شهد الصحن الحسيني الشريف عصر هذا اليوم الثلاثاء (7شعبان 1436هـ) الموافق لـ(26آيار 2015م) مراسيم اختتام فعاليات مهرجان ربيع الشهادة الثقافي العالمي الحادي عشر الذي عقد تحت شعار: (الإمام الحسين رحمة ربانية ودعوة إنسانية) برعاية الأمانتين العامتين للعتبتين المقدستين الحسينية والعباسية، بحضور الوفود المشاركة في المهرجان وشخصيات دينية وأكاديمية وثقافية بالإضافة إلى حكومة محافظة كربلاء المقدسة بشقّيها التشريعي والتنفيذي الى جانب حضور عدد كبير من وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة والإلكترونية. ابتدأ الحفل بآيات من الذكر الحكيم اتلاها القارئ حسنين الحلو ومن ثم جاءت كلمة الامانتين المقدستين الحسينية والعباسية القاها سماحة الشيخ (عبد المهدي الكربلائيّ) والتي بيّن فيها قائلاً :نحن اذ نودعكم عند اخر محطة من محطات هذا المهرجان وداعَ من يعزُّ عليه فراقكم بعد استئناس وابتهاج حلّ بساحتنا بحضوركم المبارك ولكن ما يخفف لوعة الفراق ان الامل معقود بأن يتجدد التلاقي بعد عامنا هذا في شعبان مبارك قادم – ان شاء الله تعالى– ايها الاخوة والاخوات اود ان ابين لكم ما يلي : لقد اصبح من الوضاح بعد ان انجلت غيمة الشك والتوهم والريبة وبانت الحقائق بوضوح .. وهي طبيعة الصراع الذي تشهده المنطقة في العراق والدول الاقليمية الاخرى – لماذا يتركز الصراع في هذه المنطقة التي تثمل قلبَ العالم الاسلامي وقوته الكبيرة بما تملكه شعوبها وأراضيها من قدرات اقتصادية وعسكرية ولماذا تتسع رقعة الصراع ويشتد لتلتهم نيرانه دولة بعد اخرى وفي هذه المنطقة بالذات هذا اولا .. وثانياً : من هي الجهات التي تقف خلف هذا المخطط وما هي طبيعة الاهداف التي تسعى هذه الجهات لتحقيقها – ولقد وعى من له اذنٌ واعية كيف ان هذه الجهات استغلت هذه العصابات التكفيرية (داعش وقبلها القاعدة ونحن لا نعلم أي مسمى ستخترع للمستقبل حينما ينتهي دور عصابات داعش) لتنفيذ هذا المخطط ان الصراع الذي اشتد في السنين الاخيرة وان كان في ظاهره عسكريا وسياسياً الا ان الكثير من جذوره ترجع الى مناشيء فكرية ومعرفية وعقائدية .. وما كانت هذه الجهات لتجد ضالتها في تحويل الصراع العالمي الى صراع اسلامي لولا انها وجدت انحرافات فكرية ومعرفية داخل المنظومة الاسلامية الفكرية لتحولها الى صراع سياسي وعسكري.. ولقد تجلى الخطابان والمنهجان المتصارعان – منهج يمثل الظلام والحقد والإقصاء والرفض للآخر- مهما كان هذا الآخر بل استخدم ابشع الوسائل لقتل الحياة، ليس للانسان فقط بل حتى للحياة، في الجمادات حينما تعكس نبض وثقافة وحضارة الانسان- ومنهج اخر تمثل في التسامح والتعايش المبني على احترام الاخرين – مهما كان هؤلاء الاخرون- هذان منهجان وهما - منهج جاهلية يزيد واتباعه ومنهج الحسين (عليه السلام) الذي كان يمثل البقاء ونفخ الروح للاسلام المحمدي الذي اراد اماتته الجاهليون من يزيد واتباعه – والذي نريد الوصول اليه . اننا سبق ان حذرنا في العراق حيث كان هذا الصراع قد تركز داخل هذا البلد ودفع شعبه ضريبة كبيرة للتصدي لهذا المنهج الظلامي – حذرنا من ان الصراع سوف لا يقتصر على العراق بل سيمتد الى دول وشعوب اخرى ولكن لم يكن الا القليل ممن وعى ذلك وصدّق به- وها هي السنون والايام تثبت صدق ذلك التحذير حيث تشهد المنطقة – قلب العالم الاسلامي- هذا الصراع الدامي- ومن هذا المنبر – نقول- ان هذا الصراع سوف لا يتوقف عند هذا الحد – بل هو مرشح للتوسع اكثر واكثر وستكتوي بنيرانه تلك الجهات التي تغذي وتدعم وتساند هذا المنهج الظلامي الشرير- وذلك لأن الشر لا يهدأ له بال الا ان يرى كل ما حوله شرّ وظلام وقتل وتخريب وإفساد. ان اشتداد وتوسّع رقعة الصراع مع وضوح طبيعة مناشئه وجذوره تقتضي ان نختار افضل الاساليب وانجحها لتوعية الاخرين به الا وهي التعريف والتوضيح لعالمية المبادئ الحسينية وان أبعادَ وافاق القضية الحسينية غير ضيقة ومقصورة على هذه الشعوب والبلدان بل هي تمتد في كل زوايا الإنسانية وعلينا ان نخرج الى الفضاء الاوسع والارحب لهذه القضية- الى بقية الشعوب والمجتمعات وثقافاتها المختلفة ولكنها المتسعة والمتناغمة مع القضية الحسينية في فطرتها وعقلا نيتها وانسانيتها- تتضح اهمية ذلك حينما نرى ان فكر ثقافة التكفير قد وجدت اتساعا في رقعتها العالمية مستغلة مختلف الوسائل الموصلة للفكر والمعرفة لتلقى ارضية سهلة لدى الكثير من النفوس خصوصاً لدى الشباب والشابات لتحولهم الى ادوات قتل وذبح وافساد في شعوبنا وأراضينا- ومن هنا نأمل من جميع الاخوة الاعزاء – لمستقبل هذا المهرجان وغيره- ان يكون الطرح الثقافي والمعرفي والشعري والكتابة للمقالات والبحوث المركزة على عالمية هذه المبادئ ... ومحاولة التوصل لبيان عقلانية وفطرية وانسانية هذه المبادئ لكلّ العالم -. محاولين الابتعاد عن الطرح الذي نحتاج اليه ضمن زاوية ضيقة.. لا لعدم اهميتها – بل لها الاهمية ولكن مطلوبيتها تخص شرائح خاصة ليس ضمن اطار عالمية القضية الحسينية. وفي الختام تتقدم الامانتان العامتان للعتبتين الحسينية والعباسية المقدستين شكرها وتقديرها لكل الاخوة والاخوات الحضور ولكل من ساهم بانجاح هذا المهرجان من وسائل اعلامية وقنوات فضائية ومؤسسات الدولة المختلفة.. هذا واختتم المهرجان بتوزيع دروع المهرجان الى جميع العتبات المقدسة في العراق والعالم الاسلامي وايضا درع اخر الى الامانة العامة للمزارات الشيعية في العراق وايضا وزعت عدد من الدروع الى ممثلي المراجع الدين العظام وكذلك كانت هناك دروع اخرى للباحثين والكتاب المشاركين في المهرجان وايضا دروع للفائزين الاوائل في مسابقة الفلم الوثائقي الحسيني. ابراهيم العويني