخوند محمد كاظم الخراساني فقيه الشيعة. 16.

             النائيني، تنبيه الأمة وتنزيه الملة، ص 60 ــ 68. 17.

 کفایی، مرگی در نور زندگانی آخوند خراسانی، 1359 ش، ص 278-281.18

 

 

 

 

 

  •           إعداد 
  • حسين ال جعفر الحسيني