الأحد ٢٤ تشرين الثاني ٢٠٢٤

الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في ٥/شوال/١٤۳۸هـ الموافق ۳٠ /٦ /۲٠١۷م :


تاريخ الاضافة:-2019-12-23 13:39:29 | عدد الزيارات: 1356

اطرح على مسامعكم الكريمة الامرين التاليين: الأمر الاول: اضاف مقاتلونا الابطال الذين يخوضون غمار معركة الموصل نصراً مميزاً آخر الى سجل الانتصارات العراقية الكبيرة، فبعد مضي ما يزيد على تسعة اشهر من القتال الضاري وفي ظروف قاسية ومعقدة جداً فرضتها عوامل عديدة ومن أهمها احتماء العدو بالمدنيين وجعلهم دروعاً بشرية تكللت جهودهم وجهادهم بتحقيق حلقة مهمة اخرى من حلقات انتصار العراقيين على الارهابيين الدواعش. وبهذه المناسبة نتقدم بالتهنئة والتبريك الى هؤلاء الابطال الميامين في انجازاتهم الرائعة وانتصاراتهم المهمة شاكرين لهم – قادة ً ومقاتلين- جهودهم العظيمة وتضحياتهم الجسيمة في سبيل تحقيقها مترحمين على شهدائهم الابرار وداعين لجرحاهم الاعزاء بالشفاء العاجل. ونود ان نؤكد على ان صاحب الفضل الاول والاخير في هذه الملحمة الكبرى التي مضى عليها الى اليوم ثلاثة اعوام هم المقاتلون الشجعان بمختلف صنوفهم ومسمياتهم من قوات مكافحة الارهاب والشرطة الاتحادية وفرق الجيش العراقي البطل والقوة الجوية وطيران الجيش وفصائل المتطوعين الغيارى وابناء العشائر العراقية الاصيلة ومن ورائهم عوائلهم وأسرهم ومن ساندهم في مواكب الدعم اللوجستي، انهم هم اصحاب هذه الملحمة العظيمة التي سطروها بدمائهم الزكية وتضحياتهم الكبيرة وهم الأحقُ من الاخرين أياً كانوا برفع راية النصر النهائي عند انجازه قريباً بإذن الله تعالى بتحرير بقية المناطق التي ما زالت تحت سيطرة عصابات داعش الاجرامية. اكرر: انهم هم اصحاب هذه الملحمة العظيمة التي سطروها بدمائهم الزكية وتضحياتهم الكبيرة وهم الأحقُ من الاخرين أياً كانوا برفع راية النصر النهائي عند انجازه قريباً بإذن الله تعالى بتحرير بقية المناطق التي ما زالت تحت سيطرة عصابات داعش الاجرامية. ان مسيرة السنوات الثلاث الماضية تكشف بوضوح عن ان الاعداء ان تمكنوا من تحقيق اهدافهم الخبيثة في اجزاء من ارض العراق الطاهرة لبعض الوقت فان الشعب العراقي بما يحمله من مبادئ وقيم وما يجري في عروق ابنائه من رفض للضيم والذل لن يدعهم يهنؤون بذلك بل يبذلون الغالي والنفيس – ولا اغلى وأنفس من دمائهم الزكية وارواحهم الطاهرة- في سبيل الذود عن الارض والعرض والمقدسات. لقد اثبتت الاعوام الثلاثة اصالة الشعب العراقي واستعداده العالي للتضحية والفداء في سبيل كرامته وعزته متى دعت الحاجة الى ذلك، وان له رصيداً من الرجال الاشداء والنساء الغيورات ما يطمئن معه بتمكنه من تجاوز المحن والمصاعب والازمات التي تعصف بالبلاد وعلى الجميع ان يقف الى جانبه لتحقيق ما يصبو ويسعى اليه من مستقبل ينعم فيه بالأمن والرخاء والتقدم والازدهار ان شاء الله تعالى. الأمر الثاني: نتحدث عن منظومة التعايش الاجتماعي السليمة والصحيحة في مجتمع متعدد الانتماءات المذهبية والدينية... كما تعلمون ايها الاخوة والاخوات يعيش مجتمعنا والكثير من المجتمعات الاسلامية الاخرى ظاهرة تعدد وتنوع الانتماءات الدينية والمذهبية ضمن الوطن الواحد.. ولا شك ان هذا التنوع نابع من الاختلاف في المنظومة العقائدية والاجتماعية والسياسية والثقافية لكل هوية مذهبية ودينية وهذا الاختلاف في المنظومة قد ينشأ عنه بعض الامور السلبية التي نحتاج الى معالجتها، هذا الاختلاف قد يؤثر على الانسجام الاجتماعي والتقارب الاجتماعي وطبيعة العلاقات الاجتماعية في المجتمع ضمن الوطن الواحد، وقد يؤثر بالنتيجة على سلمية التعايش الاجتماعي..والذي اذا لم يعالج قد يقود المجتمع ضمن الوطن الواحد الى الصراع المذهبي والديني.. وهنا نحتاج الى وضع منظومة فكرية وثقافية واجتماعية وسياسية نتلافى من خلالها هذه الاثار السلبية التي تنتج من هذا الاختلاف.. هناك ثلاث مواصفات لابد منها حتى نتمكن من المعالجة: 1- كلما كانت المنظومة العقائدية والاجتماعية والثقافية العامة والسياسية اقرب الى العقلانية والفطرة السليمة في نظرة كل مذهب ودين، هذه المنظومة الفكرية الثقافية لهذا المذهب ولهذا الدين..نظرتها العقائدية الى الاخرين من اصحاب المذاهب والديانات الاخرى كلما كانت اقرب الى العقلانية والفطرة السليمة كلما امكننا ان نعالج هذه الاثار السلبية.. 2- القادة ومن يمسكون بزمام الامور كلما كانوا اكثر نضجاً وعقلانية واقدر على ادارة العلاقات الاجتماعية بين اتباعهم واتباع المذاهب والديانات الاخرى كلما امكننا ان نتوصل الى تعايش اجتماعي يضمن لنا سلمية هذه العلاقات الاجتماعية.. 3- كلما كان هناك حرص على سلمية هذا التعايش وابعاده عن مخاطر العنف والصراع كلما امكننا من خلال هذه العوامل الثلاثة ان نصل الى تعايش اجتماعي نضمن منه قوة ورصانة وتماسك هذه العلاقات بحيث نطمئن الى ان المجتمع يبتعد عن أي صراع ديني ومذهبي.. نأتي الان الى المنظومة الاسلامية كيف تعاملت مع هذا التنوع والاختلاف ضمن الوطن الواحد؟ لقد اخذت المنظومة الاسلامية وتعاملت بنقطتين: الاولى:تعاملت على ان هذا التعدد والتنوع كواقع حال لا محيد عنه ولا محيص فلا ان تعيش وان تقيم علاقات اجتماعية ضمن الوطن الواحد. ثانياً: قننّت مجموعة من النظم الاجتماعية والفكرية والثقافية والسياسية.. التفتوا الى هذه المضامين.. نحن بحاجة ضرورية مهمة اليها في بلدنا وستلتفون ان الكثير من الاثار السلبية ترتبت بسبب عدم الالتزام بهذه المنظومة في بلدنا وبعض البلدان الاخرى.. حيث ان المنظومة الاسلامية شرّعت مجموعة من الاسس الفكرية والثقافية العامة والاجتماعية والسياسية يُضمن من خلالها حصول تعايش اجتماعي وثقافي وسياسي بحيث يُضمن معه عدم انجرار المجتمع الى العنف المجتمعي والصراع المذهبي والطائفي والديني. ما الذي ورد الينا عن اهل البيت عليهم السلام؟ الذي ورد عن اهل البيت عليهم السلام منظومة روائية يعني هناك مجموعة روايات وردت عن طريق اهل البيت عليهم السلام نظرت الى هذا الامر وتعاملت معه على اساس المنظومة الفكرية والثقافية والعقائدية.. هذه المنظومة تضمنت كيفية التعايش السلمي في المجال الاجتماعي والثقافي والسياسي مع اتباع المذاهب الاخرى والديانات الاخرى من اجل صنع شخصية المواطن الصالح الذي يستطيع ان يقيم علاقات اجتماعية وثقافية وسياسية سليمة مع الاخرين وان اختلفوا معه في الانتماء المذهبي والديني والذي نضمن من خلال تطبيق هذه الروايات الحفظ على تماسك وقوة المجتمع وعدم انجراره الى الصراع المذهبي والديني والذي له مخاطر كبيرة وعظيمة كما سنرى ذلك من خلال هذه الروايات.. قد يرى البعض بسبب سذاجته وتعامله مع الامور بسذاجة ان هناك تناقض وتنافي بين هذه التعليمات والتوجيهات التي وردت عن الائمة عليهم السلام في رواياتهم وبين حفظ هوية الذات والاتبّاع والانتماء..اذ يقول انني اذا اتعامل بهذا الانتماء قد افقد الهوية الفكرية والهوية العقائدية والثقافية.. ابداً.. ليس الامر كذلك.. لاننا لو تأملنا في هذه المنظومة الروائية نجد فيها مجموعة من الامور: 1- لوحظ فيها حفظ المصالح العليا للمسلمين..2- وحفظ المجتمع بصورة عامة ضمن الوطن الواحد من الانجرار للصراع والضعف المجتمعي، 3- وايضاً في نفس الوقت حفظت الهوية العقائدية والسياسية والاجتماعية للاتباع، لأننا لو تاملنا فيها وسنرى بعض الروايات اتساقها مع الفطرة والسيرة العقلائية ومنظومة المبادئ التي وردت من السماء على لسان الانبياء جميعاً.. حينما نتأمل وندقق وكل صاحب ضمير اسلامي حي.. ولديه عقل ونضج فكري سوف لا يرى أي تناقض وتنافي بين هذه التعليمات والتوجيهات وحفظ الهوية العقائدية والثقافية للاتباع.. فالانسان المنتمي لمدرسة اهل البيت يستطيع ان يتمكن ويحافظ على اسس هوية الانتماء لمدرسة اهل البيت عليهم السلام وفي نفس الوقت يقيم علاقات اجتماعية وثقافية وسياسية مع الاخرين وان اختلفوا معه في طبيعة الانتماء المذهبي والديني. بحيث يحفظ هذا المجتمع من الانجرار الى الصراع والعنف المجتمعي الذي ينتج عنه الكثير من الاثار السلبية الحاضرة والمستقبلية.. وسنذكر لكم مجموعة من الروايات التي تبين هذا المضمون وتبين لنا اسس التعامل الاجتماعي الصحيح في جميع المجالات..فهناك محوران: كيفية التعايش الاجتماعي. كيفية التعايش الثقافي.. مع الاخرين الذين يختلفون معنا في الانتماء المذهبي والديني من اجل ان نحفظ للوطن الواحد ليس في العراق فقط بل ايضاً بقية المجتمعات نحفظ له سلمية التعايش الذي يحفظ المجتمع من الانجرار والانزلاق الى مخاطر الصراع والعنف المجتمعي والذي يؤدي الى سفك الدماء وهتك الاعراض وهتك المقدسات... نسأل الله ان يوفقنا لما يحب ويرضى والحمد لله رب العالمين وصلى الله تعالى على محمد وآله الطيبين الطاهرين..