الخميس ٢١ تشرين الثاني ٢٠٢٤

العلامة الحر العاملي


تاريخ الاضافة:-2021-04-14 10:56:59 | عدد الزيارات: 1973

((الحر العاملي))

 

هو الشيخ محمد بن الحسن بن علي المعروف بالشيخ الحر العاملي (1033 ولقب بالحر العاملي نسبة الى جده الحر بن يزيد الرياحي الذي استشهد مع الامام الحسين عليه السلام اما العاملي فحسب موقع نشأته وولادته في جبل عامل  ــ 1104 هـ)، محدث وفقيه إمامي عاش في القرن الحادي عشر الهجري، صاحب مؤلفات مهمة وأهمّها كتابتفصيل وسائل الشيعة الى تحصيل مسائل الشريعة) المعروف بكتاب وسائل الشيعة، ويعرف المؤلّف بصاحب الوسائل.

ويعد الحر العاملي من العلماء الذي تبنوا المدرسة الفكرية الأخبارية الذين يعتقدون بصحة جميع الأحاديث الموجودة في الكتب الأربعة، وقد ذكر عشرين دليلا لإثبات هذا المدعى في نهاية كتابه وسائل الشيعة. كما كان يعتقد بعدم حجية الظن؛ لأن العمل بالأحكام الشرعية لابد أن يعتمد على العلم. توفي في إيران، ودفن في حرم الإمام الرضا .

ولادته ونسبه

هو الشيخ أبو جعفر، محمد بن الشيخ الحسن بن علي الحر العاملي، وينتهي نسبه إلى الحر بن يزيد الرياحي، الشهيد بكربلاء مع الإمام الحسينعليه السلام يوم عاشوراء، ولد في 8 رجب سنة 1033 هـ، بقرية مَشغَرى من قرى البقاع في لبنان.[1]

أسرته

تعد عائلة آل الحر من العوائل التي تهتم بالعلم وبالمعرفة، وقد صرّح بهذا الحر العاملي، وقد كانت لهم علاقات مع عائلات الفقهاء والعلماء الكبار، فأبوه الشيخ الحسن بن علي كان فاضلاً وعالماً وأديباً وفقيه، وعلى اطلاع بفنون اللغة العربية.[2] وأمه أيضا بنت العلامة الشيخ عبدالسلام ومن النساء الفاضلات.[3]

وعمه الشيخ محمد بن علي بن محمد الحر العاملي صاحب كتاب الرحلة، له عدة حواشي وتعليقات على بعض الكتب، كما أنّ له ديوان شعري.[4]

وابن عمه حسن بن محمد بن علي عالم فاضل وأديب، وجده الشيخ علي بن محمد الحر العاملي، وهو عالم جليل القدر وعابد وزاهد وشاعر وأديب. جده لأبيه الشيخ محمد بن حسين الحر العاملي، وهو أيضاً من أهل العلم وأفضل أهل زمانه في العلوم الشرعية، وكذلك ابنه الشيخ محمد بن محمد أفضل أهل زمانه في العلوم العقلية.[5]

وجدّه لأمه عبدالسلام بن شمس الدين محمد الحر العاملي، وقد كان متبحراً في الأحكام الفقهية.[6]

حياته

ورد عن السيد محمد رضا الشيرازي رحمه الله ناقلا عن السيد الشيرازي عن الشيخ الحر العاملي قال في كتابه الوسائل انه مرض مرضا شديدا شارف به على الموت وعمره لم يتجاوز العاشرة ، ورأى في منامه الائمة المعصومون كلهم مجتمعون فسلم عليهم جميعا ودعا له الامام الصادق عليه السلام بالعافية ، ولما وصل الى الامام الحجة عجل الله فرجه الشريف سلم عليه واخبر الامام بشأن مرضه وانه لم يحصل على العلوم وخائف على نفسه الموت فبشره الامام المهدي بأنه سيشفى من مرضه واعطاه قدحا من الماء وقال له اشربه فأن فيه شفاءك وستعمر طويلا وتصبح عالما بعلوم اهل البيت بارك الله في علمك ياشيخ حر ولما استفاق الشيخ من المكاشفة كأنه لم يرى بؤسا ولامرضا فأيقن انه تحت رعاية اهل البيت عليهم السلام. (7)

تلقى الشيخ الحر العاملي بداية تعليمه الحوزوي في جبل عامل ، ثم انتقل الى جباع، وبقي في لبنان حتى سن الأربعين وفي سنة 1073 هـ هاجر إلى العراق من أجل زيارة المراقد المقدسة هناك. ومن العراق توجه إلى زيارة الإمام الرضا في مدينة مشهد الإيرانية، ولما وصل إلى مشهد طاب له المقام هناك فبقى في مدينة مشهد.[7]

ولما بلغ مرحلة الشباب سافر إلى الحج في 1087 هـ و1088 هـ. وفي المرة الثانية تعرض الحجاج الشيعة إلى القتل من قبل الحاكم العثماني لمكة بتهمة إهانة بيت الله الحرام، وفي هذه الواقعة استطاع الحر العاملي أن ينجو بتوسط من السيد موسى بن سليمان أحد أشراف وسادة مكة ومن ذرية الإمام الحسن(ع)، وقد خرج عن طريق اليمن ثم من اليمن هاجر إلى العراق.[8]

وخلال إقامته في العراق سافر مرة إلى أصفهان، والتقى هناك بعلمائها الكبار من أمثال العلامة المجلسي، حيث أعطى الحر العاملي للعلامة المجلسي إجازة في الرواية، وكذلك العلامة المجلسي أعطاه إجازة في الرواية، وقد التقى في هذا السفر الشاه سليمان الصفوي، وقد قلده منصب قاضي القضاة وشيخ الإسلام في خراسان.[9]

أساتذته

درس الحر العاملي عند الكثير من العلماء، ومنهم:

الحركة الفكرية الإخبارية

يعد الحر العاملي من العلماء الأخباريين؛ فهو يعتقد بصحة كل ما هو موجود في الكتب الأربعة، وقد جاء بعشرين دليلا على هذا المدعى سطرها في آخر كتابه وسائل الشيعة.[11] كما كان يعتقد بعدم جواز العمل بالظن؛ وذلك لوجود طريق العلم للعمل بالأحكام الشرعية.[12]

وقد كان لأساتذته دور كبير في جعله يسلك مسلكه الأخباري، وهو المسلك الغالب على عصره، أي عصر الدولة الصفوية، والعاملي من مروجي الفكر الأخباري، بل هو أحد أعمدة هذه المدرسة، ولكنّه يوصف بالإعتدال فقد ابتعد عن الجدل والنقاش والكلام ضد الأصوليين والمجتهدين، ومع كونه إخباريا إلا أنه كان يستفيد من القواعد العقلية في استنباط الأحكام. وأهم كتبه في ميدان العقيدة كتاب الفوائد الطوسية بيّن فيه معتقداته ودافع فيه عن مسلك الإخبارية.[13]

تلامذته

لقد تتلمذ على الحر العاملي الكثير من العلماء، ومنهم:[14]

للحر العاملي مؤلفات عديدة ولها أهمية كبيرة عند الشيعة، ومنها:

وأهم كتبه كتاب وسائل الشيعة، الذي أصبح موضع اهتمام وعناية الفقهاء والعلماء والمجتهدين منذ كتابته وحتى الآن، ويشتمل هذا الكتاب على المصادر الروائية عند الشيعة مثل الكتب الأربعة وغيرها من الكتب التي تخص التراث الروائي الفقهي للشيعة. فقد أورد الحر العاملي ستة وثلاثين ألف رواية مع أسانيدها في موضوعات فقهية متعددة. ولأهمية هذا الكتاب فقد شرح ولخص وترجم عدة ترجمات. أمّا آثاره فهي:

أشعاره

فضلاً عن فقاهته وروايته للحديث، وتبحّره في كثير من المعارف والعلوم، فقد كان شاعراً، وله ديوان كبير حوى عشرين ألف بيت، وضمّ منظومات عديدة في التاريخ والمواريث والزكاة والهندسة، إضافة إلى قصائده الكثيرة في مدح أهل البيت (ع)، ومنها:

   

فإن تخف في الوصف من إسراف

 

فلذ بمدح السادة الأشراف

فــــــــــــــــــــــــخر لــــهاشــــمي أو منــــافي

 

فــضل سمى مراتب الآلاف

فعلمهم للـــــــــــــــــجهل شـــــاف كـــــاف

 

وفــضلهم علـــى الأنام واف[16]

 

أقوال العلماء فيه

وردت الكثير من الكلمات في حق الشيخ الحر العاملي، ومنها:

  • قال عنه الشيخ محمد بن علي الأردبيلي في كتابه جامع الرواة: «الشيخ الإمام العلّامة، المحقّق المدقّق، جليل القدر، رفيع المنزلة، عظيم الشأن، عالم فاضل كامل، متبحّر في العلوم، لا تُحصى فضائله ومناقبه».[17]
  • قال عنه الشيخ عباس القمي في كتاب الكنى والألقاب: «شيخ المحدّثين وأفضل المتبحّرين، العالم الفقيه النبيه المحدّث المتبحّر الورع الثقة الجليل، أبو المكارم والفضائل، صاحب المصنّفات المفيدة».[18]
  • قال عنه السيد علي خان المدني في كتابه سلافة العصر: «تصانيفه في جبهات الأيّام غُرَر، وكلماته في عقود السطور دُرَر… يُحيي بفضله مآثر أسلافه، وينتشي مصطبحاً ومغتبقاً برحيق الأدب وسلافه، وله شعر مستعذَب الجَنى، بديع المجتلى والمجتنى».[19]

 

وفاته

توفي الشيخ الحر العاملي في 21 رمضان سنة 1104 هـ. بمدينة مشهد المقدسة، وقد دفن في أحد إيوانات الحرم الرضوي، في صحن الثورة الإسلامي، وقبره اليوم معروف يُزار.[20]

 

الهوامش

نجف، علماء في رضوان الله، ص 187.

  1. الأمين، أعيان الشيعة، ج 5، ص 212.
  2. الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 1، ص 5.
  3. أفندي، رياض العلماء، ج 5، ص 136.
  4. الحر العاملي، أمل الآمل، ص 129.
  5. الحر العاملي، أمل الآمل، ص 107.
  6. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 1 مقدمة التحقيق، ص 78.
  7. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 1 مقدمة التحقيق، ص 79.
  8. العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 107، ص 111.
  9. العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 107، ص 104 ــ109.
  10. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 20، 96 ــ 104.
  11. الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 20، ص 105 ــ 112.
  12. الحر العاملي، الفوائد الطوسية، ص 87 ــ 88.
  13. الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 1، ص 10 ــ 12.
  14. الحر العاملي، أمل الآمل، ج 1، ص 27 ــ 33؛
  15. الحر العاملي، إثباة الهداة، ج 1، ص 12 ــ 17.
  16. نجف، علماء في رضوان الله، ص 189.
  17. الأردبيلي، جامع الرواة، ص 90.
  18. القمي، الكنى والألقاب، ج 2، ص 176.
  19. ابن معصوم المدني، سلافة العصر، ص 212.
  20. الحر العاملي، إثبات الهداة، ج 1، ص 21.

المصادر والمراجع

  • ابن معصوم المدني، علي بن أحمد، سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر، د.م، د.ن، د.ت.
  • أفندي، عبد الله، رياض العلماء وحياض الفضلاء، قم، مكتبة أية الله المرعشي النجفي، 1401 هـ.
  • الأردبيلي، محمد بن علي، جامع الرواة، د.م، مكتبة المحمدي، د.ت.
  • الأمين، محسن، أعيان الشيعة، تحقيق: حسن الأمين، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1403 هـ/ 1983 م.
  • الحر العاملي، محمد بن الحسن، إثبات الهداة، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط 1، 1422 هـ.
  • الحر العاملي، محمد بن الحسن، الفوائد الطوسية، قم، مكتبة المحلاتي، 1423 هـ.
  • الحر العاملي، محمد بن الحسن، أمل الآمل، بغداد، مكتبة الأندلس، د.ت.
  • الحر العاملي، محمد بن الحسن، وسائل الشيعة، قم، مؤسسة آل البيت   لإحياء التراث، 1410 هـ.
  • العلامة المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، مؤسسة الوفاء، 1403 هـ/ 1983 م.
  • القمي، عباس، الكنى والألقاب، طهران، مكتبة الصدر، ط 5، 1409 هـ.
  • نجف، محمد أمين، علماء في رضوان الله، قم، انتشارات الإمام الحسين  ، 1430 هـ/ 2009 م.

إعداد :

حسين ال جعفر الحسيني