الأحد ٢٤ تشرين الثاني ٢٠٢٤

الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في 4/محرم الحرام/1440هـ الموافق 14 /9 /2018م :


تاريخ الاضافة:-2019-12-23 13:39:29 | عدد الزيارات: 1395

نتعرض في الخطبة الثانية الى الموضوع التالي: ماذا يجب علينا ان نتعلمه من الحركة الاصلاحية للإمام الحسين (عليه السلام) ؟ وبتعبير آخر ماذا يريد منّا الامام الحسين (عليه السلام) في عصرنا هذا وفي كل العصور؟ كيف نكون حسينيين حقاً ؟ ماذا تريد منّا كربلاء برمزيتها الحسينية؟ ماذا يجب علينا ان نتعلمه من الحركة الاصلاحية للإمام الحسين (عليه السلام) لكي نديم حركة الاصلاح للامام الحسين (عليه السلام) ؟ اوضح ذلك بمقدمة ثم أبين ما هي هذه الامور .. من المعلوم اخواني ان اهداف الثورة الحسينية وحركتها الاصلاحية لم تكن مرتبطة بزمانها ومكانها، هذه المقولة نسمعها كثيراً، كيف نفهم هذه المقولة ؟ الحركة الاصلاحية للامام الحسين (عليه السلام) والثورة الحسينية مرتبطة بجميع العصور والازمنة والامكنة لماذا ؟!! لأن التخطيط لها وبيان طبيعة اهدافها وكيفية حصول هذه الثورة لم تكن من البشر بل كانت بتخطيط الهي وإرادة إلهية، الله تعالى بيّنها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي خطط للثورة الحسينية والذي بيّن طبيعة هذه الاهداف التي اُريدت من الثورة الحسينية، انما هو الله تعالى هو المُخطط لها بيّنها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بيّنها للحسين (عليه السلام)، كأنه الله تعالى يريد ان يقول لنا ولكل الذين مَضوا وللذين سيأتون من بعدنا الى يوم القيامة انكم ستمرون بظروف ربما تُشابه الظروف التي مرّ بها الامام الحسين (عليه السلام) وانا خططت لهذه الثورة ووضعت اهدافها وبينت كيفية الثورة في زمن الامام الحسين (عليه السلام) والامام الحسين نفذها كما أردت وانتم ربما ستمرّون بحكام دكتاتوريين يحكمون بالظلم والجور ويفسدون اوضاع الامّة وربما الامة الاسلامية تمر بظروف كما مرّت بها في عهد حكّام بني امية الذين ثار ضدهم الامام الحسين (عليه السلام)، تُغيّب المبادئ الاساسية والجوهرية للاسلام عن المجتمع، الله تعالى يريد والنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يريد ان تبقى هذه المبادئ حيّة والضمير حي والاخلاق الاسلامية تبقى ويريد للحاكمية الاسلامية ان تحكم وفق ما أمر به الله تعالى وقد تمرّ الامّة بحكام ينحرفون عن مبادئ الاسلام.. ماذا تفعلون؟!! الله تعالى يقول سأعطيكم هذا النموذج الامام الحسين (عليه السلام) وكيف قام بالثورة وكيف واجه الحكام الظالمين وصمد وصبر ولم يستسلم لهم وقام بثورته وحركته الاصلاحية للحاكمية وللامّة وان كلفه ذلك هذه التضحيات العظيمة لذلك اريد منكم ان اجعل هذا المنهاج للحركة الاصلاحية والثورة الحسينية منهاج لكم تسيرون عليه لأنه ربما أنتم ايضاً ستبتلون بحكّام مثل اولئك الحكّام بوضع في المجتمع يشبه بعض الشيء مثل تلك الاوضاع ماذا ستفعلون؟!! سأعطيكم نموذجاً بشرياً بشر مثلكم هو حجة الله في الارض عليكم ان يكون منهاجه وحركته الاصلاحية منهاجاً ونبراساً لكم يمتد عبر العصور والازمنة والامكنة الى يوم القيامة، هذا معنى التخطيط الالهي. ايضاً اراد الله تعالى ان يقول هناك امور ستديم هذه المبادئ وهذه الحركة الاصلاحية ولكن هي بعضها مراسيم للوصول الى الهدف انا اُريد منكم الاثنين كما اُريد منكم مجالس العزاء واقامة الشعائر والبكاء وغير ذلك هذه وسائل مهمة للوصول الى الهدف ولكن الهدف النهائي هو الحفاظ على امّة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) في صلاحها والحفاظ على صلاحية الحاكمية بمعنى آخر اذا كان هناك حاكمون فاسدون منحرفون عن الخط الصحيح ما هو موقفكم الذي قد يتطلب العظيمة اُعطيكم نموذج (الامام الحسين (عليه السلام) ).. انتهجوا نهجه عليكم ان تجمعوا بين هذه الامور التي هي وسائل للهدف والحركة الحقيقية حركة الاصلاح للحاكمية وللمجتمع اذا حصلت مثل الظروف التي مرّ بها الامام الحسين (عليه السلام)، هذا معنى التخطيط الالهي.. بعد هذه المقدمة اخواني ما هي المقومات والاسس التي نكون بها حسينين حقّاً ؟ أولا ً : الشعور بالمسؤولية الفردية والمجتمعية بكل ابعادها وضرورة الالتزام بمقتضياتها : وهذا ان يكون لكل واحد منّا فرد ومجتمع ان اشعر بالمسؤولية امام الله تعالى وامام عائلتي وامام مجتمعي وامام ديني حينما يتعرّض الى التهديد والخطر ويكون هناك خطر على الاسلام من قبل الحاكمين حينما ينحرف المجتمع عن مبادئ الاسلام.. انا مسؤول لابد ان يكون عندي الشعور بهذه المسؤولية..والشعور وحده لا يكفي لابد ان يكون هذا الشعور يُعطيني الارادة والعزيمة ان التزم بمنهاج الامام الحسين (عليه السلام) في الحركة الاصلاحية وفي الالتزام بمبادئه.. والفت نظركم أيها الاخوة والاخوات قد البعض يقول ماذا افعل الآن انا لا عائلتي ولا مجتمعي ولا هناك مؤسسات ربتني على الشعور بالمسؤولية حتى اتحرّك وفق ما أراده الامام الحسين (عليه السلام) ؟!! ابيّن لكم الجواب على ذلك .. كثير من الآيات القرآنية والاحاديث الشريفة تبين ان الشعور بالمسؤولية أمر فطري الله تعالى اودع في نفس كل واحد منذ بدء خلقه اودعه الشعور بالمسؤولية اتجاه تكليفه الالهي واتجاه نفسه واتجاه ربه واتجاه المجتمع اودعه في فطرته، الله تعالى يقول للانسان ليس لديك عذر لا تقل يوم القيامة انني ما تربيت على الشعور بالمسؤولية والتحرك.. الله تعالى يقول انا اودعت في فطرتك هذا الشعور بالمسؤولية ولكن انت السبب انت ابتعدت عن الاجواء التي تُنمّي الشعور بالمسؤولية وانت اخترت اجواءً اضعفت فيك هذا الشعور بالمسؤولية.. لذلك علينا ان نحرك هذا الشعور بالمسؤولية لدينا ونعرف كيف ننميه ونحافظ عليه.. ثم بعد ذلك ما هو مقتضى الشعور بالمسؤولية ؟! فالشعور لوحده لا يكفي اخواني كما لدى البعض اذ لابد ان يترتب على هذا الشعور التحرّك والارادة نحو التغيير والاصلاح.. التفتوا الى ما قاله الامام الحسين (عليه السلام) حينما ورد الى العراق وهو في طريقه الى العراق بيّن هذا الأمر يريد ان ينبّه الامة وينبه المسلمين الى هذا المبدأ المهم نقلا ً عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : (من رأى سلطاناً جائراً مستحلا ً لحرم الله، ناكثاً لعهد الله، مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، ثم لم يغير بقول او فعل، كان حقيقاً على الله ان يدخله مدخله). فالامام (عليه السلام) حينما يعبّر بكلمة ( ثم لم يغيّر بقول او فعل) الامام (عليه السلام) اعطى لنا مساحة واسعة من العمل ومن ان نعمل بالتغيير، فالامام (عليه السلام) يقول : لا تقولوا نحن غير مسؤولين فالنتيجة هذه، لا تقولون انه عندنا شعور بالمسؤولية ولكننا لم نتحرك لأنه كذا وكذا من النتائج.. الامام الحسين (عليه السلام) يقول انتم مسؤولون وهذه المسؤولية تقتضي ان تتحرك وتكون لكم العزيمة والارادة لتغيير هذه الحاكمية بالمواصفات التي ذكرناها.. وان يكون هناك شعور بالمسؤولية في كل شيء وفي كل ابعاد حياتنا امام الله تعالى وامام عوائلنا وامام اطفالنا وامام مجتمعنا وامام ادائنا لخدمة الناس.. ومما ورد من أحاديث : (من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم)، (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته). لاحظوا هذه الاحاديث تريد ان تنبهنا الى عِظم الشعور بالمسؤولية ثم التحرك على عِظم هذا الشعور بالمسؤولية.. قد يسأل سائل ما هي العوامل التي تساعدنا على ان يكون لدينا شعور فاعل مؤثر بهذه المسؤولية العامة.. العوامل المساعدة والمحافظة للشعور بالمسؤولية : 1- الايمان الصحيح والراسخ بالله تعالى: وتتمثل في تربية النفس على مبادئ الايمان الصحيحة والراسخة من الحب لله تعالى وتغليبه على حب الدنيا والنفس وحب المال والدنيا وحب العشيرة والمنصب وغير ذلك من هذه الامور الدنيوية، وان يكون الشعور والوعي بسمو وعظمة هدف خلق الانسان فلنلتفت اخواني نحنُ لم نُخلق عبثاً ولم نُخلق لأجل اهدافاً تافهة وصغيرة تتعلق بالدنيا بل خُلقنا لأهداف عظيمة وسامية لابد ان نتحرك من اجل تحقيقها. 2- العلم والمعرفة : ونعني العلم والمعرفة بتفاصيل الكيفية التي ننهض بمبادئ الامام الحسين (عليه السلام) وحركته الاصلاحية، والعلم بتفاصيل بتفاصيل الآلية التي من خلالها تتناسب مع الظرف الزماني والمكاني للحركة الاصلاحية.. لاحظوا اخواني في كل زمان ومكان الحركة الاصلاحية لها ظروف، تحتاج الى من يعرف بدقّة هذه الظروف وكيف يتحرك وينهض ويستطيع وينجح في تحقيق الأهداف، ليس كل واحد يعرف كيف يتحرك وفق ما يريده الامام الحسين (عليه السلام) ويحقق الأهداف، هناك مجموعة من الاسس التي لابد منها لكي نصل الى تحقيق هذه الاهداف وهي المعرفة بالمحددات الشرعية والقانونية والاجتماعية للحركة الاصلاحية. انا عندما اتحرك للاصلاح ليس كل شيء وفق رؤيتي ومزاجي وتفكيري الشخصي، هناك محددات شرعية وهناك محددات قانونية وهناك محددات اجتماعية لحركة الاصلاح عليَّ أن اعرف هذه المحددات ثم اتحرك على ضوئها واقف عندما يحصل واحد من هذه المحددات.. ايضاً لابد من الاطلاع والوقوف على ما افرزته التجارب السابقة للقادة الاصلاحيين، يعني اقرأ التاريخ واقرأ الاصلاحات التي حدثت سابقاً في بلدي وفي بقية البلدان سواء كان في التاريخ القريب او البعيد واتعلم من تلك التجارب واعكسها على الواقع الحاضر. ووضوح الرؤية بالنسبة الى متطلبات الظرف الراهن شرط اساسي لنجاح أي حركة اصلاحية، ومن ليس من اهل الخبرة والمعرفة بذلك فليس أمامه اذا اراد الانخراط في عملية التغيير والاصلاح والمساهمة فيها الاّ الرجوع الى من اهل الخبرة بالأمور.. حتى اذا تحققت الحركة الاصلاحية تحققت النتائج ونجحنا في تحقيق الاهداف بما يريده الامام الحسين (عليه السلام) وبالكيفية والوسائل التي يريدها الامام الحسين (عليه السلام) وهذا ما سنبينه ان شاء الله تعالى في الخطبة القادمة.. والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين..