الأحد ٢٤ تشرين الثاني ٢٠٢٤

التفكك الأسري يقلق المرجعية العليا وتدعو إلى الإسراع بـ "لملمة الأسر"


تاريخ الاضافة:-2019-12-23 13:39:29 | عدد الزيارات: 1372

أعرب ممثل المرجعية العليا، والمتولي الشرعي للعتبة العباسية المقدسة، السيد أحمد الصافي عن قلقه حيال ظاهرة "التفكك الأسري"، فيما دعا الآباء والأمهات إلى تأدية دورهم بشكل صحيح للحفاظ على أسرهم. جاء ذلك في الخطبة الثانية من صلاة الجمعة التي ألقاها اليوم داخل الصحن الحسيني الشريف بحضور حشد من المصلين والزائرين. وحذر سماحته من مغبة الاستخدام السيء لوسائل التواصل الحديثة، وقال إنها "قطعت أوصال الأسرة". وقال سماحته: "للأسف اقولها وبمرارة العراق من البلدان التي تحافظ على اسرها وتشجّع على الروابط الطيبة سواء بين الجيران وبين العشيرة وبين الاقرباء بُنية الشعب العراقي هكذا.. الان للأسف بدأت هناك حالة من التفكك الاسري والكل مسؤول انا لا اريد ان احمل المسؤولية لجهة ولكن اقول الكل مسؤول وانتم تعرفون اذا الاسرة تفككت ماذا ستكون النتيجة..". وأضاف "نحن نعاني من هذا التفكك بحيث هذه المنظومة المهمة المقدسة اصبحت تنفرط وترى الاب ليس له علاقة بالولد والام ليست لها علاقة بالبنت والاخ ليس له علاقة بأخيه واصبحت هذه المنظومة الاسرية تتفكك شيئاً فشيئاً..". ودعا ممثل المرجعية العليا إلى الإسراع بـ "لملمة الأسر". وقال "ايها الاب اترجاك اعطي من وقتك شيء لتوجيه هذه الاسرة علّم الابناء ما هي القيم الحقيقية وما هي الشيم والتكنولوجيا والتطور لا يعني عدم الاخلاق نحن عندما نستعمل هذه الامور استعمالا ً سيئاً قطعاً ستنتج الاشياء نتاجاً سلبياً". إليكم النص الكامل للخطبة: الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة السيد احمد الصافي في 21/ ربيع الثاني/1438هـ الموافق 20/ 1/ 2017م: اخوتي اخواتي: لعله من المواضيع التي تحتاج الى تسليط الضوء عليه او عليها هو موضوع التفكك الاسري الذي نشهده الان.. طبعاً قطعاً حديثنا لا يمكن ان يستوعب هذه المشكلة المتفاقمة ولكن من حقنا ان نبيّن مخاطر هذه المسألة اجتماعياً، وانتم تعلمون ان الاسرة بما هي اسرة هذه حالة فطرية ان الانسان يحب ان يستقر والعلاقة التي تكون بين الرجل وبين المرأة هذه علاقة الرغبة احدهم للاخر ايضاً هذه قننتها القوانين سواء قوانين سماوية ام قوانين غير سماوية.. طبعاً القوانين السماوية حددت هذه المسائل بشكل خاص والشريعة المقدسة الاسلامية ايضاً اعطتها اهمية كبيرة جداً وجعلت هذا المجتمع الصغير المعبّر عنه بالاسرة جعلته مجتمعاً له اهمية بحيث تدخلت حتى في بداية تكوين هذه الاسرة ورغبّت الانسان اذا اراد ان يتزوج عليه ان يختار مجموعة صفات ولم تكن مسألة اللذة من هذه الصفات وانما في مقام ان نبني.. وكذلك للمرأة لولي المرأة لم يرغّب الشارع على ان نعضل المرأة أي نمنع المرأة اذا جاءها خاطب تتوفر فيه رغبة من الشارع المقدس ان تتكون هذه النواة الطيبة نواة الاسرة.. ثم حتى في حالة المقاربة تدخل الشارع وجعل هناك اشبه بالحصانة ابتداءً لهذا الوليد الذي سيولد اهتماماً من الشارع المقدس بالناتج الذي سيأتي في هذه الاسرة ثم عندما يولد ايضاً اهتم به اهتماماً بالغاً واذا كبر واصبح طفلا ً ايضاً الشارع منع الاب ان يستعمل القوة في تربية هذا الطفل.. لاحظوا التسلسل في الاختيار وفي حالة تكوين النطفة وفي حالة الولادة واليوم السابع اهتم الشارع به والى ان بدأ هذا الطفل يلعب وقد تصدر منه تصرفات منع الاب والام ان يستعملا القوة وان يضربوا هذا الطفل.. لاحظوا الرعاية لهذه الاسرة ثم كبر الولد وكل ذهب الى ما يمكن ان يقوّم هذه الاسرة.. للأسف اقولها وبمرارة العراق من البلدان التي تحافظ على اسرها وتشجّع على الروابط الطيبة سواء بين الجيران وبين العشيرة وبين الاقرباء بُنية الشعب العراقي هكذا.. الان للأسف بدأت هناك حالة من التفكك الاسري والكل مسؤول انا لا اريد ان احمل المسؤولية لجهة ولكن اقول الكل مسؤول وانتم تعرفون اذا الاسرة تفككت ماذا ستكون النتيجة.. الان نحن نعاني من هذا التفكك بحيث هذه المنظومة المهمة المقدسة اصبحت تنفرط وترى الاب ليس له علاقة بالولد والام ليست لها علاقة بالبنت والاخ ليس له علاقة بأخيه واصبحت هذه المنظومة الاسرية تتفكك شيئاً فشيئاً..طبعاً سيقول قائل ما هي الاسباب؟ قطعاً الاسباب كثيرة ولو دخلنا الان في عمق هذه الاسباب لطال بنا الحديث ثم طال، لكن اريد ان انبه الى البعض من الاسباب: لاحظوا الاب باعتباره هو عمود هذه الاسرة سأتحدث عن الاب الذي لم يمارس دوره اما الذي مارس دوره خارج اطار حديثنا.. الاب الذي لم يمارس الدور، الاب يخرج صباحاً ولا يعود الا ليلا ً وعندما تسأل يقول ابحث عن رزقي واذا تأملت ترى ان بعض الرزق الذي عنده يكفيه فإذن هناك ذريعة يتذرع بها البحث عن الرزق حتى يحتج على من يحتج عليه بانني احافظ على اسرتي وهو لا يدري انه بهذه الطريقة ستتزعزع الاسرة.. يخرج صباحاً ولا يعود الا ليلاً بعض الرزق الذي عنده يكفيه والبقية ستدفع فيها ثمناً باهظاً..هذا الاب الذي لم يمارس دوره لم يتعب نفسه انه يجلس مع اولاده جلسة على الغداء او العشاء حتى يجمع العائلة ويحاول ان يستفهم منهم ويحاول ان يفيدهم.. انتم تعلمون بصراحة بعض الناس بدأوا يحنون الى تلك الايام الخوالي التي كانت مثلا ً مع ابائهم او اجداهم عندما كان يجمعهم الاب او الجد في جلسة قد لا تستغرق نصف ساعة لكن فيها من الشيء الكثير.. اصبحت هذه الحالة تفقد في البيت فبدأ الولد يكبر لا يحترم الجار ولا يحترم الكبير ولا يدري ماذا يريد! هذا الاب يرى ولده امامه لكن لا يدري ماذا يريد يحاول ان يتصرف بتصرفات هو لا يقبلها عند الاخرين لكن يقبلها عند ولده لأنه لم يفكر ان ولده هو مشروع له والابن لابد ان يكون مشروع الاب بمقدار ما يستطيع ان يوجه هذا الاب هو لم يجلس معه ولا يعلم بأي صف دراسي حتى.. والام العمود الثاني في البيت اتكلم عن الام التي لم تمارس دورها اما الام التي تمارس دورها فهي ان كانت اخت انا قلت في بداية الخطبة الاولى وانا اعني ما اقول عندما اقول بناتي اخواتي امهاتي هذه الصفات انا اعني ما اقول للاخوات الامهات البنات الاخوات اللواتي يمارسن دورهن وجزاهن الله تعالى خير الجزاء.. انا اتحدث عن الام التي لا تمارس دورها تجدها غير مكترثة اصلا ً وانما تفكر بفضول المعيشة وتتحدث عن ملهيات وتترك البيت جعلت حبلها على غاربها فمن اين تجتمع الاسرة اذا كان الاب هكذا يفكر والام هكذا تفكّر.. الآن جاءت الوسائل الحديثة وسوء الاستخدام لا اقول ان الوسائل الحديثة مضرّة وانما اقول سوء الاستخدام...جاءت الوسائل الحديثة فككت ما بقي وقطعت اوصال الاسرة تجد هذا صديقه الانترنت والموبايل واصبح هذا الولد المسكين متوحش لا يعرف المجتمع ولا يملك اصدقاء جيدين وانما اتعب ذهنه حول هذه الاجهزة.. لا توجد نصيحة من الابوين كيف يستخدم هذا الشيء الحسن استخدام جيد وتقطعت اوصال الاسرة وجاء الاب وايضاً دخل في هذه المعمعة وجاءت الام واصبحت الاسرة عبارة عن فندق مؤقت يبات فيه هؤلاء وفي الصباح كل يذهب الى عمله.. التداعيات الخطيرة لهذا البناء الاسري.. حالة هدم الاسرة مسؤولية الجميع.. انا ادعوا الجميع وانا نفسي فلنسارع للملمة الاُسر.. ايها الاب اترجاك اعطي من وقتك شيء لتوجيه هذه الاسرة علّم الابناء ما هي القيم الحقيقية وما هي الشيم والتكنولوجيا والتطور لا يعني عدم الاخلاق نحن عندما نستعمل هذه الامور استعمالا ً سيئاً قطعاً ستنتج الاشياء نتاجاً سلبياً.. تعلمون ان الزواج سنّة الله تعالى والانسان يشفع في ان تتزوج هذه من هذا.. والله عندما نرى بعض الظواهر المتعارفة (بالزفّة) حقيقة نتأذى على هذا الولد وهذه البنت في الطريقة التي يهتك ويقطعون الشوارع العامة والساحات والجيران كلها تتأذى.. هل بهذا اوصانا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وهل هذا توارثناه من اباءنا واجدادنا هل هذه اخلاق البلد؟! لا ليست اخلاق البلد. اخلاق البلد تتواصى في الجار ولا يزعجون الاخرين ونحترم الامور العامة ونحترم الشارع الذي هو سابلة للجميع من يثقّف هذا ويثقف هذا.. لماذا اختفت القيم والشيم والرجولة والكرامة والغيرة بدأت تختفي والكل يعاني من هذا الضرر لأن هذه المسألة مسألة اجتماعية لا تخص احداً دون آخر.. اغلب الاخوة الاعزاء يحترمون الجار وهذه اخلاق جميلة والاعراف التي تولّدها بعض العشائر الحسنة اعراف جميلة فيها احترام الكبير والعطف على الصغير وفيها مساعدة المرأة المسنّة وفيها احترام حتى في الصوت الانسان اذا كان في محفل عام لا يفرض على الاخرين ان يسمعوا صوته اذا تكلم مع صاحبه.. لماذا تغيب هذه الامور وهي من البديهيات.. عندما نرجع الى الاسرة و الاسرة هي المنشأ.. انا تكلمت في الخطبة السابقة في الاهتمام بالمعلم المعلم مربّي والاسرة مربية.. اخواني اذا تفككت الاسرة لا يمكن للمجتمع ان يُصلح المجتمع انما يصلح من خلال الاسرة الاب والام انتما مسؤولان مسؤولية مباشرة عن تكوين هذه الاسرة وعن تربية هؤلاء الابناء.. نحن في العراق الآن نعاني من مشاكل جمّة هؤلاء الاُسر الكريمة التي دفعت بأبنائها الى ان تحفظ العراق هذه الاُسر كان عندها مشروع مع ابنائها وهذه الاسر اسمعت اولادها ما هي القيم الحقيقة بحيث دفعت اولادها واولادها اندفعوا بقوة من وراء هذا الاندفاع؟! من وراء هذا الاندفاع التفكك الاسري ام الاسرة المتماسكة؟! الام تودّع ابنها الى جبهات القتال بالدعاء والدموع وتتوقع ان هذا سيأتيها محمّلا ً على تابوت.. ارضعته لبناً طاهراً توقعت منه كل شيء كان مشروعاً لها..والاب كذلك يدفع ابنه وان كان الان هو المعيل للاسرة يدفعه ويقول انا اتحمل الانفاق على الاسرة مع تعبي وكِبري في سبيل انت ان تبقى هناك وترفع رأسي.. بربكم أليس هذا جهداً يثمّن من قبل هذه الأُسر الكريمة؟! انا اتكلم مع هؤلاء هم ابائي وابنائي واخواني وايضاً امهات هؤلاء هم امهاتي واخواتي وبناتي هذه الاسر الكريمة التي تماسكت وربّت وانتجت هذه اُسر تعرف الحرمات تعرف الشارع له حرمة تعرف الجار له حرمة وتعرف الاخ كيف يحنو على اخيه هذه اُسر تربت تربية حسنة.. في بداية اعتقد عندما صدرت الفتوى المباركة بعض الاعداد وصلت الى مليونين او ثلاث ملايين للدفاع عن الناس قطعاً هذا مؤشر حسن أي بعدد هؤلاء هناك اسر كريمة وواعية ومربية وهذا مؤشر حسن لكن عندما نسمع بعض من هنا وهناك نتألم..هذا البلد بلد الشيم بلد الاخلاق بلد الكرامة بلد كل الفضائل لماذا بعض الاسر تكون خارج السرب؟ التفكك الاسري مدعاة للقلق والكل مسؤول وهذا الموضوع يمثل صدعة في جدار المجتمع لا يتصدع جدار المجتمع لابد الاسر تكون في اهمية ما تتحمل من مسؤولية.. مسؤولية اجتماعية عرفية دينية لابد الاسر ان تتماسك وتنظم امورها وتنصح الاولاد بانهم يلتزموا بكل الضوابط العرفية الجيدة التي نحتاجها.. نسأل الله سبحانه وتعالى ان يجعل هذا البلد بلداً آمناً وان يحفظ اسرنا الكريمة في ان يلملموا شتات ما انفرط من بعض الاسر.. سائلين الله تعالى ان يتلطف علينا بالرحمة والرضوان ويغفر لنا والحمد لله رب العالمين ... موقع مدرسة الامام الحسين عليه السلام