الثلاثاء ٠٣ كانون الأول ٢٠٢٤

الشيخ العلامة خضر شلال


تاريخ الاضافة:-2021-03-03 15:19:03 | عدد الزيارات: 2893

العلامة المجاهد خضر شلال

  

من أعلام الحوزة العلمية في النجف الأشرف ومراجعها، اشتهر بالعلم والزهد والعبادة وصفاء النفس.
 

ولادته وأسرته
ولد العلامة الزاهد الفقيه المحقق الشيخ خضر بن الشيخ شلال بن حطاب العفكاوي(1) الباهلي (2)النجفي في مدينة عفك في حدود عام 1180 هـ / 1766 م، ونسب إليها.

 

النشأة العلمية
هاجر الشيخ خضر شلال من عفك إلى مدينة النجف للالتحاق بالحوزة العلمية، وتلقى العلم على علمائها والتلمذة على شيوخها المعروفين في زمنه، فدرس فيها حتى أكمل العلوم العربية وحضر الدروس العالية على مشايخ عصره، ومن أشهر أساتذته:
1
ـ السيد محمد مهدي الطباطبائي المعروف بالسيد بحر العلوم (1155ـ 1212 هـ) الذي أصبح صاحب سره.
2
ـ الشيخ جعفر الكبير صاحب (كشف الغطاء) (1156 هـ – 1228 هـ)والذي أصبح من أجل تلاميذه .
3
ـ الشيخ موسى ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء(1180ـ 1241 هـ(
4
ـ الشيخ علي ابن الشيخ جعفر كاشف الغطاء(1253 هـ(
5
ـ الشيخ موسى آل محبوبة(3(
6
ـ الشيخ علي آل محبوبة.

 

تلامذته
وقد تتلمذ عليه العديد من الأعلام منهم:
1
ـ الشيخ عبد الكريم الكرماني النجفي، وحصل منه على إجازة علمية في جمادي الأولى عام 1247 هـ .
2
ـ السيد محمد بن الحسين بن محمد رضا التنكابني(4(
3
ـ السيد علي ابن السيد إسماعيل الغريفي الموسوي البحراني(ت 1246هـ)(5(
4
ـ الشيخ حسن بن الشيخ أحمد بن الشيخ محمد المحسني الأحسائي الفلاحي( 1213 1272 هـ )(6(

 

أقوال العلماء فيه
وقد عرف الشيخ خضر شلال بتقواه وزهده وكان يتمتع بالصفاء والبساطة، وقد نسبت إليه كرامات عديدة،

وقد ذكر أنه كان من العلماء المجتهدين المقلَّدين وأشارت المصادر إلى علميته وفقهه، وزهده وعبادته، كثير الأُنس بمسجد الكوفة.
وفي دار السلام فيما يتعلق بالرؤيا والمنام للميرزا النوري وصفه بـ: (الشيخ المحقق الجليل والعالم المدقق النبيل صاحب الكرامات الباهرة المعروفة كان من أعيان هذه الطائفة وعلمائها الربانيين الذين يضرب بهم المثل في الزهد والتقوى واستجابة الدعاء)(7(

 

يقول السيد الأمين في الأعيان: (كان عالماً فقيهاً زاهداً ورعاً تنسب إليه كرامات، ومن أجلّ تلاميذ الشيخ جعفر صاحب كشف الغطاء له كتب قيمة ومتنوعة توفي سنة 1255 هـ)(8(
قال عنه الشيخ حرز الدين في المعارف :(العلاّمة العابد والتقيّ الزاهد الورع، وممّن يُستسقى به الغمام إذا منعت السماء قطرها . حريٌّ بأن يُوسَم بمعجز الشيعة وحافظ الشريعة . وروى الكثيرُ عنه الكرامات وصفات عالية

 

يقول الشيخ الطهراني :

(أنه كان من أهل التقى في عصره وأبرزهم في الزهد والصلاح وسلامة الباطن)(9(
ويقول الشيخ محبوبة :

 (كان عالمًا عاملًا فقيهًا أصوليًا ثقة عدلًا صادقًا صافي القلب خيّرًا ديّنًا ورعًا زاهدًا عابدًا )  (10(
يقول الشيخ عباس القمي : (أنه عالم فاضل جليل وفقيه نبيه نبيل ومحدث ماهر(11(
مؤلفاته:

 

أثرى الشيخ خضر شلال المكتبة العلمية بالعديد من المؤلفات، والتي تكشف بصورة واضحة عن المقام العلمي الذي كان يتمتع به في مدرسة النجف الأشرف في القرن الثالث عشر الهجري (12( وهي كمايلي:
أولًا : الفقه والأصول
1) التحفة الرضوية في شرح اللمعة الدمشقية وقد وصل في شرحه إلى كتاب الحج(13)
2) رسالة في عمل المقلِّدين .
3
)رسالة في الفقه .
 
4)عصام الدين : ذكره في إجازته للشيخ عبد الكريم الكرماني عام 1247 هـ
5) كتاب سحر الإمامية(14(
6) كتاب معجز الإمامية
7) مصباح الحجيج
8) مصباح الرشاد
9) مصباح المتمتع في مناسك حج التمتع
10) مختصر شرح اللمعة من أول الطهارة إلى تمام الصلاة

 

ثانيًا : علم الكلام وأصول الدين
1) جنة الخلد في أصول الدين وفروعه وهو رسالة عملية (15)
2 ) كتاب المعجز

 

ثالثًا: الأدعية والزيارات
 1) أبواب الجنان وبشائر الرضوان، وهو في الزيارات وأعمال السنة وسائر الإحراز والأدعية ويعرف باسم (مزار الشيخ خضر شلال) وقد رتبه على مقدمة في فضل مكة وسائر المشاهد وأبواب ثمان تشبيهًا الكتاب بالجنان وترغيبًا في اتخاذه جُنَّة عن النيران وقد تفرع من كل باب عدة فصول وفرغ منه في شعبان عام 1242 هـ (16)
2) كتاب الأدعية، أو مجموعة الأدعية .
3) هدية المسترشدين ( هدية الزائرين)
4  )نتيجة الهداية
 5 ) نجم الهداية وهو شرح على كتاب هدية المسترشدين

 

ذريته
لم يُعقّب بعده إلا بنتاً واحدة تزوّجت السيد سلمان بن هاشم الرفيعي، وأنجبت منه: السيد عزيز، والسيد كريم، والسيد هاشم، وكل واحد من هؤلاء له أولاد.

 

وفاتــــــــه
وتوفي الشيخ خضر شلال  وقد ناهز الثمانين سنة في مدينة النجف الأشرف عام 1255 هـ / 1839 م . وقد دفن فيها، يقول صاحب كتاب( ماضي النجف وحاضرها عن قبره: (وله مرقدٌ ظاهرٌ مشهور يُزار ويُتبرّك به عند ابتداء شارع السلام مقابل مدرسة الحاج ميرزا حسين الخليلي الكبيرة يقرأ له الفاتحة الرائح والغادي.
وكان قبره مشهوراً ومعروفاً ويُزار في (محلة العمارة )بداره الكبيرة في غرفة منها مطلة على الشارع المعروف بشارع السلام، إلا أنهُ حين نُفّذ مشروع مدينة الزائرين (عام1409 هـ/ 1989م) هُدم قبره، ثم نقل رفاته إلى وادي السلام، وشيدت مقبرة جديدة له(18)

بعض كراماته:
هناك قصة تبين كرامة للشيخ خضر (رحمه الله)

وهي ان النجف الأشرف اشتكت سنةً من الجدب والجفاف فلجأ الناس إلى كبير علمائهم في عصره وهو العلامة الشيخ خضر شلال، فاستجاب لهم وأمرهم، أن يخرجوا كباراً وصغاراً نساء ورجالاً، للتوسل إلى الله سبحانه وطلب الغيث، وقد تقدمهم الشيخ خضر داعياً مبتهلاً متضرعاً ،ولكن الأمر جاء على عكس ما يريده الجميع حيث إنه كان قبل الاستسقاء سحاب قليل متفرق هرب كله عندما خرج الناس للاستسقاء فضحك المرجفون واستهزأ المستهزئون ورددوا ساخرون في ذلك:

( طلع شيخنا يلتمس .. راح الغيم وجتنا الشمس) .. فعندها غضب الشيخ فهتف فيهم معلناً : يا أهل المحلة أدخلوا مساكنكم فدخلوا وبقي وحده داعياً وما هي إلا دقائق معدودة حتى هطل الغيث كشلال الماء المنحدر من شاهق ولهذا سمي الشيخ خضر شلال وأزهق عند ذلك المبطلون وأعلى الله كلمة المؤمنين، لأن الله يدافع عن الذين آمنوا وأصبح مرقده بعد وفاته مزاراً لكل شارد ووارد. وقال الشيخ الطهراني في أعلامه: (وتحدّث أُستاذنا الحجّة المجاهد شيخ الشريعة الأصفهاني المتوفى سنة 1339هـ مرّةً فقال : كنت في أيّام دراستي ضعيف الحال وإذا احتجتُ إلى مراجعة كتاب لم أتمكن من شرائه أذهب إلى شيخنا الأُستاذ الفقيه الأكبر الشيخ محمد حسين الكاظمي صاحب :البغية فأستعيره منه . فاتفق مرَّة أن احتجت إلى بعض الكتب وكان الوقت بعد الظهر وفي أيّام الصيف فقصدت دار الأُستاذ فلمّا مررت على مقبرة الشيخ خضر فكّرت في الأمر وخشيت أن يكون الشيخ الأُستاذ نائماًفوقفت عند القبر وقرأت سورة ياسين رجاءَ أن يفوت الوقت قليلاً ولئلاّ يكون رواحي في ذلك الوقت مزعجاً للشيخ . ولمّا انتهيت منها ذهبت إلى دار الأُستاذ فطرقت الباب ولم يجبني أحد فتأخّرت قليلاً ثمّ طرقتها من جديد وإذا بالشيخ الأُستاذ نفسه وبيده الكتاب الذي أنا طالبه فاستغربت الحالة وقلت للشيخ : مَن أعلمك أنّي على الباب ؟ ومَن قال لك إني أُريد هذا الكتاب ؟ فقال : كنت نائماً فرأيت الشيخ خضر العفكاوي في عالم الرؤيا فقال لي : سيجيئك فلان وهو بحاجة إلى الكتاب الكذائي فقم وهيئه له  فانتبهت وذهبت إلى المكتبة فأحضرت الكتاب ، ولمّا طرقت الباب في المرّة الأُولى كنتُ أُفتّش عنه بين الكتب  فذهلت ونقلت له ما كان من أمري مع الشيخ أعلى الله مقامه) ثم يقول الشيخ الطهراني:(ولا تزال مقبرته مزاراً مشهوراً يقصد للتبرّك وقراءَة الفاتحة وهو مجرّب النذر فقراءَة الفاتحة له والإضاءَة على قبره مجرّبة لقضاء الحوائج . ومَن تعسّر عليه أمرٌ قصده فنذر له شيئاً من قراءَة القرآن أو غيره وسرعان ما يسهل أمره وتقضى حاجته) 19)

كرامته عند اندحار قوات ابن سعود الوهابي عن النجف الاشرف :

في سنة 1217 للهجرة 1812م، أغارَ(20) عبد العزيز بن سعود الوهّابي على مدينة كربلاء وعاثَ فيها فساداً، ثمّ توجّه إلى النّجف الأشرف، فلمّا بلغ أهلَها نبأُ مسيره إليهم، نقلوا من فورهم خزانةَ الأمير عليه السّلام إلى بغداد خوفاً عليها من النّهب كما نُهبت خزانةُ الحرمِ النّبويّ، ثمّ أخذوا بالاستعداد له، وكان القائم بهذا العبء الشّيخ جعفر كاشف الغطاء، فأخذ بجمع السّلاح وبجلب ما يُحتاج إليه في الدّفاع، فما كانت إلّا أيّام حتّى وردَ الوهّابي بجنوده وعسكرَ قريباً من النّجف، عازماً على مهاجمتها من غد.

وكان الشّيخ رحمه الله قد أغلق الأبواب، وجعل خلفَها الصّخور والأحجار، وعيّن لكلّ بابٍ عدداً من المقاتلة، وكان جميعُ مَن في البلدة من المقاتلة لا يزيدون على المائتَين، بينهم ثلَّة من مشاهير العلماء، كالشّيخ حسين نجف، والشّيخ خضر شلال، والسّيّد جواد العاملي، وقد ذكر الحادثة لاحقاً في كتابه (مفتاح الكرامة).

ثمّ إنّ الشّيخ خضر شلال وأصحابه وطَّنوا أنفسهم على الموت لقلَّتهم وكثرة عدوّهم،  فذهب الشيخ خضر الى مرقد الامام علي عليه السلام وزار ودعا الله تعالى  ان يكفيهم شر الوهابيين وقال مقولته المشهورة امام الامام علي عليه السلام  المعروف انك ياعلي حامي الحمى والناس تلتجىء اليك لتحميهم من اعدائهم ، وهؤلاء الوهابيين يريدون تهديم قبرك وازالة اثره ، فهل تقبل ذلك فنحن لانحميك وبل انت من تحمينا ونحن نلوذ بك من اعدائنا وكذلك بقية العلماء امنوا على دعائه ،فاستغاثوا بأمير المؤمنين عليه السّلام، واستجاروا به صلوات الله عليه، فأجارَهم وهزمَ المنافقين وشتّت شملَهم ولما خرج من المرقد المقدس سمع جلبة خارج السور وضرب وقتل وصياح وماهي الا سويعات حتى انجلى الفجر وخرج العلماء الى وراء السور فأذا بهم يجدون مقاتلي الوهابية مجدلين وممزقين اشلاء في ارض النجف  وقد قطعوا من اوساطهم او من رؤوسهم الى  خمص قدميهم فعلموا ان هذه الضربات لايجيدها سوى ابا الحسن علي بن ابي طالب عليه السلام  وهذه كرامة للشيخ خضر شلال بخروج الامام علي للدفاع عن قبره الشريف وارض الغري المقدسة من دنس الاعداء من الوهابية الارجاس ،فقد حما النجف واهلها من اعتداء الوهابية الاوباش ،  ولما رأى بن سعود اتباعه قد قتلوا شر قتلة ، قفل خائباً منهزماً بعسكره.

 

الهوامش والمصادر:

1)العفكاوي نسبة إلى عفك
(2)ينتسب ابن شلّال إلى آل خدام ، كماينقل صاحب أعيان الشيعة:


(3) ذكر محبوبة في ماضي النجف أن صاحب الحصون قال بأنه حضر على الشيخ موسى ومن بعده على أخيه الشيخ علي.
(4)
راجع: مستدرك أعيان الشيعة، السيد حسن الأمين ج3:250،

 وتراجم الرجال للسيد احمد الحسيني، ج1 : 502
(5)راجع: الأمين، السيد محسن،أعيان الشيعة ج8 :167، دار التعارف بيروت.
(6)
الشيخ حسن بن الشيخ أحمد بن الشيخ محمد المحسني الأحسائي الفلاحي (1213 – 1272هـ)


(7) راجع: أعيان الشيعة ج6:322ص
(8) الأمين، السيد محسن، أعيان الشيعة، ج6: 321
(9)الطهراني : طبقات أعلام الشيعة الكرام البررة 2 / ق / 494
(10)محبوبة : ماضي النجف وحاضرها 2 : 264
(11)القمي : الفوائد الرضوية ص 168
(12)راجع: محبوبة : ماضي النجف وحاضرها 2 : 266 .
(13)
(الأمين : أعيان الشيعة:6:322
(14) ذكره آل محبوبة في ماضي النجف وحاضرها.
(15)
ذكر هذا الكتاب عمر كحالة في معجمه، كما ذكره آغا بزرك الطهراني في ذريعته

(16)الذريعة ج 13 ص 258

 (17)قال السيد الأمين في الأعيان انه تجاوز السبعين، وكذلك الشيخ محبوبة.
( 18)
ذكر علي محمد دخيّل في كتابه : نجفيات المطبوع في بيروت 1414 ه‍ في ص : 160 – 161 معجزة جسمه الطري بعد مئة وخمسين عاما من دفنه.

 (20) مفتاح الفلاح ، جواد العاملي

 

إعداد

حسين ال جعفر الحسيني