الإثنين ٢٥ تشرين الثاني ٢٠٢٤

ذكرى ولادة صاحب الرسالة ومؤسّس مدرسة أهل بيته.. اشتراكٌ يعني الكثير


تاريخ الاضافة:-2019-12-23 13:39:29 | عدد الزيارات: 1274

(17) ربيع الأوّل من كلّ عام، ليس يوماً عادياً فهو ذكرى ولادة خاتم الأنبياء والمرسلين وسيّد الكونين محمد(صلى الله عليه وآله)، منقذ البشرية من ضلالاتها ومعلّم الأخلاق وناشر العدل بينهم، وفي نفس هذا اليوم ولد حفيدُه ومؤسّسُ منهج مدرسة أهل بيته في الفقه ونقل الحديث وتفسيره وتفسير القرآن، ألا وهو إمامُنا جعفر الصادق(عليه السلام). ففي السابع عشر من شهر ربيع الأوّل من عام الفيل ولد النبيّ(صلى الله عليه وآله) وشاء الله أن يولد النبيّ(صلى الله عليه وآله) يتيم الأب، فوالده عبدالله بن عبد المطلب مات قبل ولادته بشهرين، فكان كافله جدّه عبد المطلب، وكان له خير راعٍ وخير كفيل. وذكر الطبري أنّ مولده(صلى الله عليه وآله) كان لاثنين وأربعين سنة من ملك أنوشيروان وهو الصحيح، لقوله(صلى الله عليه وآله) ولدت في زمن الملك العادل أنوشيروان بن قباد قاتل مزدك والزنادقة. وكانت ولادته في داره المباركة بمكّة، وتقول السيّدة آمنة بنت وهب أمّ النبيّ محمد(صلى الله عليه وآله) لمّا ولد محمد(صلى الله عليه وآله) وسقط الى الأرض، ثم رفع رأسه الى السماء فنظر اليها، ثم خرج منّي نورٌ أضاء له كلّ شيء، وسمعت في الضوء قائلاً يقول: (إنّك قد ولدت سيّد الناس فسمّيه محمداً)، وأتى عبد المطلب لينظر اليه وقد بلغه ما قالت أمّه، فأخذه ووضعه في حجره ثم قال: الحمد لله الذي أعطاني ****** هذا الغلام الطيّب الأردان قد ساد في المهد على الغلمان كان يُدعى النبيّ الأعظم(صلى الله عليه وآله) باسمين في الناس منذ صغره. أحدُهُما «محمد» الذي سمّاه به جدّه عبدالمطّلب والآخر «أحمد» الذي سمّته به أمُّه «آمنة». وقد صاحبت ولادته(صلى الله عليه وآله) عدّةُ معجزات منها: 1- أنّ أُمَّه (صلى الله عليه وآله) آمنة بنت وهب حين وضعته رأت أنواراً أضاءت قصور الشام. وقالت (رضوان الله عليها) أنّها: "أُتيت حين حملت برسول الله(صلى الله عليه وآله) فقيل لها: إنّك حملت بسيّد هذه الأمّة، فإذا وقع على الأرض فقولي: (أعيذه بالواحد * من شرّ كلّ حاسد). فإنّ آية ذلك أن يخرج معه نور يملأ قصور بُصرى من أرض الشام، فإذا وقع فسمّيه محمّداً، فإنّ اسمه في التوراة أحمد، يحمده أهل السماء والأرض، واسمه في الإنجيل أحمد، يحمده أهل السماء والأرض، واسمه في الفرقان محمّد، قالت: فسمّيته بذلك". 2- اهتزّ إيوان كسرى فسقطت منه أربع عشرة شرفة. 3- خمدت نيران فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام. 4- غاضت بحيرة ساوه. 5- حُجِبت السماء عن الشياطين، لأنّ الشياطين كانت قبل ولادة النبي(صلى الله عليه وآله) تسترق السمع من السماء، وأمّا بعد ولادة النبي(صلى الله عليه وآله) فكانت تُقذف بالشهب كلّما صعدت إلى السماء، قال الله تعالى: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ) الحجر/16-18. 6- تساقط الأصنام المنصوبة على الكعبة على وجوهها. أمّا الذكرى الثانية فهي ولادة الإمام جعفر بن محمد الصادق(عليه السلام) التي كانت يوم الاثنين السابع عشر من شهر ربيع الأول سنة (83هـ) وهو يومٌ عظيم البركة، لمّا أشرقت الأرض بولادة المولود المبارك سارعت القابلة لتزفّ البشرى إلى أبيه فلم تجده في البيت، وإنّما وجدت جدّه الإمام زين العابدين(عليه السلام)، فهنّأته بالمولود الجديد، وغمرت الإمام موجات من الفرح والسرور لأنّه علم أنّ هذا الوليد سيجدّد معالم الدين، ويُحيي سنّة جدّه سيّد المرسلين(صلى الله عليه وآله)، وأخبرته القابلةُ بأنّ له عينين زرقاوين جميلتين، فتبسّم الإمام(عليه السلام) وقال: (إنّه يشبه عيني والدتي). وبادر الإمام زين العابدين(عليه السلام) إلى الحجرة فتناول حفيده فقبّله، وأجرى عليه مراسيم الولادة الشرعية، فأذّن في أُذنه اليمنى، وأقام في اليسرى. كان الإمام الصادق(عليه السلام) في سنّه المبكّر آيةً من آيات الذكاء، فلم يجارِه أحدٌ بمثل سنّه على امتداد التأريخ بهذه الظاهرة التي تدعو إلى الإعجاب والإكبار، التي كان منها أنّه كان يحضر دروس أبيه وهو صبيّ يافع لم يتجاوز عمره ثلاث سنين. لقد فجّر هذا الإمام العظيم ينابيع العلم والحكمة في الأرض، وساهم مساهمة إيجابية في تطوير العقل البشري، وذلك بما نشره من مختلف العلوم. لقد أزهرت الدنيا بهذا المولود العظيم الذي تفرّع من شجرة النبوّة ودوحة الإمامة ومعدن الحكمة والعلم، ومن أهل بيتٍ أذهب اللهُ عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً. وقد فاق بتلقّيه دروس أبيه جميع تلاميذه من كبار العلماء والرواة. والجدير بالذكر أنّ دروس أبيه وبحوثه لم تقتصر على الفقه والحديث وتفسير القرآن الكريم، وإنّما شملت جميع أنواع العلوم، وقد ألمَّ بها الإمام الصادق(عليه السلام) أحسن إلمام. عاش الإمام الصادق(عليه السلام) كأبيه الباقر(عليه السلام) في حقبةٍ من الزمن كان الصراع على أشدّه بين الحكام الأمويّين والعباسيّين وخصومهم، فانشغالُ الحكّام بالحكم واستغراقُ أرباب السلطة وطلّابها جعلهم حتى حينٍ ينصرفون عن التعرّض للمؤمنين، فاستثمر الإمام الصادق(عليه السلام) هذه الفرصة ونشر أحكام الدين وعلوم أهل البيت، في ظلّ تخفيف الضغط والتضييق على الموالين لآل البيت، وصار الشيعة وأئمّتهم في ذلك العهد أحسن حالاً من ذي قبل، وقلّ الخوف والتقيّة بينهم، ولذا ترى أنّ معظم أحكام الرسول وأخبار الشيعة، مرويّة على لسان الإمامين المعصومين محمد بن علي الباقر وجعفر بن محمد الصادق(عليهما السلام) اللذين عاصرا حقبة الصراع السياسي والعسكري هذه.