الجمعة ٠٧ تشرين الثاني ٢٠٢٥

الزهراء سيدة الألم والأمل.


تاريخ الاضافة:-2025-11-06 13:11:45 | عدد الزيارات: 19

الزهراء سيدة الألم والأمل.
بقلم: عبير الخفاجي(إحدى طالبات الدراسة الإلكترونية). 

تمرُّ علينا في كلِّ عام ذكرى أليمة، هي استشهاد الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام، ونحن في هذه الأيام المحملة بالحزن والألم نقفُ أمام تاريخٍ لم يُكتَب بالحبر، بل بالدمع، وأمام سيرةٍ لم تُرْوَ بالكلمات، بل بالدماء والصبر والسكوت الذي كان أبلغ من كلِّ صراخ.
ليست الزهراء(عليها السلام) مجرّد ذكرى، بل هي ميزانٌ تُوزنُ به القيم، ونورٌ يُكشفُ به زيف الزمان.
الزهراء لم تكن مجرّد ابنة نبيّ، بل كانت الوجه الآخر للرسالة.
قال عنها النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله: «فاطمة بضعةٌ منِّي، منْ آذاها فقد آذاني، ومنْ أغضبها فقد أغضب الله»، وفي حديثٍ آخر: «يرضى الله لرضاها، ويغضب لغضبها».
هذه الكلمات ليست مجرّد فضلٍ أو تكريم، بل إعلانٌ إلهيٌّ لمكانتها التي لا يبلغها أحد من الخلق.
كانت الزهراء عليها السلام أنموذج الطهر الكامل، والعقل الراسخ، والإيمان الثابت.
واجهتْ ما لا يُحتمل، لكنها لم تضعف ولم تساوم، وقفتْ كجبلٍ من يقين، تردِّدُ كلماتها في وجه التاريخ:
إنّ الحق يُؤخذُ ولايُعطى، وإنّ المظلومية لا تعني الانكسار؛ بل ولادة النور من قلب العتمة.
قبرها ما يزال مجهولاً، وتاريخ استشهادها مختلفٌ فيه؛ لأنَّ الظلم الذي كُتِمَ في حياتها أرادوا أن يُمحى بعد موتها، فبقيتْ سرّاً من أسرار الله في أرضه، وجُرحاً لا يُشفى في قلوب المؤمنين.
لكنَّ الله تعالى حفظ ذكرها في القلوب، وجعل نورها باقياً رغم تغييب قبرها، فالقبرُ غاب، لكنَّ الأثر لمْ يَغِبْ.
واليوم، بعد قرونٍ من رحيلها، ما تزال الزهراء عليها السلام قدوة لكلِّ امرأةٍ تسعى لأن تكون حرةً في فكرها، ثابتةً على إيمانها، صادقةً في مواقفها، في زمنٍ كثرتْ فيه الأصوات وتاهتْ القيم، تُذكّرنا الزهراء أنَّ المرأة ليستْ بمظهرها، بل بثباتها على المبدأ وبقوة عقلها وإخلاص نيتها.
علمتنا الصديقة في مواقفها وإيمانها أنّ الكرامة لا تُشترى، وأنّ القوة الحقيقية هي أن تظلَّ المرأة نقية رغم قساوة الحياة، فقد كانت زوجةً وفيّة، وأمّاً رؤوفة، وابنةً مخلصة، ومجاهدةً بالكلمة والموقف، فجمعتْ بين اللين والعزم، وبين الرحمة وصلابة العقيدة.
#يا نساء اليوم، إنّ الزهراء خُلّدتْ؛ لأنها آمنتْ بالله بصدق، ودافعتْ عن الحق بإيمانٍ، ووقفتْ بثباتٍ حين تفرَّقَ الرجال.
كُنَّ مثلها، لا تسكُتنَ عن الحق، ولا تنخدعنَ بزيف الحياة، وكُنَّ للرحمة عنواناً وللقيم راية.
فمن اقتدى بالزهراء لنْ تضيع خطواته؛ لأنّ طريقها طريق الله، ونورها من نور رسوله.
ففي سيرتها حكمةً خالدة:
 (إنَّ المظلومية لا تمحو النور، بل تخلّده، وإنَّ الله إذا أحبَّ عبده رفع ذكره ولو خَفِيَ قبره).
ولو تحدَّثت الزهراء اليوم لقالتْ: بناتي، لا تبحثنَ عن قيمتكنَّ في المظاهر، بل في صدقكنَّ مع الله، ولا تجعلنَ الزينة سلاحكنَّ، بل اجعلنَ الحياء درعكنَّ، ولا ترفعنَ أصواتكنّ في الجدال، بل ارفعنَ أعمالكنّ في الصبر والإحسان، ولا تلهثنَ خلف دنيا زائلة، فالدنيا خُدعة العابرين، أما الباقيات فهنّ الصالحات، وإنّ الله تعالى لا ينظر إلى جمال الوجوه، بل إلى صفاء القلوب.
كوني مثل فاطمة، إنْ أحزنك الظلم وأغضبك الظالم، سكنَ قلبكِ الإيمان، وإنْ أوجعكِ الفقد، بقيَ لسانُكِ ذاكرًا لله، وإنْ خذلكِ الناس، كان الله حسبكِ وكافيك.
في ذكرى استشهاد الزهراء عليها السلام، أهدي لروح والدي الطاهرة سورة الفاتحة، راجيةً من الله تعالى أن يسكنه فسيح جنّاته، وأن يظلّ مشمولًا برحمة فاطمة وشفاعة أبيها وبعلها وبنيها.