أبصر الشيخ عباس القمي النور سنة 1294 هـ1877م في مدينة قم المقدسة. و الده الحاج محمد رضا القمي المعروف بالورع و التقوى بالاضافة الى إطلاعه على المسائل الدينية و إن لم يكن قد دخل السلك الحوزوي، فكان الناس يرجعون اليه في فهم القضايا الدينية و الاحكام، مما انعكس إيجابيا على شخصية ولده الشيخ عباس. اسمه : الشيخ عباس بن محمّد رضا بن أبي القاسم القمّي (١).
إسرته : كان والده الحاجّ محمّد رضا من صلحاء أهل قم وزهادهم ، وله تعلّق بحضور مجالس الوعظ والارشاد ومجالس سيّد الشهداء عليه السلام ، وكان يرجع إليه بعض معارفه لمعرفة بعض الأحكام الشرعية ، مع انّه كان يمتهن الاشغال الحرة
وأما اُمّه : كانت من النساء الصالحات وان الشيخ القمّي دائماً يذكرها بالخير ويقول: إن القسم المهم من التوفيق الذي حصل لي يعود الى امي فانّها كانت تمتنع عن ارضاعي بالمقدار اذا كانت غير طاهرة ، وكانت تسعى دائماً الى إرضاعي وهي على طهارة.
وكان يقول : إن إمي من النساء المتّقيات وكانت تمتاز بعدم تفويتها الصلاة في وقتها
موجز سيرته المباركة :
ويعد المحدث القمي من العلماء المثابرين المخلصين الذين صنفوا في التأريخ و الرجال و التراجم و علوم القرآن بالاضافة الى الاخلاق و العقائد و علم الحديث.
دراسته: انهى الشيخ دراسته الاولية وهو ما زال في مرحلة الابتدائية و الفتوة في مسقط رأسه مدينة قم المقدسة[1]، و حضر المقدمات على يد اساتذة كبار، هاجر بعدها الى النجف الاشرف ليحط الرحال فيها عام 1316 هـ و لينهل من نمير علمائها الزاخر.
وبما ان الشيخ عباس القمي كان مولعا بجمع الحديث و التعرف على رجال و محدثي مدرسة أهل البيت (ع) من هنا وجد ظالته عند الشيخ ميرزا حسين النوري ( المتوفى 1320هـ) فحضر عنده في هذا المجال. كان الشيخ القمي قد الزم نفسه بضبط الحديث الذي تلقاه من استاذه النوري و تحليله و دراسته، فلم تمض فترة حتى برزت معالم شخصيته بسبب ما توفر لديه من حافظة قوية و مثابرة وعزم شديدين، و قد تصدى في تلك الأيام لأعادة استنساخ موسوعة مستدرك وسائل الشيعة. و كان القمي يرى حضوره عند الشيخ النوري نعمة تفضل الله تعالى بها عليه، حتى انه عبّر عن شعوره ذلك بقوله: "... لقد من الله تعالى عليّ بملازمة ثقة الاسلام النوري الطبرسي فإستنسخت له مستدرك الوسائل و هي نفس النسخة التي أرسلها للطبع في ايران"
لازم الشيخ عباس القمي استاذه المحدث النوري اربع سنوات بذل خلالها جهودا كبيرة جعلته في مصاف تلامذة المحدث النوري الاوائل. عاد بعدها الى مدينة قم المقدسة سنة 1322 هـ منشغلا بالتأليف و التدريس و الوعظ و الارشاد حتى عام 1329هـ، حيث شد الرحال بعدها لحج بيت الله الحرام و زيارة النبي الاكرم (ص) ثم قفل راجعا عام 1332 الى مدينة قم، ثم هاجر بسبب الضائقة المالية و لأسباب خاصة أخرى، الى مدينة مشهد المقدسة فحط رحله هناك.
نشأته العلمية :
كانت ولادة الشيخ في وسط اجتماعي امتاز بالتديّن وحبّ العلم ، وكانت قم تمتلىء بمجالس الذكر والوعظ وقد انتشرت فيها مظاهر إقامة الشعائر الدينية ، وفتح القمّي عينيه في هذا الجو الروحي فتأثر به ، وقد نقل عنه انّه كان ضعيف البنية ولكنه كان قوي الروح وصاحب قلب مطمئن بالله عزّوجلّ ، وقد تشبعت روحه بحب الدرس وطلب المعرفة من طفولته.
ووصف في طفولته بانّه كان يتكلم ويتحدّث وكأنه رجل صاحب تجارب ومع أنه كان طفلاً ولكنّه لم تكن لديه عادات الأطفال من حب اللعب وغيره.
كما نقل انّه حينما كان يرغب اليه اقرانه أن يشاركهم في لعبهم البريء ، كان يرفض ذلك ، وحينما يصرون عليه يجيبهم بشرط أن يقصّ عليهم القصص الدينية ، وبما أن طبع الأطفال يميل الى القصة فكانوا يحلقون حوله ويقص عليهم من قصص الصالحين ، ثمّ يذكرهم بانّهم يعيشون في مكان مقدّس فهو يحتضن مرقد السيّدة المطهرة المعصومة فاطمة بنت الامام موسى بن جعفر عليهم السلام ، كما انّه مدفن جماعة كثيرة من عظماء الدين وعلماء الشيعة. ثمّ يدعوهم لترك الألعاب غير اللائقة والأعمال اللا مرضية لئلاّ يهتكوا حرمة هذا المكان المقدّس ، ثمّ يعرجون بدعوة منه الى زيارة مرقد السيّدة الطاهرة سلام الله عليها (1).
تتلمذه عند الشيخ أرباب :
وبما انّه كان متعلقاً من نعومه أظفاره بطلب العلوم الاسلامية وتحصيل المعارف الدينية ، فقد نشأ على حب العلم وأهله ، فقرأ مقدمات العلوم ، وسطوح الفقه والاصول على عدد من علماء قم وفضلائها كالميرزا محمّد الأرباب وغيره (1).
وقد أثرت شخصية استاذه فيه ، ويعتبر المؤثر الأول في نشأته العلمية ، ولذلك لم يذكر لنا التاريخ اسماً من اساتذته الآخرين في تلك المرحلة غير الشيخ محمّد أرباب. علماً انّ قم لم تكن آنذاك قد افتخرت بالحوزة العلمية الكبيرة التي فارقتها منذ زمن طويل نسبيّاً وانتقلت الى مدينة ( سلطان آباد ).
( والشيخ محمّد الأرباب من تلاميذ الميرزا الشيرازي صاحب فتوى التنباك الشهيرة رحمه الله ، وقد حضر عنده عدة سنوات ، ثمّ أكمل دراسته في النجف الأشرف ، وبقي هناك سنوات عدة ، ثم رجع الى قم وكان بها من المروجين المحققين المصنفين ) (1).
ووصِف أيضاً : بانّه كان من أعاظم علماء قم ،والواعظ الشهير ، ، وكان له الدور البارز في تأسيس الجامعة العلمية مع آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري رحمه الله ولكنه لم يعمّر في هذه الحوزة الفتية فقد توفي بعد سنة من تأسيسها ١٣٤١ هـ. ق (1).
وقد تأثّر المؤسس الحائري لوفاته كثيراً ، فخاطب عائلته ضمن تعزيته لهم بانّكم لستم وحدكم صرتم يتامى بل إنّي فقدت أخاً.
لقدعُرِف العلامة محمد ارباب استاذ الشيخ القمي بشدة الفقاهة والاجتهاد وله مقام سامي ، ورتبة عالية ، وقد سافر في اوائل شبابه الى العتبات الشريفة. وحضر عند الميرزا الشيرازي ، واستفاد منه وكانت عمدة تلمّذه في الفقه والاصول على يد الحاجّ الميرزا حبيب الله الرشتي ، والملاّ كاظم الخراساني ، وبعدما اكمل دراسته للعلوم الدينية وحصل على القوة القدسية واجيز بالاجتهاد .. عاد الى وطنه ( قم ) (1).
وقال الشيخ عباس القمّي عن استاذه الارباب وقد عنونه تحت ( محمّد بن محمّد تقي القمّي : شيخنا العالم الفاضل الفقيه المحدّث الحكيم المتكلم الشاعر المنشي الأديب الأريب ، حسن المحاضرة ، جيد التقرير والتحرير ، جامع المعقول والمنقول أدام الله تعالى بقاءه ، صاحب الأربعين الحسينية ، وشرح قصيدة « لاُم عمرو » للسيد الحميري ، وشرح البيان للشيخ الشهيد ، ورسالة في الرد على البابية ، وتعليقات وحواشي كثيرة على العلوم ، وله أشعار لطيفة في مرثية مولانا أبي عبدالله عليه السلام.
وكان حفظه الله تعالى كمحمد بن أحمد بن عبدالله البصري الملقب بالمفجع المعروف بكثرة بكائه وتفجعه على أهل البيت : اسأل الله أن يمتعنا بطول بقائه ) (1).
وذكر اسمه مع السيّد حسن متولي حرم السيّدة المعصومة سلام الله عليها والشيخ محمّد تقي البافقي والميرزا محمود الروحاني الذين جاؤوا وطلبوا بإلحاح من آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري البقاء والسكنى في قم وتأسيس الحوزة العلمية المباركة فيها ، وبعد اصرارهم وما كان من استخارته وقد كانت الآية الشريفة ( وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ) وافق على البقاء ، وتأسست بواسطة تلك المساعي الحميدة الحوزة العلمية في قم (1).
هجرته العلمية الى النجف الأشرف :
فكان من الطبيعي ان يهاجر المرحوم الشيخ عباس القمّي الى النجف الأشرف بعد ان أكمل دراساته الاولية المسمّاة بالمقدمات والسطوح في مدينة قم المقدّسة على يد مجموعة من العلماء والأفاضل.
وفي سنة (١٣١٦) هـ هاجر الى النجف الأشرف ، فأخذ يحضر حلقات دروس العلماء ، إلاّ انّه لازم خاتمة المحدّثين الشيخ حسين النوري رحمهالله وكان يقضي معه أكثر أوقاته في استنساخ مؤلفاته ومقابلة بعض كتاباته. وتحدث الطهراني ، زميل القمّي عن بداية نشوء هذه العلاقة العلمية بين العَلَمين ، حيث قال : ( وفي سنة (١٣١٦)هـ هاجر الى النجف الأشرف ، فأخذ يحضر حلقات دروس العلماء ، إلاّ انّه لازم شيخنا الحجة الميرزا حسين النوري. وكان يصرف معه أكثر وقته في استنساخ مؤلفاته ومقابلة كتاباته وكنت سبقته في الهجرة الى النجف بثلاث سنين ، وفي الصلة بالمحدّث النوري بسنتين حيث هاجر النوري الى النجف في سنة ١٣١٤ هـ ولا أزال أتذكر جيداً يوم تعرّف المترجم له على شيخنا النوري ، وأول زيارته له ، كما أتذكر ان واسطة التعارف كان العلاّمة الشيخ علي القمّي لأنه من أصحابه الأوائل ومساعديه الافاضل).
ومع أن العمر قصر في حياة الاستاذ النوري رحمه الله فلم تدم العلاقة بينهما أكثر من أربع سنوات تقريباً (2) ومع ذلك فقد كان له تأثير كبير في شخصية القمّي وبنائها ، كما صرّح هو بذلك في كتاب ( الفوائد الرضوية ) وغيره.
وبعد وفاة الشيخ النوري رحمه الله سنة 1320هـ فقد أتمّ دراسته بالحضور على المجتهدين الآخرين من اساتذة الحوزة العلمية في النجف .
وبقي يتحرك بسيره العلمي ضمن البرنامج الذي اختطه في حياة استاذه النوري ، مواصلاً مع زملائه الآخرين طريقه ، يقول الطهراني : ( بقيت الصلة بيننا نحن تلاميذ النوري وملازميه ، فقد كانت حلقات دورس العلماء والمشاهير تجمعنا في الغالب الاّ ان صلتي بالمترجم له كانت أوثق من صلاتي بغيره ، حيث كنّا نسكن غرفة واحدة في بعض مدارس النجف ، ونعيش سوية ، ونتعاون على قضاء لوازمنا وحاجاتنا الضرورية حتّى تهيئة الطعام وبقينا على ذلك بعد وفاة شيخنا أيضاً ، ونحن نواصل القراءة على مشايخنا الاجلاّء الآخرين ) (2).
وقد تخلل وجوده في النجف الأشرف للتحصيل العلمي ، سفره الى حج بيت الله الحرام وزيارة قبر النبي صلى اللهعليه وآله وسلم وأئمة البقيع عليهم السلام ، في حياة استاذه النوري رحمه الله في سنة ١٣١٨ هـ. وعاد من هناك الى ايران عن طريق مدينة شيراز من دون أن يمرّ على النجف الأشرف ، فزار وطنه قم ، وجدد العهد بوالديه وذويه ، ثمّ رجع الى النجف وعاد الى ملازمة الشيخ النوري وحصل على الاجازة منه
واستمّر الشيخ القمي بعد وفاة استاذه بمواصلة دراسته العلمية عند أساطين العلم الآخرين الى سنة ١٣٢٢ هـ فعاد فيها الى ايران فهبط الى قم وبقي يمارس أعماله العلمية ، ولم يذكر المؤرخون لحياته انّه حضر ـ بعد رجوعه من النجف الأشرف ـ عند أحد من علماء قم المقدّسة وانما اكدوا أن بعد عودته من النجف الأشرف الى موطنه الأصلي انصرف الى البحث والتأليف ويظهر مما سجّلوه عن حياته انّه وبعد عودته سنة ١٣٢٢ هـ بدأت حياته الفكرية بالانتاج.
رجوعه الى قم المقدّسة :
وقد رجع الى وطنه بسبب المرض الذي اعتراه ولازمه الى آخر عمره ، حيث اصيب بمرض (الربو) ، ولكنه لم يتمكن من منعه عن ممارسة ابحاثه ونشاطه العلمي ، بل استمر بعمله العلمي بقوة وحيوية.
وتعددت أوجه حركته بالتأليف والوعظ والارشاد والخطابة ، وبطبيعي الحال فإنه لم يكن مشهوراً في هذه الفترة من حياته ولكنه تمكن أن يفتتح أبواباً لحركته العلمية.
وفي سنة ١٣٢٩ هـ سافر الى الحج للمرّة الثانية من قم.
هجرته الى مشهد المقدّسة :
ولم يُطل بالقمّي البقاء في قم المقدّسة فما لبث ان عزم على الهجرة الى مشهد المقدّسة سنة ١٣٣١ هـ أو سنة ١٣٣٢ ، فهبط الامام عليه السلام في خراسان واتخذ منه مقراً دائماً له.
وقد ذكر انّه نزح من موطنه الأصلي بسبب بعض المشاكل التي أشار إليها في مقدمة كتابه الفوائد الرضوية حيث قال ما تعريبه ملخصاً : (حتّى كانت سنة ١٣٣٢ فخطر في ذهني أن التجأ الى الامام الرضا عليه السلام. وذلك لشدة البلايا والمحن وكثرة الهموم والغموم التي حلت بهذا الداعي وتفصيلها طويل .. ) وقيل أن سبب بقائه في مشهد انّه كان بطلب من آية الله الحاجّ السيّد حسين القمّي ، فاستجاب العلاّمة المحدّث لهذا الطلب وعزم على البقاء الدائم في هذه الأرض الطيبة
وانصرف في مشهد الى طبع بعض مؤلفاته ، وعكف على تصنيف غيرها (2).
ووفق الى حجّ بيت الله الحرام وزيارة قبر النبي الأكرم صلى اللهعليه وآله وسلم وأئمة البقيع عليهم السلام للمرّة الثالثة من مشهد (2).
وقد لمع اسم الشيخ القمّي في هذه المدينة المقدّسة وانتشر في بلدان العالم الشيعي خصوصاً بعد طبع كتابه مفاتيح الجنان، هذا الكتاب الشهير الذي ما أن وقع بيد مؤمن الا وقد نهل من معين معلوماته الدينية والعبادية في كل الايام .
كما أنّه كان لمجالس وعظه الأثر الكبير في اقبال المؤمنين وأهل المعرفة إليه وكان يرتقي المنبر في بيت آية الله السيد حسين القمّي في العشرة الاُولى من محرم الحرام للوعظ والارشاد وذكر الحسين عليه السلام.
ولم يمتهن الخطابة الحسينية ، وانّما اتخذها وسيلة لتبليغ رسالته الإلهية وقد نجح في ذلك بمقدار كبير.
كما أنه دعي الى إمامة صلاة الجماعة في أحد أروقة الحرم الرضوي على مشرفه آلاف التحية والسلام ، ولكنه انقطع ولم يستمر.
كما أنّه كان يدرس الأخلاق في ليالي الخميس والجمعة في مدرسة (ميرزا جعفر) العلمية في مشهد وكان يحضر تحت منبره حدود الألف مستمع (2).
رجوعه الى قم المقدّسة من مشهد :
ومع أنه قد قرر البقاء في مشهد الامام الرضا عليه السلام ولكنه عدل عن قراره بعد قدوم آية الله الشيخ عبد الكريم الحائري الى قم المقدّسة سنة ١٣٤٠ هـ فهاجر الى قم المقدّسة وصمم على البقاء في هذه المدينة المقدّسة بطلب من علمائها وشخصياتها.
وبدأ الحائري يرتّب الحوزة العلمية ويمدّها بالعلماء الأبرار ( فنظم من كان فيها من طلاب العلم تنظيماً عالياً ، وأعلن عن عزمه على جعلها مركزاً علمياً يكون له شأنه في خدمة الاسلام واشادة دعائمه ... فوضع العطاء على الطلاب والعلماء ، وبذل عليهم بسخاء ، وسنّ نظاماً للدارسة ، وقرر ترتيباً مقبولاً للإشراف على تعليم الطلاب وإجراء الإمتحان السنوي ... وغصت المدارس بإهاليها ، وزاد عدد الطلاب والعلماء في أوائل هجرته إليها على الألف ، وقام بأعباء اعاشتهم ، وتنظيم أدوارهم بهدوء وحكمة .
وقد شارك العلماء الافذاذ مؤسسو الحوزة العلمية فهرعوا من كل صوبٍ ومكان لمؤآزرته ومساعدته وإعانته على مشروعه الألهي الكبير خصوصاً بعد ما اشتدت المحن والبلايا بالضغوط الجائرة التي أوجدها رضا بهلوي بتطبيق علمنة البلاد الايرانية ومنع المظاهر الاسلامية بكل اشكالها حتّى انّه منع الحجاب ولبس الزي العلمائي وغيرها من الأعمال القبيحة.
وكلّما اشتدت المحنة كلما ازداد دعم العلماء للحوزة العلمية في قم ، ويبدو أن فكرة انتقال الشيخ القمّي الى قم المقدسة بعد ما كان قد عزم على البقاء في مشهد ، جاءت أثر تصاعد تلك المضايقات ، واشتداد المحن ، فان الشيخ القمّي قد كتب رسالة عن حياته وذكر فيها انه ما زال مستوطناً المشهد الرضوي المقدّس ، وكانت السنة هي سنة ١٣٤٦(3).
قال العلاّمة الطهراني : ( ولما حلّ العلاّمة المؤسس الشيخ عبد الكريم الحائري مدينة قم ، وطلب اليه علماؤها البقاء فيها لتشييد حوزة علمية ومركز ديني واجابهم الى ذلك كان المترجم له من أعوانه وانصاره ، فقد أسهم بقسط بالغ في ذلك ، وكان من أكبر المروجين للحائري ، والمؤيدين لفكرته ، والعاملين معه باليد واللسان )
فانه كان في مدينة همدان وقد سمع بالفاجعة الكبرى بهتك حرمة الحرم الرضوي وقتل المؤمنين والعلماء ، واعتقال الآيات العظام حبسهم وتهجير بعضهم ، فعجل بالمجيء الى قم المقدّسة ليرى موقف العلماء الآخرين ، ولكنه فوجىء كالباقين بالأحداث العظام والضربات المتتاليات وقتل أو حبس أو تهجير كل انسان يقف أمام مشاريع البهلوي ، مهما كان عنوانه وبالفعل فقد نفى آية الله السيّد حسين القمي (35) الى العراق ، وجرّد آية الله الشيخ آقا زادة ـ نجل آية الله العظمى الشيخ محمّد كاظم الخراساني صاحب كتاب كفاية الاصول وقائد حركة المشروطة من الزي العلمائي ، ونفى آية الله السيّد يونس الاردبيلي وآية الله الشيخ محمّد تقي البافقي الى ري سنة ١٣٤٦ هـ. ق الى أن توفي هناك في ١٢ جمادى الاولى سنة ١٣٦٥ هـ. ق وغيرهم من الأعلام فلم يطل الشيخ القمّي المكث في قم فهاجر مرّة اُخرى الى النجف الأشرف منثنياً عن عزمه الأول بالبقاء في مشهد المقدّسة.
علماً انّه عندما كان في مشهد المقدّسة فانّه كان يقضي شتاء كل سنة في النجف الأشرف ويبقى هناك حوالي ستة أشهر ثمّ يرجع الى مشهد المقدّسة فيقيم الستة الأشهر الباقية ، ولكنه بعد حادثة كوهر شاد غيّر برنامجه السكني وبقى في النجف الأشرف الى آخر عمره ، وهجر موطنه الاصلي قم المقدّسة.
أساتذته :
سبق وإن عرفت من كلام زميله العلاّمة الطهراني رحمه الله أن القمّي حضر في النجف الأشرف حلقات دروس العلماء في حياة استاذهم النوري ولكنه لازم الشيخ حسين النوري وكان يقضي معه أكثر وقته في المجالات العلمية (36) وأكد الطهراني انّه بقيت تلك الحلقات الدراسية للعلماء والمشاهير تجمعهم (37) يعني بقي العلاّمة القمّي ملازماً لدروس اولئك العلماء حيث صرح الطهراني بقوله : ( وبقينا على ذلك بعد وفاة شيخنا أيضاً ونحن نواصل القراءة على مشايخنا الأجلاء الآخرين ) (٣).
اساتذة الطهراني والشيخ القمي كلٌّ من :
١ ـ الحاج ميرزا حسين النوري المتوفى سنة ١٣٢٠ هـ.
٢ ـ السيّد مرتضى الكشميري المتوفى سنة ١٣٢٣ هـ.
٣ ـ الشيخ محمّد طه نجف المتوفى سنة ١٣٢٣ هـ.
٤ ـ الحاج ميرزا حسين بن الحاج ميرزا خليل المتوفى سنة ١٣٢٦ هـ.
٥ ـ الشيخ محمّد كاظم الخراساني صاحب الكفاية المتوفى سنة ١٣٢٩ هـ.
٦ ـ السيّد محمّد كاظم اليزدي المتوفى سنة ١٣٣٧ هـ.
٧ ـ الميرزا محمّد تقي الشيرازي المتوفى سنة ١٣٣٨ هـ.
٨ ـ شيخ الشريعة الاصفهاني المتوفى سنة ١٣٣٩ هـ.
ونظراً لتأثير استاذه النوري وتأثره في شخصيته ومنهجه العلمي يلزمنا معرفة شيء من أحواله.
اُستاذه النوري :
لقد كان أهم تحصيله العلمي والذي أثر في مستقبل حياته عند الشيخ النوري رحمه الله كما تقدمت الاشارة به ، وقد سجل هذه الملاحظة جميع المؤرخين له ، قال المدرس ما ترجمته مختصراً : ( ولازم الحاج الميرزا حسين النوري واستفاد منه كثيراً ، وفي نفس الوقت قام بمساعدات كثيرة لأستاذه المعظم في بعض تأليفاته )
ومهما تكن نوعية تلك المشاركة والمساعدات لاستاذه فلا ينقص من حظ استاذه شيء ، وانّما تعكس اهتمام الاستاذ به وتشخيصه لجوانب الميول العلمية في نفس التلميذ ، كما انّها تعكس طريقة الاستاذ في تربية تلاميذه التربية العلمية بإيجاد حالة تحسيسهم بمواقع القوة العلمية في نفوسهم وتقويتها والاشراف بنفسه على عملية النمو العملي ، كما تظهر تلك المشاركة ان هذا التلميذ كان محط اهتمام وعناية استاذه ... وتثبت انّه كانت للتلميذ ملكات وقدرات هائلة استحق بها هذا الاهتمام.
وبالفعل فإن جهود الاستاذ لم تذهب سدىً ، وانّما جاءت على أحسن ما يرام فصنعت من القمّي مؤلفاً ناجحاً وخطيباً بارعاً ، ولم يئس القمّي ذلك لأستاذه وانّما أظهر فضل الاستاذ عليه في كل مناسبة وفرت له أن يصرح بذلك فقد قال وهو يصف قربه إليه وتعلقه به ، وانّه لم يفارقه حتّى وقت ارتحاله من هذه الدنيا ما ترجمته :
(وكنت وقت ارتحاله في خدمته وكنت عنده بمنزله أولاده ، وكم كانت المصيبة مرّة ومازلت أحس بمرارتها في فمي ، ومازلت أتجرع الغصص لفقدانه )
حبّه للعلم :
امتازت مدرسة النوري (الاستاذ وتلاميذه كالشيخ القمّي والشيخ الطهراني بحب العلم وزقه الى درجة الثمالة ، وقد نقلت عن كل واحد منهم قصص تثير الاعجاب والتقدير. وقد انصرف القمّي ـ كباقي أفراد هذه المدرسة المحترمة ـ الى العلم والتأليف والتصنيف والترجمة والبحث والدرس والمقابلة وما الى ذلك ، قال زميله الطهراني : (وكان دائم الاشتغال ، شديد الولع في الكتابة والتدوين والبحث والتنقيب لا يصرفه عن ذلك شيء ، ولا يحول بينه وبين رغبته فيه واتجاهه اليه حائل)
وقال نجله الشيخ علي محدّث زاده ما تعريبه : (وكان والدي دائم الاشتغال بالكتابة ، وحتّى في حال مرضه فانّه كان يشتغل بالقراءة والكتابة في اليوم والليلة سبعة عشرة ساعة على الأقل ) (4).
ونقل عنه أيضاً انّه قال : ما تعريبه : (وكنت من أيّام طفولتي مع المرحوم الوالد وكنّا اذا خرجنا خارج المدينة فانّه يستمرّ بالكتابة والمطالعة من أول الصبح الى العشاء ) (4).
ونقل عنه أيضاً انّه كان له ولع شديد بالقراءة والكتابة لا يملّ منهما ولا يتعب حتّى انّه اذا ذهب مع بعض أصحابه الى بستان للاستجمام مثلاً فانّه وبمجرد أن ينتهي من الطعام مع أصحابه ينعزل بمكان هادىء جنب جدول ماء أو تحت شجرة ويبدأ بالقراءة والكتابة.
ونقل عن بعض اصحابه انّه كان يجلس معهم للطعام فاذا انتهوا وأرادو أن يتحدثوا قام عنهم مع قلمه وقرطاسه ويبدأ بالكتابة والمطالعة فحينما كانوا يطلبون منه البقاء معهم ليتحدثوا معه ويستفيدوا منه فكان يجبيهم : انّنا جميعاً نذهب ولكن هذه الاشياء تبقى.
ونقل عن كتاب ( پندهائي از رفتار علماء اسلام ) : أن المرحوم الحاج الشيخ عباس القمّي صاحب كتاب مفاتيح الجنان سافر مع جماعة من التجار الى سورية وقد تحدث اولئك وقالوا : انّنا كلّما ذهبنا للنزهة فانّه يبقى مشغولاً بالقراءة والتأليف ، وكلما اصررنا عليه أن يأتي معنا فكان يمتنع شديداً ، وكنّا ننام في الليل ويبقى هو يقرأ ويؤلف ... ) (5).
ومع أن الشيخ القمّي رحمه الله كان قد ابتلي بمرض الربو ( ضيق التنفس ) وكان يصعب عليه المقام والقعود أحياناً ولا يقدر أن يرفع الكتاب من الارض .. ولكن كان يشتغل ليلاً ونهاراً ولا يدع للتعب مجالاً أن يدخل الى نفسه ، وكان يبقى في أكثر الليالي يقظاً وقليلة تلك الليالي التي ينام فيها ، وكانت من عادته أن لا يضع شيئاً تحت رأسه وانما يضع يده تحت رأسه وينام. وكانت قراءته من أجل الكتابة والتأليف. وكان جيد الكتابة وسريعها ، وقد كتب كثيراً حتّى ثفنت أطراف أصابعه التي يمسك بها القلم ، ومن النادر أن لا يمسك القلم في ليلة ونهارها.
وقد حصل حبّه وعلاقته بالكتاب بحيث انّه بمجرد أن يحصل على ما مال قليل يسرع بصرفه في شراء كتاب ، وقد نقل عن الشيخ عباس القمّي انّه قال : ( في الزمان الذي كنت ادرس في قم كنت في ضائقة مالية شديدة حتّى كنت اجمع القران (5) مع القران الى ان تصير ثلاثة تومانات مثلاً فحينها اذهب من قم الى طهران مشياً على الأقدام (5) واشتري بتلك التومانات كتاباً ثمّ ارجع الى قم ماشياً أيضاً واستمرّ في دراستي ) (5) وكان المحدّث القمّي يعشق الكتاب بشكل عام ويطرب له ويرمق إليه بأريحية
ومحبة ، ولكنه كان ينظر الى كتب الشيعة وبالخصوص كتب الحديث نظرة قداسة كما سوف يأتي ذلك بمحله من هذه الرسالة.
مميزات منهج القمّي العلمي:ـ
١ ـ إنصرافه الكلي للعلم والتأليف والتصنيف والترجمة والبحث والدرس والمقابلة وما الى ذلك كما تقدم في العنوان السابق. وقد كان يشتغل سبعة عشرة ساعة في اليوم مع ما ابتلي به من مرض ، وقد أخذ هذه الصفة من سيرة استاذه الذي نقلت عنه حكايات غريبة باهتمامه العلمي واقتنائه للكتب. وانتقل ذلك العشق والحب الى التلاميذ ، فاي عشق ذلك للعلم والمعرفة توفر عند هؤلاء العظماء الذين حفظوا المذهب من الضياع والانحراف ، وأي معاناة لا قوها في سبيل العلم والمعرفة.
وعلى الدهر ـ اذا أراد ان يكون منصفاً ، وانّى له ذلك ـ أن يخلدهم على صفحات أيّامه في أعلى مراتب الفخر والاعتزاز.
تجد اولئك العظماء يواصلون سيرهم في التعلم والتعليم لرفد الانسانية بالعلوم الحقة المستقاة من آل محمّد صلى الله عليهم أجمعين ، الى آخر ساعات حياتهم في هذه الدنيا فيموت أحدهم وبيده القلم ويجاهد به ويناضل دونه ، يقول العلاّمة القمّي في ( فوائده الرضوية ) عند عدّ مؤلفات استاذه : ( ... تحية الزائر وبلغة المجاور ، وهي آخر مؤلفاته رضوان الله عليه ، ولم يمهله الأجل حتّى يتمها ، ومنّ الله تعالى عليّ باتمامها .. ) (6).
فما وقع القلم من يدي النوري الى آخر ساعة من حياته في هذه الدنيا ، فإذا جاءت سكرة الموت بالحقّ ، ولحق بالرفيق الأعلى ، وكان في مقعد صدق عند مليك مقتدر ، أخذ القلم تلميذه الفذّ الوفي المجاهد ليتم المسير ، ويواصل المشوار الذي بدأه استاذه ، فيتمم أعمال استاذه العلمية.
٢ ـ حفظ تراث أهل البيت عليهم السلام.
أ ـ فانّ لتقادم الزمن ، وبُعْد التاريخ عن مصادر الشريعة المقدسة سبّب اختفاء وضياع كثير من تلك الآثار الشريفة خصوصاً ما لحق اتباع هذه المدرسة الهادية من المحن والخطوب والمصائب الكثيرة التي سجّلها المؤرخون لتك الفترات الحرجة والمظلمة التي مرّ بها شيعة أهل البيت عليهم السلام. وقد بذل المتأخّرون وسعهم لجمع ذلك التراث العظيم الذي يعدّ الثقل الثاني كالعلاّمة المجلسي والفيض الكاشاني والسيّد عبدالله شبر والحر العاملي والسيّد هاشم البحراني وغيرهم من العظاء.
وقد جاء دور الميرزا النوري ومدرسته ليتمموا الحركة التي خطها اولئك الصالحون ، فخرجت تلك المؤلفات العظيمة كالمستدرك للاستاذ النوري وسفينة البحار للقمّي والذريعة ، وطبقات أعلام الشيعة للطهراني.
ب ـ وقد تبنت هذه المدرسة الطريقة الاُولى في أخذ الحديث بالتأكيد على ضرورة الاجازة فيه بالطرق المتعارفة حتّى للكتب المتواترة كالكتب الأربعة ، بينما تحول مبنى الفقهاء المتأخّرين الى عدم الاهتمام العلمي بهذه الطريقة ولا يرون وجود ضرورة علمية للاستجازة من أصحاب الاجازات لتواتر تلك الكتب فلا حاجة واقعية لأخذ الاجازة ، ولا أثر للاجازة في جواز العمل بتلك الكتب ، وأعتبروا الاجازة أمراً تشريفياً للبركة لا أثر له في النقل والرواية.
وبدراسة دقيقة لمجموع ما تركه القمّي من مؤلفات قيّمة تظهر هذه الحقيقة ، وليس معنى ذلك انّ المنهج العلمي للقمّي هو المسلك الاخباري بالمعنى الاصطلاحي المقابل للمنهج العلمي الاصولي ، وانّما الصحيح العكس فانّ مؤسس المدرسة كان من شيوخ واساتذة وكبار مجهتدي المنهج العلمي الاصولي ولكنه اهتمّ بتراث أهل البيت عليهم السلام وبالحديث والرواية ولا تعارض بينهما.
وكذلك القمّي فانّه تبع استاذه بمنهجه الاصولي المهتم بالأخبار والحديث والروايات ، ولشدة تعلقه واهتمامه بالحديث صار اطلاق لقب ( المحدّث ) و ( العلاّمة المحدّث ) منصرفاً إليه.
قال المدرس عن القمي مامفاده: ( .. كان من أفاضل علماء عصرنا الحاضر ، وكان عالماً فاضلاً كاملاً محدثاً متتبعاً ماهراً ،
مؤلّفاته :
١ ـ الأنوار البهية في تاريخ النبي وآله عليهم السلام. مجلد واحد باللغة العربية ، طبع عدّة مرّات.
٢ ـ الآيات البينات في أخبار أمير المؤمنين عليهالسلام عن الملاحم والغائبات (6).
٣ ـ بيت الأحزان في مصائب سيدة النسوان. عربي ، طبع مرّتين.
٤ ـ الباقيات الصالحات. في الأعمال والأدعية والأذكار والأوراد. طبع في حاشية كتابه (المفاتيح) وطبع أخيراً مستقلاً بطبعتين في بيروت.
٥ ـ تحفة طوسية ونفحة قدسية. أو ( رسالة مشهد نامة ) فارسي مطبوع ، وهو مختصر في شرح بناء الحرم الرضوي على صاحبه السلام وذكر أبنية الأماكن المتعلقة به مع عدّة زيارات مهمّة ومعتبرة
٦ ـ تتمة المنتهى في تاريخ الخلفاء ، وهو المجلد الثالث من كتابه ( منتهى الآمال ) بالفارسية ، طبع عدّة مرّات بتصحيح نجله المرحوم الشيخ علي محدث زادة.
٧ ـ تحفة الأحباب في نوادر الأصحاب ، في أحوال صحابة الرسول وأصحاب أئمة الهدى صلوات الله عليهم بترتيب الحروف الهجائي ، مطبوع.
٨ ـ ترجمة مصباح المتهجد للشيخ الطوسي الى اللغة الفارسية ، طبع في حاشية المصباح.
٩ ـ ترجمة جمال الاسبوع للسيّد ابن طاووس الى اللغة الفارسية ، طبع في حاشيته.
١٠ ـ ترجمة المسلك الثاني من كتاب ( اللهوف في قتلى الطفوف ) للسيد ابن طاووس ـ في حاشيته ـ طبع بخط المؤلّف.
١١ ـ ترجمة ( زاد المعاد ) للعلاّمة المجلسي الى اللغة العربية وذكره المؤلّف في كتبه الناقصة التي لم يتمّها حين كتابة ترجمته لنفسه في كتاب الفوائد الرضوية (6).
١٢ ـ ترجمة تحفة الزائد للعلاّمة المجلسي الى اللغة العربية وهو كصاحبه المتقدم حيث لا ندري هل أن المؤلّف اتمّ ترجمة هذين الكتابين أم لا؟
١٣ ـ تتميم تحية الزائر لاستاذه النوري وقد تقدم الحديث عنه.
١٤ ـ تتميم بداية الهداية وأصل الكتاب للشيخ الاجل المحدّث الشيخ الحر العاملي صاحب كتاب الوسائل.
١٥ ـ جهل حديث : بالفارسية. طبع عدّة مرّات.
١٦ ـ حكمة بالغة ومائة كلمة جامعة. شرح مائة كلمة من كلمات أمير لشرح النصّاب للفاضل اليزدي. مطبوع.
١٧ ـ الدرّة اليتيمة في تتمات الدرة الثمينة. شرح نصّاب الصبيان ، وهو تتميم لشرح النصّاب للفاضل اليزدي. مطبوع.
١٨ ـ الدرّ النظيم في لغات القرآن العظيم مطبوع.
١٩ ـ دوازده ادعية مأثورة. مطبوع بالفارسية.
٢٠ ـ ذخيرة العقبى في مثالب أعداء الزهراء عليه السلام. عده المؤلّف في كتبه الناقصة
٢١ ـ دستور العمل. مطبوع.
٢٢ ـ ذخيرة الأبرار في منتخب أنيس التجار مطبوع.
٢٣ ـ سبيل الرشاد في اصول الدين. مطبوع.
٢٤ ـ سفينة البحار ومدينة الحِكم والآثار. وهو فهرس لكتاب بحار الأنوار لما يقصد منه على ترتيب حروف المعجم ، وذكر في كل مادة الحديث الوارد في تلك المادة اذا كان مختصراً وأشار الى مضمونه وموضع الحاجة منه اذا لم يكن مختصراً. ويذكره اذا كان فيه تحقيق لنفاسته ، ويذكره أيضاً اذا كان فيه مطلباً مهمّاً مقتصراً على لبّه وخلاصته. وكتب مختصراً من تراجم مشاهير أصحاب النبي وأئمة الدين صلوات الله عليهم أجمعين ونبذاً من أحوال المعروفين من علماء الفريقين وبعض الشعراء والادباء المعروفين عند ذكر اساميهم وانسابهم وألقابهم. وهو من أعظم مؤلّفاته وقد ( قضى في تأليفه السنين الطوال )
٢٥ ـ شرح وجيزة الشيخ البهائي رحمه الله. وهو في الدراية.
٢٦ ـ شرح الكلمات القصار لأمير المؤمنين عليه السلام المذكورة في آخر نهج البلاغة. ذكره في الكتب التامّة ولم تطبع.
٢٧ ـ شرح الصحيفة السجادية. ذكره المؤلّف في كتبه الناقصة.
٢٨ ـ شرح الأربعين حديث. ذكره المؤلّف في كتبه الناقصة. وذكر أن نسخته موجودة
٢٩ ـ صحائف النور في عمل الأيّام والسنة والشهور. ذكره المؤلّف في كتبه الناقصة.
٣٠ ـ ضيافة الاخوان. ذكره المؤلّف في كتبه الناقصة.
٣١ ـ طبقات الرجال عنونه المؤلّف بـ ( كتاب الطبقات )
٣٢ ـ طبقات الخلفاء وأصحاب الأئمة والعلماء والشعراء. وهو مطبوع مع كتاب تتمة المنتهى. وهو باللغة الفارسية. واحتمل بعضهم أن الكتاب المتقدم ، تحت عنوان ( طبقات الرجال ) لكن العلاّمة الطهراني عدّ كتاب ( طبقات العلماء ، قرناً قرناً لم يتم ) ، لما يحتمل أن المقصود من الأول كتاب ( طبقات العلماء ) وهو غير هذا الكتاب لاختلاف موضوعهما كما هو ظاهر.
٣٣ ـ علم اليقين وهو مختصر كتاب حقّ اليقين للعلاّمة المجلسي. وهو باللغة الفارسية.
٣٤ ـ الغاية القصوى في ترجمة العروة الوثقى للسيّد اليزدي من أول كتاب الطهارة الى أحكام الاموات ومن كتاب الصلاة الى مبحث الستر والساتر.
وقد ترجمه من اللغة العربية الى اللغة الفارسية.
٣٥ ـ الفوائد الرجبية فيما يتعلق بالشهور العربية ، مشتمل على وقائع الأيّام وفيه جملة من اعمال الشهور ، وذكر المؤلّف رحمه الله أن هذا الكتاب أول تصانيفه ، وقد طبع بخط يده الشريفة
٣٦ ـ الفصول العلية في المناقب المرتضية.
٣٧ ـ الفوائد الرضوية في أحوال علماء المذهب الجعفرية. مطبوع عدّة طبعات.
٣٨ ـ فيض العلاّم في وقائع الشهور وعمل الأيّام. هكذا عنونه في كتاب ( الفوائد الرضوية ) ، وقد عنونه في مقدمة نفس الكتاب المطبوع بعنوان ( فيض العلاّم في عمل الشهور ووقائع الأيّام )
٣٩ ـ فيض القدير فيما يتعلق بحديث الغدير. وهو مختصر لمجلدي غدير عبقات الأنوار للسيّد المحدّث العالم المتكلم المحقّق المدقق المؤيد المسدد محيي السنّة ، وسيف الامه ، فخر الشيعة ، وحامي الشريعة سيّدنا الأجل ، مولانا المير حامد حسين الهندي اسكنه الله بحبوحة جناته وحشرنا تحت لوائه
٤٠ ـ الفوائد الطوسية. وهو ( مجموعة شبيهة بالكشكول )
٤١ ـ قره الباصرة في تاريخ الحجج الطاهرة.
٤٢ ـ الكنى والألقاب. وهو تراجم من عرف بالكنية أو اللقب باللغة العربية وقد طبع مراراً في ثلاث مجلّدات.
وقال العلاّمة المرحوم الشيخ محمّد حرز الدين : ( .. وكتاب الكنى والألقاب في التراجم ترجم فيه علماء الفريقين بثلاثة أجزاء طبع في صيدا سنة ١٣٥٨ وهو كتاب متين جداً يعتمد عليه وهو أحسن مؤلّفاته )
٤٤ ـ كلمات لطيفة.
٤٥ ـ كحل البصر في سيرة سيّد البشر. باللغة العربية. مطبوع مراراً.
٤٦ ـ الكشكول. وهذا غير الكشكول المتقدم بعنوان ( الفوائد الطوسية ) وقد ذكرهما المؤلّف بعنوانين الأول في كتبه التي لم يتمّها والثاني بكتبه التي اتمّها.
٤٧ ـ رسالة في ( كناهان كبيرة وصغيره ) مطبوع باللغة الفارسية وهو في تعداد الذنوب الكبيرة والذنوب الصغيرة.
٤٨ ـ اللآلىء المنثورة في الاحراز والأذكار المأثورة. مطبوع.
٤٩ ـ مختصر الأبواب في السنن والآداب ، وهو مختصر حلية المتقين للعلاّمة المجلس بالفارسية. مطبوع.
٥٠ ـ مفاتيح الجنان في الأعية والأوراد والأذكار والزيارات وأعمال الأيّام والشهور.
وقد ترجم الى عدّة لغات وطبع عشرات المرّات.
٥١ ـ منازل الآخرة والمطالب الفاخرة ، وهو هذا الكتاب.
٥٢ ـ المقامات العليّة. وهو مختصر ( معراج السعادة ) للمحقّق الأوحد المولى الشيخ أحمد النراقي بالفارسية وقد كتبه على نسق كتابة والده المولى الشيخ محمّد مهدي النراقي المسمّى بـ ( جامع السعادات ) بالعربية المطبوع مراراً.
٥٤ ـ مقاليد الفلاح في عمل اليوم والليلة.
٥٥ ـ مقلاد النجاح وهو مختصر للكتاب المتقدّم.
٥٦ ـ مختصر المجلّد الحادي عشر من كتاب بحار الأنوار للعلاّمة المجلسي. والمجلد الحادي عشر في الطبعة الحجرية يقابل المجلد ( ٤٦ ـ ٤٧ ـ ٤٨ ) في أحوال ( الامام السجاد ، والامام الباقر ، والامام الصادق ، والامام الكاظم ) : جميعاً.
٥٧ ـ مختصر (الشمائل) للترمذي
٥٨ ـ مسلّي الفؤاد بفقد الاخوة والأحباب. ذكره في قسم كتبه غير التامّة.
٥٩ ـ غاية المرام في تلخيص دار السلام ، وهو مختصر دار السلام فيما يتعلّق بالرؤيا والمنام لاستاذه الشيخ النوري أعلى الله مقامه.
٦٠ ـ نفس المهموم في مصيبة سيّدنا الحسين المظلوم عليهالسلام.
٦١ ـ نفثة المصدور فيما يتجدد به حزن العاشور.
٦٢ ـ نزهة النواظر في ترجمة معدن الجواهر ، وهو تأليف الشيخ العالم الجليل والثقة الفقيه أبو الفتوح محمّد بن علي الكراجكي تلميذ الشيخ المفيد والسيّد المرتضى رضوان الله عليهم أجمعين. وطبع عدّة مرّات.
٦٣ ـ نقد الوسائل لباب وسائل
٦٤ ـ هدية الزائرين وبهجة الناظرين. وقد احتوى على زيارات الحجج الطاهرين عليهمالسلام والمقامات الشريفة وقبور العلماء التي في المشاهد المقدّسة وأعمال الشهور وأعمال الاسبوع وأعمال اليوم والليلة. مطبوع
٦٥ ـ هدية الأحباب في المعروفين بالكنى والألقاب والانساب. بالفارسية مطبوع عدّة مرّات.
٦٦ ـ غاية المنى في المعروفين بالألقاب والكنى. هكذا عنونه المؤلّف رحمهالله في مقدمة كتابه (هدية الأحباب) وعدّه تحت الرقم (٥) من كتبه غير المطبوعة ، ولعله الكتاب المتقدّم تحت عنوان ( الكنى والألقاب ـ مختصر صغير ) والله تعالى أعلم. وقد عنونه العلاّمة الطهراني ( غاية المنى في ترجمة المعروفين بالألقاب والكنى من أبناء العامّة ) (90).
٦٧ ـ هداية الانام الى وقائع الأيّام ، مختصر كتاب ( فيض العلاّم ) الذي تقدّم ذكره في مؤلّفاته.
٦٨ ـ ترجمة اعتقادات العلاّمة المجلسي. وقد طبع أخيراً في العدد الخامس من مجلة ( كيهان انديشة ) (7).
خصائصه الاخلاقية:
عُرِف المحدث القمي في عصره بأنه أحد المربين الكبار و المعلمين الاخلاقيين البارزين، و كان صادقا في الاخلاق الحسنة و الملكات الانسانية الفاضلة . حتى انه كان اذا اختار طريقا ما للسير فبمجرد ان يحصل عنده أدنى ارتياب بان هذه حركته لم تكن لله تراه يشعر بالقلق و يعود أدراجه.
ومن خصاله الاخلاقية التي لم تكن تفارق شخصيته المميزة:
ومنها ما نقله ولده الاكبر حجة الاسلام الحاج ميرزا علي حيث قال: كنت اذا خرجت مع والدي و انا صغير الى خارج المدينة أراه من الصباح الى المساء منشغلا بالكتابة و المطالعة", و قال أيضا: "سافر أبي مع مجموعة من التجار الى سورية فنقل التجار عنه أنهم كلما أرادوا التنزه و الذهاب الى الاماكن الاثرية و السياحية يرون الحاج عباس القمي منشغلا بالكتابة و المطالعة، فاذا الحوا عليه في مرافقتهم امتنع عن ذلك، و هكذا عندما يعودون تراهم يرقدون مبكراً لكن الوالد يبقى مواصلا المطالعة و الكتابة". و كان المرحوم الشيخ عباس القمي يرعى حرمة و راحة مصاحبيه في السفر و كان يوليهم رعاية خاصة حيث كان خفيف المؤنة يدخل على مرافقيه السرور من خلال اللطيفة و النكتة الحلوة و جميل الكلام و السلوك الحسن.
وكذلك امتاز بكونه نافذ الكلمة؛ لان ما يخرج من القلب يدخل الى القلب، و كان رحمه الله لا يتحدث بشيء لا يؤمن به، بل كان يعمل بعلمه قبل ان يبلغه للناس. فكان مؤثرا يدخل الى أعماق مخاطبيه فيحدث عندهم هزة شديدة و صحوة كبيرة و راسخة، حتى ان بعض المتأثرين بدرسه الاخلاقي و مواعظه الربانية يصف تلك الحالة بقوله: لقد كانت مواعظ الشيخ بدرجة من النفوذ و القوة بحيث تبقى مؤثرة في المستمع اسبوعا كاملا يراجع خلاله ما اقترفه من سيئات و ذنوب ليعالجها من خلال العبادة و الاتصال بالله سبحانه. بل ربّما تجد بعض المتأثرين به قد ارتقى قمة الكمال و الرقي الاجتماعي و الانساني ببركة استماعه لمواعظ الشيخ القمي.
وايضا كان مثابرا على صلاة الليل و احيائه و قراءة القرآن الكريم و تلاوة الادعية و الاوراد و الاذكار المأثورة عن المعصومين، يصف لنا ولده الاكبر الميرزا الشيخ علي هذه الخصلة بقوله: " لم اتذكر يوما أن والدي فاتته صلاة الليل حتى اثناء السفر". ماثل الشيخ القمي رحمه الله الشيخ الطوسي (قدس سره) في كونه لم ينشر كتابه مصباح المتهجد حتى عمل به كذلك الشيخ القمي لم ينشر مفاتيح الجنان حتى عمل به.
مراقبته لنفسه :
كان شديد المراقبة لحركاته وسكناته ويجهد أن لا يعمل عملاً إلاّ طبق رواية أو حديث شريف ورد عن المعصومين عليهم السلام.
وكان يراقب نيته التي لا يطّلع عليها أحد إلاّ الله عزّو جلّ ويحاول جاهداً أن يكون اخلاصه للحقّ تعالى في أعلى مراتب الاخلاص والانقطاع عن أحد غيره.
* وقد نقلت حادثة غريبة تصور حالة مراقبته لنفسه ونيته بشكل دقيق فقد طلب منه جماعة من المؤمنين في مشهد المقدّسة أن يصلي بهم صلاة الجماعة في مسجد كوهر شاد ، فبعد الالحاح لبى الطلب وابتدأ امامه الجماعة في احدى أواوين المسجد المتروكة ، ثمّ أخذت الجماعة بالازدياد شيئاً فشيئاً ، ولم تمض عشرة أيّام من اقامته الجماعة الى أن كان في يوم من الأيّام وبعد أن اتمّ صلاة الظهر طلب من أحد الحاضرين أن يصلي صلاة العصر ، ثمّ ذهب ولم يعد الى امامة صلاة الجماعة وعندما سئل عن السبب في انقطاعه قال : في الحقيقة انّي كنت في ركوع الركعة الرابعة فسمعت صوت أحد المصلين خلفي ينادي (يا الله يا الله ، أن الله مع الصابرين) وكان يجيء ذلك الصوت من مكان بعيد فجاء في ذهني كبر الجماعة وضخامتها فصار في نفسي نوع ارتياح غير ارادي ، وعليه فقد علمت بأنّي لست أهلاً لصلاة الجماعة .. (8).
* ونقل أيضاً : طلب بعض الخيّرين في أحد السنين من الشيخ القمّي أن يتحمل مصرف مجلس وعظ الشيخ وتعهد أن يدفع له مبلغاً مقداره (٥٠) ديناراً عراقياً وكان مصرف الشيخ آنذاك ثلاثة دنانير للشهر الواحد.
فقال الشيخ القمّي : انّي ارتقي المنبر لأجل الامام الحسين عليه السلام وليس لشيء آخر.
ولذلك فانّه لم يقبل منه شيئاً .. (8).
* ونقل عنه ابنه انه قال له مرّة عندما الفت وطبعت منازل الأخرة في قم فقد وقع الكتاب بيد الشيخ عبد الرزاق مسألةكو وكان كل يوم يشرح مسألة من المسائل الشرعية قبل صلاة الظهر في الحرم المطهر للسيّدة المعصومة سلام الله عليها.
وكان والدي المرحوم الكربلائي (9) محمّد رضا من المتأثّرين به ، وكان الشيخ بعد الرزاق يأخذ كتاب منازل الآخرة في النهار ويقرأ فيه لمستمعيه.
وفي أحد الأيّام جاء والدي الى البيت وقال : يا شيخ عباس ليتك تصير مثل الشيخ (مسألة گو) ويمكنك أن ترتقي المنبر وتقرأ في هذا الكتاب الذي قرأ لنا منه.
فأردت ولعدّة مرّات أن أقول له ان هذا الكتاب من مؤلفاتي ، ولكني امتنعت كل مرّة ولم اتكلم بشيء ، إلاّ انّي قلت له : ادعو الله تعالى أن يوفقني (9).
تقديسه لكتب الأخبار :
ذكر القمي في كتابه الفوائد الرضوية عندما تحدث عن أحوال السيّد نعمة الله الجزائري قال : ( انّه لكثرة مطالعته وكتابته أصاب عينه ضعف واستشفى بتربة قبر سيد الشهداء عليه السلام وتراب مراقد أئمة العراق عليهم السلام ، وكان يكتحل بذلك التراب فعوفي ببركة ذلك التراب الطيب) ودفعاً للاستغراب ذكر قضية الحية واستشفائها ببعض النباتات البرية ، فلا عجب أن يجعل الله تعالى الشفاء من جميع الأمراض في تربة ابن نبيه صلى اللهعليه وآله ، ثمّ نقل تجربته ، فقال ما تعريبه : ( واذا أصاب عيني ضعف نتيجة كثرة الكتابة فانّي أتبرك بتراب مراقد الأئمة عليهم السلام وأحياناً أتبرك بمس كتابة الأحاديث والأخبار ولذلك فعيني سليمة بذلك ولله الحمد ورجائي أن تكون عيني سليمة في الدنيا والآخرة ببركاتهم ان شاء الله تعالى (9).
ونقل عن ولده الشيخ محدث زاده انه قال :
( لا انسى عندما كنا في النجف الأشرف انه استيقظ من نومه صباح أحد الأيّام ـ في حدود سنة ١٣٥٧ هـ يعني بسنتين قبل وفاته ـ وقال : إن عيني تؤلمني في هذا اليوم كثيراً ، ولا أقدر على المطالعة والكتابة.
وكان متألماً جداً ولسان حاله يقول : لعلّ أهل بيت النبي صلى اللهعليه وآله قد طردوني من بابهم. وكان من عادته أن يقول ذلك أحياناً بتأثر ويبكي ).
وأضاف الشيخ محدث زاده :
( وكنت في ذلك الوقت مشغولاً بالدراسة ، فذهبت الى المدرسة وعندما رجعت في الظهر الى البيت رأيته مشغولاً بالكتابة ، فقلت له : هل تحسنت عينك؟
فقال : قد ذهب الوجع كله.
فسألته : وكيف عالجتها؟
فأجاب : توضأت وجلست قبال القبلة وأخذت كتاب الكافي وفتحته على عيني ، فزال الوجع من عيني؟
وبعد ذلك فانّ عينه لم تؤلمه الى آخر عمره ).
* وعندما كان مقيماً في المشهد الرضوي مرض ولده الصغير فأحضر له دواءاً شعبياً وضع فيه قليلاً من السكر وجيء به ليشربه وحينئذٍ وضع المحدّث القمّي اصبعاً من يده اليمنى في ذلك الشراب وحركة في داخل الاناء. فقالت له زوجته : انتظر حتّى آتيك بملعقة.
فأجابها الشيخ : كان قصدي من ذلك الاستشفاء ، لأنّي بهذه اليد كتبت آلافاً من أحاديث الأئمة الطاهرين عليهم السلام (١0).
ونقل عنه : انّه كان لا يأخذ كتب الحديث ولا يمسها إلاّ على طهارة ووضوء ، وإذا أراد أن يقرأ في كتب الأحاديث فانّه يجلس على ركبتيه متأدباً ويتوجّه الى القبلة ثمّ يبدأ بالمطالعة.
احتياطه بالرواية :
كان غالباً يأخذ الكتاب معه عندما يرتقي المنبر ليقرأ منه على المستمعين الحديث الذي يريد أن ينقله لهم ، أو يقرأ التعزية (١0).
وقد نقل عن بعض علماء طهران انّه قال : حضرت تحت منبر الشيخ عباس في بعض أيّام شهر رمضان بمشهد فقال ذات يوم خلال حديثه : انّي رأيت في المنام كأني آتي بالمفطر في شهر رمضان وفسرته بانّي قد اشتبه في نقل الحديث فأزيد وأنقص غفلة ، ولذلك اصطحبت الكتاب معي في هذا اليوم لأقرأ فيه (10).
فمع اطلاعه الواسع ومعرفته بتاريخ النبي صلى اللهعليه وآله والأئمة المعصومين عليهم السلام لكنه ولشدة احتياطه يقرأ الأحاديث والتعزية في الكتاب.
احترامه لأسماء المعصومين عليهم السلام :
وقيل انّه كان لا يذكر اسم النبي صلى اللهعليه وآله أو أحد المعصومين عليهم السلام إلاّ وهو على طهر ووضوء ويعتبر أن ذكر اسمائهم بغير طهارة ووضوء من سوء الأدب ، ويعتبر الاكتفاء بوضع علامة (ص) بعد اسم النبي صلى اللهعليه وآله ، أو (ع) بعد اسم أحد المعصومين عليهم السلام نوع حرمان من السعادة الالهية.
قال في منتهى الأمال عند ذكره أحوال الامام الصادق عليه السلام ، فنقل عن الشيخ الصدوق عن مالك بن انس ـ مؤسس المذهب المالكي أحد المذاهب الأربعة ـ في وصفه للامام الصادق عليه السلام انّه قال : ( فاذا قال ـ أي الامام الصادق عليه السلام ـ قال رسول صلى اللهعليه وآله اخضرّ مرّة واصفّر اُخرى حتّى ينكره من يعرفه) وعقب الشيخ القمّي على الخبر بما تعريبه : (تأمّل جيداً في حال الامام الصادق عليه السلام وتعظيمه واجلاله لرسول الله صلى اللهعليه وآله كيف يتغير حاله عند نقله الحديث عنه صلى اللهعليه وآله وذكره اسمه الشريف صلى اللهعليه وآله مع انّه ابن رسول الله صلى اللهعليه وآله وقطعة من بدنه : فتعلم ذلك واذكر اسم الرسول صلىاللهعليه وآله بغاية التجليل والاحترام وصلّي عليه بعد ذكر اسمه المبارك ، وإذا كتبت اسمه الشريف في مكان فاكتب الصلوات بشكلها الحروفي ولا تكتفي بالرمز والاشارة فتكون كبعض المحرومين من الرحمة الذين يكتفون برمز (ص) أو ( صلعم ) ونحو ذلك. بل لا تذكر اسمه المبارك صلى اللهعليه وآله ولا تكتبه اذا لم تكن على وضوء وطهارة ، ومع ذلك كله طلب العذر منه صلى اللهعليه وآله لأنك قصرت باداء حقّه صلى اللهعليه وآله (10)
إحترامه للذرية الطاهرة :
كان يعظم السادة من ذرية النبي صلى اللهعليه وآله ويحترمهم أشد الاحترام ، فقد نقل عنه انّه كان يتأدب أمام أي سيّد من السادة ويقدّمه على نفسه حتّى لو كان طفلاً بحيث لم ير المحدّث القمّي يوماً قد بسط رجليه أمام سيّد سواءاً كان جالساً في غرفة أو بيت أو ساحة (11).
* وذكر أيضاً : قبل وفاته بساعات جيء له بعصير تفاح ليشرب ، وكانت في منزله طفلة علوية من السادة ، فقال المحدّث : اعطوا العصير للطفلة العلوية لتشرب أولاً وبعد ذلك آتوني بالباقي.
وقد فعل من حوله ذلك فاعطوه للطفلة العلوية فشربت منه مقدراً ثمّ جاؤوا بالباقي فشربه المحدّث ، وقال انّي قصدت من وراء ذلك الاستشفاء (11).
خطابته ووعظه :
الوعظ والخطابة والارشاد من المهمات الكبيرة التي قام بها الأنبياء والأوصياء صلوات الله عليهم أجمعين ، ولكن لظروف لم تعرف اصولها ، تقلصت هذه المهمّات من مساحة التبليغ واعتبرت ضمن أعراف حوزوية معينة بانّها مهنة اُناس يحترفونها ، ولابدّ للاجلاّء من العلماء أن يتنزهوا عنها لانّها لا تليق وشأنهم ، وقد أخذت هذه الأفكار غير الصائبة تنزوي وتزول خصوصاً بعد انتصار الثورة الاسلامية المباركة حينما تصدى للخطابة والوعظ كبار العلماء والمجتهدين وعلى راسهم إمام الاُمّة ( قدس الله روحه الطاهرة ).
ونجد إيمان القمّي وتقواه وحبّه لهداية المؤمنين قد تصدى لهذه المهمّة الكبيرة من موقع الوظيفة الشرعية بدون أن يحترفها (12) ، وقد سار أثر خطى استاذه النوري رحمه الله.
وكانت لمواعظه أثرها الكبير في النفوس لأنه كان يتحدّث بما يعتقد به وبما عمل به قبل أن يتحدّث عنه (12).
وقد نقل عن بعض من حضر مجلسه انّه قال : لقد كان كلام الشيخ القمّي يجعل الانسان بعيداً وممتنعاً عن السيئات والأعمال والذنوب لمدة اسبوع على الأقل ويكون متوجّهاً الى الله تعالى والى العبادة (13).
* ونقل عن بعض علماء النجف : كانت طريقة الشيخ عباس عندما يرتقي المنبر ويبدأ حديثه ينقل في البداية الخبر ثمّ يذكر سند الحديث ورجال السند ثمّ يتحدّث عن حياتهم وحالهم في الوثاقة وغيره ، فإذا وصل به الحديث الى المعصوم عليه السلام فانّه يتغير ويتخيل السامع انّه يرى المعصوم عليه السلام رأي العين.
* ونقل عن أحد كبار علماء مشهد في وقته اغا بزرك الحكيم انّه كان يجب اثنين من العلماء أكثر من غيرهم أحدهما آية الله السيّد حسين القمّي والآخر الشيخ عباس القمّي وكان يقول : من يريد أن يستنير بكلام أهل البيت عليه السلام فليحضر منبر الشيخ عباس.
* وقد أدخل المؤسس آية الله الشيخ الحائري رحمه الله في ايران احياء مصائب سيّدة نساء العالمين عليه السلام في الفاطمية الثانية وكان يحضر للمنبر الشيخ عباس القمّي وكان المجلس يكتظ بالعلماء والفضلاء وطلبة العلوم الدينية وسائر الناس.
وكان في يوم العاشر لا يقرأ إلاّ المقتل ولا يتحدّث عن مصيبة سيّد الشهداء عليه السلام ومظلوميته. وكان يضج المجلس بالبكاء ويبكي العلماء والفضلاء بكاءاً شديداً.
* وكان لا يصرف على نفسه من (سهم الامام عليه السلام) ، وكان يقول انّي لا استحقه.
* وكان أحد الأشخاص من تجار طهران يقدم له مبلغاً متواضعاً من المال الى آخر عمره ، وكان هو يقتصد جداً بمعيشته. وقد جاءه في أواخر عمره شخص من همدان الى النجف الأشرف والتقى به في بيته ، وفي أثناء الحديث سأله عن وضعه الداخلي ، فأجابه الشيخ بكل ما هو موجود : فحينما أراد ذلك الشخص أن يخرج قدّم له مبلغاً من المال ، ولكن المحدّث القمّي لم يتقبله ، ومع شدة اصراره فانّه لم يقبله منه.
فعندما ذهب سأله ابنه الكبير : يا أبتي ، لماذا لم تقبله؟
فأجاب : أن رقبتي رقيقة وبدني ضعيف ، فلا طاقة لي يوم القيامة على الجواب ، ثمّ نقل لهم قصدة أمير المؤمين عليه السلام في ليلة التاسع عشر من شهر رمضان وبكى ثمّ أخذ بوعظ أهل بيته.
تواضعه :
قال زميله الطهراني : ( كنا نسكن غرفة واحدة في بعض مدارس النجف ونعيش سوية ، ونتعاون على قضاء لوازمنا وحاجاتنا الضرورية حتّى تهيئة الطعام وبقينا على ذلك بعد وفاة شيخنا وقد عرفته خلال ذلك جيداً ، فرأيته مثال الانسان الكامل ومصداق رجل العلم الفاضل.
وكان يتحلى بصفات تحببه الى عارفيه ، فهو حسن الأخلاق جمّ التواضع ، سليم الذات ، شريف النفس ، يضمّ الى غزارة الفضل تقىً شديداً ، والى الورع زهداً بالغاً ، وقد أنسب بصحبته مدة وامتزجت روحي بروحه زمناً ) (12).
* وكان فراش بيته من البسط العاديّة التي تمسى بـ ( گليم ).و كان زاهدا بالدنيا و هو في هذا الجانب غني عن التعريف، فكان يعيش حياة بسيطة جداً لم تخرجه عن حياة طالب علم بسيط بل ادنى رتبة. و كان يرتدي اللباس الزهيد لكنه كان يولي العطر و النظافة أهمية كبيرة. و كان يمضي عدة سنوات لا يرتدي غير لباس واحد، و لم يفكر باللباس و التجمل أبداً ولم يوليهما أهمية تذكر. كان فراش بيته البساط و كان يتحرج عن أخذ سهم الإمام. ينقل أن سيدتين من مدينة بومباي الهندية التقيتا بالشيخ و عرضتا عليه مبلغا شهريا قيمته 75 روبية الا انه امتنع عن قبول العرض، و لما اعترض عليه أحد أبنائه! ردّ الشيخ عليه: إن هذا المقدار الذي استلمه الآن لم أجد له جوابا أمام الله يوم القيامة فكيف تريد ان اثقل كاهلي بشيء لا اجد ما اجيب عنه غداً؟!".
من الملكات الروحية و السجايا الاخلاقية التي تحلى بها الشيخ هي التواضع الكبير جداً بحيث لا يرى لنفسه ميزة على الاخرين، كان متواضعا في البيت و المدرسة و في الشارع و يزداد تواضعه أمام العلماء و خاصة المحدثين منهم، و كان اذا دخل مجلساً تجنب الجلوس في صدره، و كانت علامات الصفاء و الصدق بادية على محياه و سلوكه.
و كان يتحاشى المديح و الثناء عليه و لم يسمح للغرور بحال من الاحوال ان يسلك طريقه الى قلبه الشريف، و كان مع علمه الوافر و تبحره بالحديث و التأريخ و الاخبار لم يرتق المنبر الشريف بلا كتابه يصاحبه الا في حالات نادرة فكان يحدث عن الكتاب و كان عندما يرثي الامام الحسين (ع) و سائر المعصومين (ع) ينقل عن الكتاب مباشرة.
فكان كثير التواضع للآخرين كباراً وصغاراً في البيت أو في المدرسة ، وكان يظهر الاحترام والأدب لكلّ من يلاقيه في الطريق سواء كان من العلماء أو من غيرهم خصوصاً إذا كان من حملة الحديث وأخبار أهل البيت عليهمالسلام ، وكان يعدّ نفسه صغيراً أمامهم. وكان إذا دخل مجلساً لا يجلس في صدر المجلس أبداً ، ولا يقدّم نفسه على الآخرين. وكان يحذر جداً من الزهو والاعتداد بالنفس ، أو يأخذه الغرور.
فكان أصحابه يحبونه كثيراً لحسن خلقه وسلوكه وتعامله اضافة الى تقواه وزهده وغير ذلك من الصفات الجميلة التي اجتمعت في شخصيته (13). نكران الذات :
ومن تلك القضايا نقل ولده عن المرحوم سلطان الواعظين الشيرازي ـ مؤلف كتاب ( شبهاي بيشاور )(ليالي بيشاور وهو كتاب مناظرات قيم مع علماء الهند ـ انّه قال : في بداية انتشار كتاب مفاتيح الجنان ، كنت في سرداب الغيبة في سامراء وكان بيدي الكتاب ازور به فرأيت شيخاً جالساً مشتغلاً بالذكر وكان يلبس قباءاً من الكرباس وعلى رأسه عمامة صغيرة ، فسالني الشيخ : لمن هذا الكتاب؟
فاجبته : للمحدّث القمّي سماحة الشيخ عباس ، ثمّ أخذت بمدحه.
فقال الشيخ : انّه لا يستحق ذلك ، فلا تتعب نفسك بمدحه.
فقلت : قم يا شيخ واخرج من هنا ، ولا تتكلم بعد ذلك بمثل هذا الكلام.
وكان بجنبه أحد الأشخاص فغمزني بيده في خاصرتي وقال : تأدب ، فانّ هذا هو نفسه الشيخ القمّي.
فقمت من مكاني وقبلته من وجهه واعتذرت منه واصررت أن اقبل يده ، ولكنه امتنع وأخذ يدي بقوة وقبّلها وقال : أنت سيّد (13).
وعندما كان مقيماً في المشهد الرضوي فانّه كان يرتقي المنبر في شهر رمضان المبارك في مسجد كوهر شاد ، فجاء الشيخ عباس التربتي وهو من العلماء الأبرار والروحانيين الاتقياء من مدينته التي كان مقيماً فيها وهي ( تربة حيدرية ) الى المشهد الرضوي ليستفيد في شهر رمضان المبارك من مواعظ الشيخ عباس القمّي التي يلقيها من على منبره ذلك ، وكانت تربطه بالشيخ القمّي علاقة صداقة قديمة ، فصادف في أحد الأيّام ان وقع نظر الشيخ القمّي وهو على المنبر فرأى الشيخ عباس التربتي جالساً في زاوية من المجلس الذي كان مكتظاً بالناس وهو يستمع إليه فقال عند ذلك : أيها الناس لقد شرف مجلسنا الحاجّ الاستاذ فاستفيدوا منه ، ومع زحام الناس ليستمعوا إليه فانّه نزل من المنبر وطلب من الاخوند الشيخ عباس التربتي أن يرتقي المنبر في ذلك المجلس الضخم الى آخر شهر رمضان المبارك وبعد ذلك لم يصعد الشيخ القمّي المنبر في ذلك الشهر الشريف (13).
عبادته :
كان متعلقاً بصلاة الليل والتهجد وتلاوة القرآن وقراءة الأدعية والأوراد والأذكار المأثورة عن الائمة المعصومين عليهم السلام ، فكان ملتزماً ببرنامجه العبادي طول السنة حيث يقوم من النوم بساعة قبل طلوع الفجر فيبدأ بالعبادة والصلاة ، وكان مواظباً على قيام الليل والتهجد استمرّ عليه الى آخر عمره وكان يعتقد أن أفضل عمل مستحبّ هو قيام الليل والتهجد.
ونقل عنه ابنه الكبير انّه قال : انّي اتذكر بانّه لم يفته القيام في آخر الليل حتّى في أسفاره (14).
وقال أحد أبنائه : انّه وفي احدى ليالي الجمعة في النجف الأشرف وبعد صلاة الليل أخذ بقراءة سورة ( يس ) فعندما وصل الى قوله تعالى : ( هَٰذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ ) كررها مراراً وتغيرت أحواله وهو يقول مكرراً ( اعوذ بالله من النار ) بحيث لم يمكنه أن يتمّ قراءة بقية السورة ، وبقي على ذلك الحال الى أذان الصبح (14).
وقد وصف بانّه كان في الحقيقة يعتقد ويعمل بكل ما كتبه في كتابه مفاتيح الجنان من الأوراد والأذكار والأدعية والزيارات والأعمال وغيرها.
قالوا فيه :
* قال السيّد الأمين : ( عالم فاضل صالح محدّث واعظ عابد زاهد ) (14).
* وقال العلاّمة الطهراني : ( وقد عرفته خلال ذلك جيداً فرأيته مثال الانسان الكامل ، ومصداق رجل العلم الفاضل ، وكان يتحلى بصفات تحببه الى عارفيه فهو حسن الأخلاق ، جم التواضع ، سليم الذات ، شريف النفس ، يضمّ الى غزارة الفضل تقى شديداً ، والى الورع زهداً بالغاً ...
وكان دائم الاشتغال ، شديد الولع في الكتابة والتدوين والبحث والتنقيب لا يصرفه عن ذلك شيء ولا يحول بينه وبين رغبته فيه واتجاهه إليه حائل ... ) (15).
* وقال خير الدين الزرگلي : ( باحث إمامي ، من العلماء بالتراجم والتاريخ ، مولده ووفاته بالنجف عاش مدة طويلة في طهران ) (15). وقال المدرس : ( من أفاضل علماء عصرنا الحاضر ، عالم فاضل كامل ، محدث ، متتبع ، ماهر ، وهو مقصود المؤلّف من (الفاضل المحدّث المعاصر) في هذا الكتاب ) (15).
* وقال الأميني : ( وهو من نوابغ الحديث والتأليف في القرن الحاضر ، وأياديه المشكورة على الامة لا تخفى ) (15).
و فاته: بعد مسيرة حافلة قطعها المحدث القمي من عمره الشريف في خدمة الاسلام و المسلمين و تحمل آلوان المحن و المرارة في عصره خاصة بعد المؤامرات التي حاكها رضا خان ضد المؤمنين، لبى نداء ربّه ليلة الثلاثاء المصادفة للثاني و العشرين من ذي الحجة سنة (1359هـ)ـ (1940) م في النجف الاشرف و وري جثمانه الثرى في الصحن الشريف لأمير المؤمنين (ع) الى جنب قبر استاذه الشيخ حسين النوري.[15]
[1] ناصر الشریعة، محمد حسن، تاریخ قم، ص 274، دار العلم، قم، 1345ش.
[2] واعظ خیاباني، میرزا علي، علمای معاصر= علماء معاصرون، ص 181، تحقيق عقیقي بخشایشي، نوید اسلام، قم، 1382 ش.
[3] نفس المصدر، ص181.
[4] نفس المصدر، ص 181- 182.
[5] تاريخ قم، 274.
[6] انظر: الذريعة الى تصانيف الشيعة و مجموعة مصنفات الشيخ عباس القمي اعداد مركز التحقيقات الكامبيوترية.
[7]. عقيقى بخشايشى، عبد الرحيم، طبقات مفسران شيعه، ص 854، نويد اسلام، قم، چاپ چهارم، 1387ش.
[8]. این کتاب، توسط محمد محمدی اشتهاردی، تحت عنوان «سیرت پیامبر اعظم و مهربان» به زبان فارسی ترجمه شده است؛ محمدى اشتهاردى، محمد، سيرت پيامبر اعظم و مهربان، انتشارات ناصر، قم، چاپ اول، 1385ش.
[9] الذريعة الى تصانيف الشيعة، رقم 1953.
[10]. الشيخ آقا بزرگ تهرانى، محمد محسن، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، ج 16، ص 408؛ و ج 25، ص 128، نشر اسماعيليان، المكتبة الاسلامية، قم، طهران، 1408ق.
[11] الذريعة، تحت الرقم 1302.
[12]. المصدر، ج 23، ص 9.
[13]. المصدر، ج 22، ص 245.
[14] قسم الاخلاق من هذه المقال مستل من مجلة نور العلم، الدورة الثانية، العدد الثاني، تسلسل 14، تحت عنوان "نجوم الامة 11" آية الله الحاج عباس القمي (رحمه الله) مع اضافات واصلاحات، ص24- 27. و انظر: مركز العلوم الكمبيوترية الاسلامية، برنامج المحدث القمي.
[15] انظر: مجموعة من الكتاب، گلشن ابرار، ج 2، ص 574، نور السجاد، قم،