الإثنين ٠٦ أيار ٢٠٢٤

الشهيد العابد مسلم بن عوسجة الاسدي


تاريخ الاضافة:-2020-05-19 11:33:39 | عدد الزيارات: 2141


المقدمة 
منذ ان اشرق نور الاسلام عليه تغلغل في قلبه.. ومنذ ان صدح الرسول الكريم (ع) بالدين الحق غرس حب اهل البيت (ع) في جوارحه فحمل سيفه مجاهدا في سبيل الله مع المجاهدين وهم ينشرون ذلك النور الآلهي في الارض ولم يكد يغمد سيفه حتى سلّه مرة اخرى في نصرة الحق المتمثل بأهل البيت (ع) وبقي مجاهدا حتى تشرف بالشهادة بين يدي سيده الحسين (ع):
من هو مسلم بن عوسجة الاسدي؟
هو مسلم بن عوسجة بن سعد بن ثعلبة بن دودان بن أسد بن خزيمة، أبو حجل الأسدي السعدي، كان رجلاً شريفاً كريماً عابداً متنسكاً،[1] كان من الكوفة صحابيا مؤمنا متشيعا لاميرالمؤمنين بلغ عمره ساعة وفاته اكثر من تسعين عاما ومن أصحاب الإمام الحسين عليه السلام.[2[
كان مسلم بن عوسجة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم[3] ومن أبطال العرب في صدر الاسلام، شهد يوم "أذربيجان" وغيره من أيام الفتوح.[4[
نصرته لمسلم بن عقيل في الكوفة
قيل إن مسلم بن عقيل نزل في بيت مسلم بن عوسجة الأسدي لمّا دخل الكوفة. فتسامع أهل الكوفة بقدومه فجاؤوا إليه فبايعوه وحلفوا له لينصرنه بأنفسهم وأموالهم، فاجتمع على بيعته من أهلها اثنا عشر ألفاً، ثم تكاثروا حتى بلغوا ثمانية عشر ألفاً، فكتب مسلم إلى الحسين عليه السلام ليقدم عليها فقد تمهدت له البيعة و الأمور، فتجهز الحسين من مكة قاصداً الكوفة.[5[
وكان مسلم بن عوسجة مناصراً لابن عقيل عند قدومه إلى الكوفة وكان يهيؤ له المال والسلاح، ويأخذ البيعة من الناس للإمام الحسين عليه السلام. واختار مسلم بن عقيل قادات لمناصريه في الكوفة لضرورة التنسيق بينهم فجعل مسلم بن عوسجة على ربع مذحج وأسد.[6[
وعثر عبيد الله بن زياد على موضع مسلم بن عقيل من خلال مسلم بن عوسجة بعد أن أرسل جاسوسه معقل إلى مسلم بن عوسجة وطلب منه أن يدلّه إلى مسلم بن عقيل بحجة تسليم الأموال إليه والبيعة معه فدله مسلم بن عوسجة إلى مسلم وعرف عبيد الله موضع مسلم بن عقيل.[7[
إنّ مسلم بن عوسجة بعد أن قُبض على مسلم وهاني وقتلا اختفى مدة ثم فر بأهله إلى الحسين، فوافاه بكربلاء وفداه بنفسه.[8[
دوره في واقعة كربلاء
حضر مسلم مع زوجته وابنه في واقعة كربلاء و يذكر المؤرخون أنّ خلف بن مسلم الأسدي خاض الحرب يوم عاشوراء إلى جنب أبيه واستشهد في تلك الواقعة.[9[
ليلة عاشوراء
ليلة عاشوراء لما جنّ الليل جمع الإمام الحسين عليه السلام أصحابه وقال:
هذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي وتفرقوا في سواد هذا الليل وذروني، وهؤلاءالقوم فإنهم لا يريدون غيري". ثم قام مسلم بن عوسجة: "نحن نخليك هكذا وننصرف عنك، وقد أحاط بك هذا العدو لا والله لا يراني الله أبدا وأنا أفعل ذلك حتى أكسر في صدورهم رمحي وأضاربهم بسيفي ما ثبت قائمة بيدي ولو لم يكن لي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ولم أفارقك أو أموت معك.[10]والله لو علمت أني أقتل ثم أحيا ثم أحرق ثم أحيا ثم أذرى، يفعل ذلك بي سبعين مرة مافارقتك حتى ألقى حمامي دونك، فكيف لا أفعل ذلك وإنما هي قتلة واحدة ثم هي الكرامة التي لا انقضاء لها أبداً".[11[
موقفه يوم عاشوراء
كتب الشيخ المفيد في الإرشاد أنّ أصحاب الإمام الحسين عليه السلام ألهبوا النار في الخندق من ورائهم لكيلا يأتوهم من الخلف، وأقبل القوم يجولون حول بيوت الحسين عليه السلام فيرون الخندق في ظهورهم والنار تضطرم في الحطب والقصب الذي كان ألقي فيه، فنادى شمر بن ذي الجوشن بأعلى صوته: "يا حسين أتعجلت النار قبل يوم القيامة؟". فقال الحسين عليه السلام: "من هذا؟ كأنّه شمر بن ذي الجوشن"؟ فقالوا له: نعم، فقال له: "يا ابن راعية المعزى، أنت أولى بها صليا"".
ورام مسلم بن عوسجة أن يرميه بسهم فمنعه الحسين من ذلك، فقال له: "دعني حتى أرميه فإن الفاسق من عظماء الجبارين، وقد أمكن الله منه". فقال له الحسين عليه السلام: "لا ترمه، فإني أكره أن أبدأهم". [12[
رجزه في ساحة القتال
برز مسلم بن عوسجة يوم عاشوراء في ساحة القتال وهو يرتجز ويقول:[13[
إن تسألوا عني فإني ذو لبد    وإن بيتي في ذري بني أسد
فمن بغاني حائد عن الرشد    وكافر بدين جبـــــــــــــــــــار صمد
شهادته:_
كان مسلم أول أصحاب الحسين عليه السلام الذين استشهدوا معه في واقعة كربلاء.[14] خرج مسلم بن عوسجة إلى ساحة القتال يوم عاشوراء، فقاتل قتالاً شديداً وصبر على أهوال البلاء حتى سقط إلى الأرض وبه رمق فمشى إليه الحسين عليه السلام ومعه حبيب بن مظاهر فقال له الحسين: رحمك الله يا مسلم،[15]﴿ فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً﴾.[16[
آخر وصية:-
لمّا استشهد مسلم بن عوسجة مشى إليه الحسين عليه السلام ومعه حبيب، فقال حبيب: عزَّ عليَّ مصرعك يا مسلم، أَبشر بالجنّة! فقال له مسلم قولاً ضعيفاً: بشّرك اللّه بخير. فقال حبيب : لولا أنّي أعلمُ أنّي في إثرك لاحقٌ بك من ساعتي هذه لأحببتُ أن توصي إليَّ بكلّ ما أهمّك حتّى أحفظك في كلّ ذلك بما أنت له أهل من الدين و القرابة. فقال له: بلى، أوصيك بهذا رحمك اللّه! و أومأ بيديه إلى الحسين عليه السلام أنْ تموت دونه! فقال حبيب: أفعل وربّ الكعبة. وفي رواية لأنعمنك عيناً. ثم مات رضوان الله عليه.[17[
فتنادى أصحاب عمرو ابن الحجّاج: قتلنا مسلم بن عوسجة الأسديّ، فقال شبث لبعض من حوله من أصحابه: ثكلتكم أمّهاتكم! إنّما تقتلون أنفسكم بأيديكم، و تذلّلون أنفسكم لغيركم، تفرحون أن يقتل مثل مسلم بن عوسجة! أما والّذي أسلمت له لربّ موقف له قد رأيته في المسلمين كريم! لقد رأيته يوم سَلَقِ أذربيجان قتل ستّة من المشركين قبل تتامّ خيول المسلمين، أفيقتل منكم مثله وتفرحون.[18[
 قال الإمام المهدي (عليه السلام) في زيارة الناحية يذكر مسلم بن عوسجة مادحا:
السلام على مسلم بن عوسجة الأسدي، القائل للحسين (عليه السلام) وقد أذن له في الانصراف: أنحن نخلي عنك؟ وبم نعتذر عند الله من أداء حقك؟ لا والله حتى أكسر في صدورهم رمحي هذا، وأضربهم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولا أفارقك، ولو لم يكن معي سلاح أقاتلهم به لقذفتهم بالحجارة ولم أفارقك حتى أموت معك 
وكنت أول من شرى نفسه، وأول شهيد من شهداء الله قضى نحبه، ففزت ورب الكعبة، وشكر الله لك استقدامك ومواساتك أمامك إذ مشى إليك وأنت صريع، فقال: يرحمك الله يا مسلم بن عوسجة وقرأ (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً)، لعن الله المشتركين في قتلك: عبد الله الضبابي، وعبد الله بن خشكارة البجلي، ومسلم بن عبد الله الضبابي. (الإقبال ص 46) 19
الهوامش
( 1السماوي، إبصار العين في أنصار الحسين، ص 108.
 (2الطوسي، الرجال، ص 105.
 (3شمس الدين، أنصار الحسين، ص 108.
 (4الزركلي، الأعلام، ج 7، ص 222.
 5(ابن كثير، البداية والنهاية، ج 8، ص 163.
 (6القرشي، حياة الإمام الحسين، ج 2، ص 381.
(7السماوي، إبصار العين في أنصار الحسين (ع)، ص 109.
 (8السماوي، إبصار العين في أنصار الحسين (ع)، ص 109.
(9 الحائري، شجرة طوبى، ج 1، ص 48.
 (10ابن طاووس، اللهوف، ص 56.
(11الشيخ المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 92.
(12 الشيخ المفيد، الإرشاد، ج 2، ص 96.
 (13ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 251.
 (14شمس الدين، أنصار الحسين عليه السلام، ص 108 والأمين، أعيان الشيعة، ج 4، ص 555.
(15المجلسي، بحار الأنوار، ج 45، ص 20.
 احزاب، 23
(16ابن طاووس، اللهوف، ص 64.
 (17الطبري، تاريخ الطبري، ج 4، ص 332.
 (18ابن طاووس، إقبال الأعمال، ج 3، 
(19 ابن طاووس ، إقبال الاعمال ، ص 46

 

اعداد: حسين الحسيني