الإثنين ٠٦ أيار ٢٠٢٤

العلامة الحلي


تاريخ الاضافة:-2020-10-22 10:30:40 | عدد الزيارات: 2463

العلامة الحلي
الحسن بن يوسف بن علي بن محمد بن المُطهّر الاسدي الحلي (648 ـ 726 هـ)، المعروف بالعلامة الحلّي الفقيه والمتكلم الشيعي في القرن الثامن للهجرة. من أشهر مؤلفاته: كشف المراد، ونهج الحق وكشف الصدق، وباب الحادي عشر، وخلاصة الأقوال، والجوهر النضيد.
كان العلامة أول من لُقب بآية الله؛ وذلك لفضله وعلمه الكثير، فمن اشهر أساتذته السيد ابن طاووس، والخواجة نصير الدين الطوسي، وابن ميثم البحراني، ومن أشهر تلامذته: قطب الدين الرازي، وفخر المحققين. ولمناظرته الشهيرة  الدور لكبير في شهرته  التي بسببها تشيع السلطان محمد خدا بنده المغولي، وكان سبباً لنشر المذهب الشيعي في إيران.
مولده ودراسته
ولد في الحلة في 29 شهر رمضان سنة 647، كما ذكره هو نفسه في الخلاصة.[1]
أخذ علم الكلام والفقه والأصول العربية وسائر العلوم الشرعية عن الشيخ نجم الدين أبي القاسم جعفر بن سعيد وعن أبيه سديد الدين يوسف بن المطهر الحلي، وأخذ العلوم الحكمية عن أستاذ البشر الخواجة نصير الدين محمد الطوسي وعلي بن عمر الكاتبي القزويني الشافعي ومحمد بن محمد بن أحمد الكيشي ابن أخت قطب الدين الشيرازي وغيرهم من علماء الخاصة والعامة، وانتهت إليه في زمانه رئاسة الإمامية، وله في ترويج مذهب أهل البيت عليهم السلام مساع جليلة. 
مكانته العلمية
بعد أن توفي خال العلامة المحقق الحلي عام 676 هـ حيث كان مرجع عامة الشيعة، قام تلامذته وعلماء الحلة حينها بالبحث لزعيم ومرجع جديد للشيعة، فما وجدوا أليق من العلامة الحلي لهذا المنصب، فاستلم العلامة المرجعية وهو في الثامنة والعشرين من عمره.
كان العلامة الحلي أول من لقّب بآية الله؛ وذلك لفضله ووفرة علمه، فاعتبره ابن حجر آية في الذكاء، وأشاد شرف الدين الشولستاني والشيخ البهائي ومحمد باقر المجلسي باسم العلامةَ الحلي في إجازات تلامذتهم، وعبّروا عنه: بـ"آية الله في العالمين".[2]
 
قدومه إلى إيران
لا يوجد تاريخ دقيق لورود العلامة الحلي إلى إيران، إلا أنه من المحتمل قدم إيران سنة 705 هـ. بطلب من السلطان محمد خدا بندة، وكان السلطان محمد خدا بندة من السلاطين الإيلخانية التي حكمت إيران، وعندما وصل العلامة إلى إيران شارك في مناظرة مع علماء المذاهب الأربعة، فمنهم: نظام الدين المراغي، فتمكن العلامة ومن خلال المناظرة أن يثبت ولاية الإمام علي (ع) وحقانية مذهب التشيع، الأمر الذي جعل السلطان أن يتشيّع، حيث غيّر اسمه إلى السلطان محمد خدابندة، ومن ثم تم نشر وترويج المذهب التشيع في إيران.
مناظرته المعروفة
روي أن السلطان محمد شاه خدا بنده الجايتوخان المغولي غضب يوماً على امرأته، فقال لها: أنت طالق ثلاثاً، ثم ندم، وجمع العلماء فقالوا: لابد من المحلل .
فقال: عندكم في كل مسألة أقاويل مختلفة أو ليس لكم هنا اختلاف؟
فقالوا: لا.
فقال أحد وزرائه: إن عالماً بالحلة، وهو يقول ببطلان هذا الطلاق، فبعث كتابه إلى العلامة وأحضره، فلما بعث إليه.
قال علماء العامة: أنه مذهب باطل، ولا عقل للروافض، ولا يليق بالملك أن يبعث إلى طلب رجل خفيف العقل.
قال الملك: حتى يحضر، فلما حضر العلامة بعث الملك إلى جميع علماء المذاهب الأربعة وجمعهم، فلما دخل العلامة أخذ نعليه بيده، ودخل المجلس.
وقال: السلام عليكم، وجلس عند الملك.
فقالوا للملك: ألم نقل لك أنهم ضعفاء العقول؟
قال الملك: اسألوه عما فعل.
فقالوا له: لِمَ لَمْ تسجد للملك، وتركت الآداب؟
فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان ملكاً، وكان يسلم عليه، وقال الله: ( فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة ). ولا خلاف بيننا وبينكم أنه لا يجوز السجود لغير الله .
قالوا له: لم جلست عند الملك؟
قال: لم يكن مكان غيره. وكلما يقول العلامة بالعربي كان المترجم يترجم للملك .
قالوا له: لأي شئ أخذت نعلك معك، وهذا مما لا يليق بعاقل بل إنسان؟
قال: خفت أن يسرقه الحنفية كما سرق أبو حنيفة نعل رسول الله صلى الله عليه وآله .
فصاحت الحنفية: حاشا وكلا، متى كان أبو حنيفة في زمان رسول الله؟ بل كان تولده بعد المائة من وفاته صلى الله عليه وآله.
فقال: نسيت فلعله كان السارق الشافعي .
فصاحت الشافعية كذلك، وقالوا: كان تولد الشافعي في يوم وفاة أبي حنفية وكان نشوؤه في المائتين من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله.
قال: ولعله كان مالكاً، فصاحت المالكية كالأولين.
قال: فلعله أحمد بن حنبل، ففعلت الحنبلية كذلك.
فأقبل العلامة إلى الملك، وقال: أيها الملك علمت أن رؤساء المذاهب الأربعة لم يكن أحدهم في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله ولا الصحابة، فهذا أحد بدعهم أنهم اختاروا من مجتهديهم هذه الأربعة، ولو كان فيهم من كان أفضل منهم بمراتب لا يجوزون أن يجتهد بخلاف ما أفتى واحد منهم.
فقال الملك: ما كان واحد منهم في زمان رسول الله والصحابة؟
فقال الجميع: لا.
فقال العلامة: ونحن معاشر الشيعة تابعون لأمير المؤمنين عليه السلام نفس رسول الله صلى الله عليه وآله وأخيه وابن عمه ووصيه، وعلى أي حال فالطلاق الذي أوقعه الملك باطل، لأنه لم يتحقق شروطه ومنها العدلان، فهل قال الملك بمحضرهما؟
قال: لا.
ثم شرع في البحث مع العلماء حتى ألزمهم جميعاً، فتشيع الملك، وبعث إلى البلاد والأقاليم حتى يخطبوا بالأئمة الاثني عشر، ويضربوا السكك على أسمائهم؛ وينقشوها على أطراف المساجد والمشاهد منهم.[3]
أساتذته
• أبوه الشيخ يوسف سديد الدين
• المحقق الحلي
• السيد بن طاووس‏ علي بن موسى
• السيد أحمد بن طاووس
• الخواجة نصير الدين الطوسي
• يحيى بن سعيد الحلي
• مفيد الدين محمد بن جهم الحلي
• ابن ميثم البحراني
• جمال الدين حسين بن أياز النحوي
• محمد بن محمد بن أحمد الكشي
• نجم الدين علي بن عمر الكاتبي
• برهان الدين النسفي
• الشيخ الفاروقي الواسطي
• الشيخ تقي الدين عبد الله بن جعفر الكوفي
تلامذته
من تلامذته:
• فخر المحققين محمد بن حسن الحلي (ابنه)
• السيد عميد الدين عبد المطلب (ابن أخته)
• العرجي الحلي (ابن أخته)
• تاج الدين السيد محمد بن قاسم الحسني والمعروف بابن معية
• رضي الدين أبو الحسن علي بن أحمد الحلي
• قطب الدين الرازي
• السيد نجم الدين مهنا بن سنان المدني
• تاج الدين محمود بن مولا
• تقي الدين إبراهيم بن حسين الآملي
• محمد بن علي الجرجاني
آثاره
بحث العلامة في شتى العلوم ابرزها: الفقه، وأصول الفقه، والكلام، الحديث، التفسير، والرجال، والفلسفة والمنطق، فهناك اختلاف في عدد هذه المؤلفات، فللعلامة الحلي في خلاصة الاقوال مؤلفات عددها 57 أثراً كما ذكره، وأشار السيد محسن الأمين في أعيان الشيعة إلى مؤلفات العلامة، وقال: أنها أكثر من مأة كتاب، فأحصيت 95 منها، وأغلبها تشتمل على عدة مجلدات، ونقلاً عن كتاب الروضات يقول صاحب الأعيان أن آثار العلامة الحلي قد تصل إلى ألف أثر علمي، كما ذكر علي مدرس في ريحانة الأدب 120 أثراً وفي كتاب كلشن الأبرار 110 مؤلفه للعلامة الحلي. من أشهر آثار العلامة الحلي هي:
• مختلف الشيعة وتذكرة الفقهاء في علم الفقه.
• كشف المراد وباب الحادي عشر ومنهاج الكرامة في علم الكلام.
• خلاصة الأقوال في علم الرجال.
• الجوهر النضيد في علم المنطق. 
• مدح علماء العامة للعلامة الحلي
وأمّا العلاّمة... فإنّه وإن وصفه ابن تيميّة ـ متى ما ذكره في كتابه ـ بالسبّ والشتم... فقد وصفه أعلام أهل السنّة ـ من المعاصرين له والمتأخرين عنه ـ بالإمامة في العلوم، وطيب الخلق، ومحاسن الصّفات:
قال الصّفدي: «الشيخ جمال الدين ابن المطهر، الحسن بن يوسف بن المطهر، الإمام العلامة ذو الفنون جمال الدين ابن المطهر الأسدي الحلي المعتزلي، عالم الشيعة وفقيههم، صاحب التصانيف التي اشتهرت في حياته. تقدّم في دولة خربندا تقدّماً زائداً، وكان له مماليك وإدارات كثيرة، وأملاك جيّدة، وكان يصنّف وهو راكب، شرح مختصر ابن الحاجب، وهو مشهور في حياته، وله كتاب في الإمامة ردَّ عليه الشيخ تقي الدين ابن تيمية في ثلاث مجلدات، وكان يسمّيه ابن المنجّس. وكان ابن المطهر ريّض الأخلاق مشتهر الذكر، تخرّج به أقوام كثيرة وحجّ أواخر عمره، وخمل وانزوى إلى الحلّة، وتوفّي سنة 25 وقيل: سنة ست وعشرين وسبع مائة، في شهر المحرم وقد ناهز الثمانين. وكان إماماً في الكلام والمعقولات. قال الشيخ شمس الدين: قيل اسمه يوسف، وله الأسرار الخفيّة في العلوم العقليّة»(4)
وقال ابن حجر العسقلاني: «الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي المعتزلي جمال الدين الشيعي، ولد في سنة بضع وأربعين وستمائة، ولازم النصير الطوسي مدةً، واشتغل في العلوم العقلية فمهر فيها، وصنّف في الاصول والحكمة، وكان صاحب أموال وغلمان، وحفدة، وكان رأس الشيعة بالحلّة، واشتهرت تصانيفه وتخرّج به جماعة، وشرحه على مختصر ابن الحاجب في غاية الحسن في حلّ ألفاظه وتقريب معانيه. وصنّف في فقه الإمامية، وكان قيّماً بذلك داعية إليه. وله كتاب في الإمامة ردَّ عليه فيه ابن تيمية بالكتاب المشهور المسمّى بالرد على الرافضي، وقد أطنب فيه وأسهب وأجاد في الرد إلاّ أنه تحامل في مواضع عديدة، وردّ أحاديث موجودة وإن كانت ضعيفة بأنها مختلقة، وإيّاه عنى الشيخ تقي الدين السبكي بقوله:
وابن المطّهر لم تطهر خلائقه *** داع إلى الرفض غال في تعصّبه
ولابن تيمية ردّ عليه له *** أجاد في الرد واستيفاء أضربه
الأبيات.(5)
وله كتاب الأسرار الخفية في العلوم العقلية، وغير ذلك. وبلغت تصانيفه مائة وعشرين مجلدة فيما يقال. ولما وصل إليه كتاب ابن تيمية في الردّ عليه كتب أبياتاً أوّلها:
لو كنت تعلم كلّ ما علم الورى *** طرّاً لصرت صديق كلّ العالم
وقد أجابه الشمس الموصلي على لسان ابن تيمية.
ويقال: إنه تقدّم في دولة خربندا وكثرت أمواله، وكان مع ذلك في غاية الشح، وحجّ في أواخر عمره، وتخرّج به جماعة في عدّة فنون.
وكانت وفاته في شهر المحرم سنة: 726 أو في آخر سنة 725.
وقيل: اسمه الحسن بفتحتين. وقد تقدم التنبيه عليه»(6)
وقال ابن حجر أيضاً: «الحسين بن يوسف بن المطهر الحلّي. عالم الشيعة وإمامهم ومصنّفهم، وكان آية في الذكاء. شرح مختصر ابن الحاجب شرحاً جيّداً سهل المأخذ، غاية في الإيضاح، واشتهرت تصانيفه في حياته، وهو الذي ردّ عليه الشيخ تقي الدين ابن تيميِّة في كتابه المعروف بالردّ على الرافضي.
وكان ابن المطهر مشتهر الذكر ريض الأخلاق. ولمّا بلغه بعض كتاب ابن تيمية قال: لو كان يفهم ما أقول أجبته.
ومات في المحرم سنة 726 عن 80 سنة. وكان في آخر عمره انقطع في الحلّة إلى أن مات»(7)
وهكذا تجد الكلمات في غير هذه الكتب من المصادر الجليلة، في الثناء على العلاّمة الحلّي وكتبه وآثاره.
إذن، فقد شذّ ابن تيميّة في كلّ ما قاله في التنقيص من النصير الطوسي وابن المطهّر الحلّي والحطّ عليهما...
وفاته
عاد العلامة الحلي بعد وفاة السلطان محمد خدا بنده سنة 716 من ايران إلى الحلة، وأقام فيها حتى وفاته، وافاه الاجل  ليلة السبت 21 من المحرم سنة 726 هـ ( 8) ودفن في حرم الإمام علي (ع).
الهوامش
1. الأمين، أعيان الشيعة، ج 5، ص 396.
2. الأمين، أعيان الشيعة، ج 5، ص 396.
3. الميانجي، مواقف الشيعة، ج 3، ص 14 -16
4. الأمين، أعيان الشيعة، ج 5، ص 396.
5. الوافي بالوفيات ـ الترجمة 3725 الشيخ جمال الدين ابن المطّهر ـ 13/54ـ55.
6. الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة الترجمة 1618، الحسين بن يوسف بن المطهّر الحلّي 2/71 
7. لسان الميزان الترجمة 2841، الحسن بن يوسف بن المطهّر الحلّي، 2: 587. ولا يخفى أنه لم يصفه هنا بـ «المعتزلي» ولا بـ «الشحّ».
المصادر والمراجع
• الأمین، محسن، أعیان الشیعة، بیروت، دار التعارف للمطبوعات، 1406 هـ/ 1986 م.
• الأحمدي الميانجي، علي، مواقف الشيعة، قم، مؤسسة النشر الاسلامي، ط 1، 1416 هـ.
• الوافي بالوفيات 
• الدرر الكامنة في اعيان المائة الثامنة
• لسان الميزان الترجمة 1841الحسن بن المطهر الحلي
اعداد 
حسين ال جعفر الحسيني