وهو الصحابي الثقة الجليل كميل بن زياد النخعي رضوان الله عليه ، ولد في اليمن (سنة7 هــ واستشهد سنة82هـ) وهو تابعي ومن خواص أصحاب الإمام علي (ع) والإمام الحسن (ع)، وكان في مقدمة الذين اقترحوا خلع عثمان وتنصيب الإمام علي (ع)بدلا منه ، كما كان عامل الإمام (ع) على مدينة هيت [1 ]
.
وقد قال النبي الأكرم (ص) في حقهم: "اللهم بارك في النخع"،[2] ورد أن كميل ولد سنة 12 للهجرة.[[3
يعد كميل من التابعين ومن خواص الإمام علي (ع) والإمام الحسن (ع)،[4] وكان في مقدمة الشيعة الذين بايعوا الإمام علي (ع) بالخلافة، وشهد معارك الإمام في عهده منها صفين،[5] وكان كميل صاحب سر أمير المؤمنين (ع) أيضاً.[6[
كان كميل وعمرو بن زرارة بن قيس النخعي في طليعة الذين اقترحوا خلع عثمان من الخلافة وتولي الإمام علي (ع) لهذا الأمر،[7] كما أنه كان من الرجال التسعة الذين نفاهم عثمان في خلافته من الكوفة إلى الشام.[8[
كان كميل عامل الإمام علي (ع) على "هيت"، وهي مدينة على ضفة الفرات ومن نواحي الانبار. [[9
عندما اطلع كميل أن جنود معاوية بقيادة سفيان بن عوف يريدون الهجوم على هيت، توجه بمن معه إلى قرقيسيا لمواجهة القوم، وذلك ظنا منه أنهم هناك، واستخلف 50 من قواته للدفاع عن المدينة دون أن يخبر الامام علي (ع)، فاستغل جيش معاوية ذلك، وهجموا على هيت، الأمر الذي جعل الإمام علي (ع) يستنكر عليه هذه التصرفات،[10] وقد ورد ذلك في نهج البلاغة كتاب رقم 61 منه.[11[
وبعد استشهاد الإمام علي (ع) انضم كميل إلى أصحاب الإمام الحسن المجتبى (ع)
روى كميل عن الإمام علي (ع)، والخليفة الثاني، وابن مسعود، وروى عنه عبد الرحمن بن عابس وأبو إسحاق السبيعي والأعمش. [12[
رويت أحاديث عديدة عن كميل من خلال مصادر الكتب الحديثية ، ولكن أهل السنة اعتبروه قليل الحديث، ومنهم وثقه كابن حبان وابن معين، لكن بعض مصادر أهل السنة لا تأخذ بروايته ولا تحتج به]3[1
سبب نسبة دعاء كميل اليه :
قال كميلُ بن زياد : كنت جالساً مع مولاي أمير المؤمنين ( عليه السَّلام ) في مسجد البصرة و معه جماعة من أصحابه .
فقال بعضهم : ما معنى قول الله عَزَّ و جَلَّ : فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ؟
قال ( عليه السَّلام ) : " ليلة النصف من شعبان ، و الذي نفس علي بيده إنه ما من عبد إلا و جميع ما يجري عليه من خير و شر مقسوم له في ليلة النصف من شعبان إلى آخر السنة في مثل تلك الليلة المقبلة ، و ما من عبد يحييها و يدعو بدعاء الخضر ( عليه السَّلام ) إلا أجيب ( له ) " .
فلما انصرف طرقته ليلاً .
فقال ( عليه السَّلام ) : " ما جاء بك يا كميل " ؟
قلت : يا أمير المؤمنين دعاء الخضر .
فقال : " اجلس يا كميل ، إذا حفظت هذا الدعاء فادعُ به كل ليلة جمعة ، أو في الشهر مرة ، أو في السنة مرة ، أو في عمرك مرة ، تُكْفَ وَ تُنْصَر وَ تُرْزَق ، وَ لَنْ تُعْدَم المغفرة .
يا كميل : أوجَبَ لك طولُ الصحبة لنا أن نَجُودَ لكَ بما سألت " .
روى كميل دعاء الخضر عن الإمام علي (ع) وبما أن كميل تعلم هذا الدعاء من الإمام وهومن الأدعية المشهورة والمعروفة ، ُيحَرص على قراءته المؤمنون في كل ليلة جمعة، وفي ليلة منتصف شعبان، تبعاً للروايات الواردة في فضله وأثره في تربية النفس، ولما يحتويه من المعاني الرفيعة، لأنه يزخر بالدروس العقائدية والتربوية، ويقوي في الإنسان المؤمن روح العبودية والتوجه إلى الله ع وإليكم بعض من فقرات هذا الدعاء المبارك
بسم الله الرحمن الرحيم
اَللّـهُمَّ اِنّي أَسْأَلُكَ بِرَحْمَتِكَ الَّتي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْء، وَبِقُوَّتِكَ الَّتي قَهَرْتَ بِها كُلَّ شَيْء، وَخَضَعَ لَها كُلُّ شَيء، وَذَلَّ لَها كُلُّ شَيء، وَبِجَبَرُوتِكَ الَّتي غَلَبْتَ بِها كُلَّ شَيء، وَبِعِزَّتِكَ الَّتي لا يَقُومُ لَها شَيءٌ، وَبِعَظَمَتِكَ الَّتي مَلئتْ كُلَّ شَيء، وَبِسُلْطانِكَ الَّذي عَلا كُلَّ شَيء، وَبِوَجْهِكَ الْباقي بَعْدَ فَناءِ كُلِّ شَيء، وَبِأَسْمائِكَ الَّتي مَلئتْ اَرْكانَ كُلِّ شَيء، وَبِعِلْمِكَ الَّذي اَحاطَ بِكُلِّ شَيء، وَبِنُورِ وَجْهِكَ الَّذي اَضاءَ لَهُ كُلُّ شيء،
يا نُورُ يا قُدُّوسُ، يا اَوَّلَ الاَوَّلِينَ وَيا آخِرَ الاْخِرينَ، اَللّهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تَهْتِكُ الْعِصَمَ، اَللّـهُمَّ اغْفِـرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُنْزِلُ النِّقَمَ، اَللّهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُغَيِّـرُ النِّعَمَ، اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لي الذُّنُوبَ الَّتي تَحْبِسُ الدُّعاءَ، اَللّـهُمَّ اغْفِرْ لِي الذُّنُوبَ الَّتي تُنْزِلُ الْبَلاءَ، اَللّهُمَّ اغْفِرْ لي كُلَّ ذَنْب اَذْنَبْتُهُ، وَكُلَّ خَطيئَة اَخْطَأتُها،
[14]
وصاياالامام علي عليه السلام لكميل
إن الإمام أمير المؤمنين (ع) أوصى كميلاً ببعض وصاياه، وقد ورد ملخصها في كتاب تحف العقول ومن كلامه لكميل ابن زياد
ان هذه القلوب اوعية فخيرها اوعاها احفظ عني ما اقول لك
الناس ثلاثة : عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع
اتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم فيهتدوا ولم يلجئوا الى ركن وثيق فينجوا يا كميل العلم خير من المال العلم يحرسك وانت تحرس المال والمال تفنيه النفقة والعلم يزكو على الانفاق العلم حاكم والمال محكوم عليه يا كميل سمي كل يوم بأسم الله وقل لا حول ولا قوة الا بالله وتوكل على الله واذكرنا وسمي بأسمائنا وصلي علينا يا كميل ما من علم الا وانا افتحه وما من سر الا والقائم يختمه يا كميل لا تأخذ الا عنا تكن منا يا كميل ما من حركة الا وانت محتاج فيها الى معرفة يا كميل الدين لله فلا يقبل الله من احد القيام به الا رسولا او نبيا او وصيا يا كميل انما حظيَ من حظي بدنيا زائلة مدبرة ونحظى بآخرة باقية ثابته يا كميل ان كلاً يصير الى الاخرة والذي نرغب فيه منها رضى الله والدرجات العلى من الجنة التي يورثها من كان تقيا يا كميل اللسان ينزح القلب والقلب يقوم بالغذاء فأنظر فيما تغذي قلبك وجسمك فأن لم يكن ذلك حلالا لم يقبل الله تسبيحك و لا شكرك
يا كميل انا احمد الله على توفيقي و على كل حال , اذا شئت فقم
[15]
استشهاده
وقد سجل أكثر المؤرخين استشهاده سنة 82 للهجرة،[16] ولكن ذكر الطبري ذلك سنة 83 هـ، والعسقلاني نقلا عن يحيى بن معين 88 هـ، وكان له من عمر سبعين سنة.
فقد ورد17] [: إن الحجاج طلب كميل بن زياد، فهرب منه واختفى، فمنع الحجاج عطائه من قومه، فبلغه ذلك، وقال كميل: أنا رجل كبير السن ولم يبق من عمري إلا القليل، ولا ينبغي أن أحرم قومي من العطاء، فذهب إلى الحجاج ودار بينهما كلام، ومن ذلك أنه قال للحجاج أن الإمام علي (ع) قد أخبره بأن الحجاج هو قاتِله، فأمر بضرب عنقه.]18[
يقع قبر كميل في النجف على طريق الكوفة في حي الحنانة بالقرب من مسجد الحنانة.[19]
_____________________________________________________
الهوامش :
1)ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 6، ص 179.
2) ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 1، ص 346.
3)الزركلي، الأعلام، ج 5، ص 234
4) الراوندي، منهاج البراعة، ج 21، ص 2195
(5ابن حجر، الإصابة، ج 5، ص 486
6) الزبيدي، تاج العروس ج 15، ص 668.
7)البلاذري، أنساب الأشراف، ج 5، ص 517
8)الطبري، تاريخ....، ج 3، ص 365.
9)الحموي، معجم البلدان، ج 5، ص 421.
10) البلاذري، أنساب الأشراف، ج 2، ص 473
11)الشريف الرضي، نهج البلاغة، ص 450.
12) الإصابة، ابن حجر، ج 5، ص 486.
13)السمعاني، الأنساب، ج 13، ص 68.
14)الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 5، ص 119، ج 16، ص 354
(15المجلسي، بحار الأنوار، ج 1، ص187، 189؛ ص 223، 258
16)تحف العقول، ص 171-176.
17)الإصابة، ابن حجر، ج 5، ص 486.
18)الثقفي الكوفي، الغارات، ج 2، ص 944.
19) الإصابة، ابن حجر، ج 5، ص 486.
المصادر والمراجع :
ابن الأثير، علي بن محمد، أسد الغابة في معرفة الصحابة،
ابن حجر العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة،
ابن شهر آشوب المازندراني، مناقب آل أبي طالب (ع)،
ابن سعد، الطبقات الكبرى، بيروت، دار صادر، د ت.
الثقفي الكوفي، إبراهيم بن محمد، تحقيق: السيد جلال الحسيني الأرموي، د ت.
الحموي، معجم البلدان، بيروت، دار الإحياء التراث العربي، 1399 هـ.
الحراني، حسن بن شعبة، تحف العقول، انتشارات جامعه مدرسين قم، 1404 هـ.
الزبيدي، تاج العروس من جواهر القاموس، مصحح: علي هلالي وهلي سيري، دار الفکر، بيروت، 1414 هـ.
الزركلي، خيرالدين، الأعلام قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين، بيروت، دار العلم للملايين، ط الثامنة، 1989 م.
السمعاني، عبد الكريم بن محمد، الأنساب، تحقيق: عبدالرحمن بن يحيي المعلمي اليماني، حيد آباد، مجلس دائرة المعارف العثمانية، ط الأولي، 1382 هـ/1962 م.
الشريف الرضي، محمد، نهج البلاغة، تحقيق: صبحي صالح، الطبعة الأولى، بيروت، 1387 هـ/1967.
الطوسي، رجال الطوسي، ناشر: جامعه مدرسين، قم، 1415 هـ.
الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، بيروت، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، 1403 هـ/1983 م.
العلوي، احمد، راهنماي مصور سفر زيارتي عراق، قم: معروف، 1389 ش.
المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، مؤسسة الوفاء، بيروت، 1404 هـ.
إعداد : حسين الحسيني
تدقيق : عباس اللاوندي