وهوالشيخ علي بن الحسين بن عبدالعالي الكركي العاملي المعروف بالمحقق الثاني، والمحقق الكركي (ت 940 هـ)، من علماء وفقهاء الشيعة الكبار الذين عاشوا في العصر الصفوي، هاجر من لبنان إلى العراق، ومن ثم هاجر الى إيران بسبب الدعوة التي وجهها له الشاه إسماعيل الصفوي من أجل ترويج المذهب الشيعي، وكان له دور كبير في نشر الثقافة الشيعية في إيران.
له آثار فقهية كثيرة، وأهمها كتاب جامع المقاصد في شرح قواعد العلامة، وبناء عليه سمي بصاحب المقاصد، كما له آراء مؤيدة لولاية الفقيه.
ربّى الكثير من الطلاب، حتى أنّ كثيراً من فقهاء وعلماء القرن العاشر الهجري كانوا من طلابه، منهم الشيخ علي المنشار، والشيخ حسين بن عبد الصمد (والد الشيخ البهائي)، والسيد نعمة الله الجزائري.
ولادتــــــه:
ولد المحقق الكركي في قرية كرك نوح وهي من قرى بعلبك في البقاع في لبنان في 865 أو 870 هـ، وقد سماه أبوه علي ولقبه بنور الدين.[1]
دراستــــــه:
سلك المحقق الكركي طريق العلم من قريته (كرك نوح) حيث دخل الحوزة العلمية الموجودة فيها. وقد درس هناك عند محمد بن محمد بن خاتون، وشمس الدين محمد الجزيني، وشمس الدين محمد أحمد، وعلي بن هلال الجزائري، وثم انتقل بعد ذلك إلى قرية ميس، ودرس عند علماءها فقد كان الشهيد الثاني أحد تلامذة هذه الحوزة.[2] كما انتقل إلى قرية جبع لبنان، ثم وبعد هذه التجارب انتقل المحقق الكركي إلى دمشق من أجل الإستفادة من علماءها، ومن دمشق سافر إلى بيت المقدس وبقي مدة هناك كان خلالها مشغول بالتحقيق والدراسة، كما زار مدينة الخليل الفلسطينية، وثم انتقل من هناك إلى مصر ودرس عند علماء السنة، وبقي في مصر حتى سنة 909 هـ. ومن مصر سافر إلى العراق، وفي سنة 916 هـ سافر إلى إيران.[3]
وفاتـــــــه:
توفي في سنة 940 هـ في النجف الأشرف وكان عمره قد بلغ الخامسة والسبعين.4]
الهجرة إلى إيران:
كان للضغوط التي فرضتها الدولة العثمانية على الشيعة وعلماؤها في البلاد التي تحت السيطرة العثمانية سببا لهجرة العلماء إلى إيران، وكان من ضمن العلماء المهاجرين المحقق الكركي، وكان هذا بدعوة من الشاه إسماعيل الصفوي وذلك في العقد الثاني من القرن العاشر الهجري.5] وبقي 15 سنة، وبعد حدوث معركة جالديران عاد إلى العراق لأن الشاه إسماعيل الصفوي لم يكن يهتم بالأمور السياسية والثقافية، وكذلك موقعية ومنزلة العلماء.
وبعد أن مات الشاه إسماعيل الصفوي وصل إلى سدة الحكم الشاه طهماسب والذي كان يعرف بشخصيته العلمية.6] فأرسل دعوة إلى المحقق الكركي من أجل القدوم إلى إيران فوافق، ولما عاد إلى إيران تسنم منصب شيخ الإسلام وهو أكبر مقام ديني،[7 وأصبح متسلط على أمور المملكة، وقد استفاد المحقق الثاني من هذه الفرصة الإستثنائية في ترويج مذهب أهل البيت.[ 8]
وبعده وصل علماء آخرون إلى مقام شيخ الإسلام، ولكن لم يصل أحد منهم إلى مثل ما حصل عليه من النفوذ داخل الدولة الصفوية، وأبرز الشخصيات اللامعة التي تسنمت هذا المنصب هم: الشيخ البهائي، والعلامة المجلسي.
أساتذته:
درس المحقق الكركي عند أبرز علماء عصره، من الشيعة والسنة، ومنهم:
تلامذته:
مؤلفاته:
كتاب جامع المقاصد
ترك المحقق الكركي الكثير من المؤلفات تصل الى 71 كتابا ورسالة، ومن أهمّها جامع المقاصد، ( شرح كتاب قواعد الأحكام).
خدماته الإجتماعية والدينية:
لقد اجتهد المحقق الكركي وبحماية من الصفويين في ترويج مذهب أهل البيت . وأهم نشاطاته في هذا المجال تأسيس مراكز علمية دينية، والوقوف بوجه التقاليد اللادينية التي كانت موجودة في المجتمع الإيراني من خلال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقيل أن المحقق الكركي كان سببا في إغلاق بعض المراكز التي كانت منافية للدين من خلال الفتاوى التي كان يصدرها.
في تلك الفترة كان الكثير من الناس لايعرفون المسائل الشرعية على وفق مذهب أهل البيت، فلم يكن هناك الكثير من الكتب الفقهية والعقائدية على وفق مذهب الإمامية، ولهذا فقد بذل المحقق الكركي جهدا كبيرا في في ترويج الكتب الشيعية.[17]
كما اهتم بدعم طلبة العلوم الشرعية، من خلال بناء المدارس، ودعم الطلاب ماديا فقد كان يأخذ سبعين ألف دينار سنويا من أجل تمشية أمور طلاب العلوم الدينية.[18]
رأي المحقق الكركي في ولاية الفقيه
يقول المحقق الكركي في مسألة ولاية الفقيه: لابد من قبول حكومة المستضعفين، ولابد من العمل من أجلها، وإن المرجع الجامع للشرائط لابد أن يكون حاكما للمسلمين، ولابد أن تكون القيادة تحت تصرفه، وهذه من أهم الأفكار التي طرحها المحقق الكركي.[19]
الهوامش:
المصادر والمراجع:
إعداد
حسين ال جعفر الحسيني