الأمر الاول: في هذه الايام يتوجه الملايين من محبي وعشاق الامام الحسين (عليه السلام) سيراً على الاقدام لزيارة مرقده الطاهر واستلام ضريحه المقدس، وإننا اذ نرحب بهم نتوجه بالشكر والتقدير العاليين لجميع الذين يساهمون في إحياء هذه الزيارة العظيمة وانجاحها من الزائرين الكرام واصحاب مواكب العزاء والخدمة والاجهزة الامنية والفرق الطبية والادارات المحلية في مختلف المحافظات ولاسيما محافظتي كربلاء المقدسة والنجف الاشرف والعاملين في المنافذ الحدودية والمطارات ومنتسبي العتبات المقدسة العلوية والحسينية والعباسية والكاظمية على ما يقدمونه من جهود طيبة وخدمات كبيرة وتسهيلات واضحة سائلين المولى عزوجل ان يتقبل من الزائرين الكرام ومن كل من كان له دور في إنجاح هذه الزيارة المباركة. الأمر الثاني: زائر الأربعين بين الولاء الحسيني والانتظار المهدوي.. كيف نستطيع من خلال زيارة الاربعين ان نديم التواصل بين مبادئ النهضة الحسينية ومقومات الانتظار المهدوي الصادق؟ وكيف تمهِّد مفردات الزيارة الاربعينية للجمع بين صدق الولاء للامام الحسين (عليه السلام) وقوة الارتباط بإمام العصر (عجل الله تعالى فرجه الشريف)؟ نحن في الوقت الحاضر في وقت الانتظار عندنا شيئان عندنا المؤمن حسيني ومهدوي. هل من الممكن ان نوظّف زيارة الاربعين فيجمع هذا الزائر بين شيئين: بين صدق الولاء للإمام الحسين (عليه السلام)، اخواني فرّقوا: لدينا زائر للإمام الحسين (عليه السلام) محب للإمام الحسين (عليه السلام) وشيعي لأهل البيت عليهم السلام، ولدينا مُنتظر نحن الواحد مِنّا منتظِر، كيف يستطيع هذا الزائر من خلال زيارة الاربعين ان يجمع بين صدق ولائه للإمام الحسين (عليه السلام) وفي نفس الوقت معها مقومات الانتظار الصادق، عندنا انتظار كاذب؟! نعم، عندنا انتظار صادق حقيقي وعندنا انتظار كاذب، هذه الزيارة يستطيع الانسان ان يكون زائر صادق حقيقي منتظِر ويقوي الارتباط بينه وبين الامام المهدي المنتظر عجل الله تعالى فرجه الشريف. التفتوا اخواني ما هي قيمة الانتظار ومرتبة الانتظار عند الله تعالى. هناك احاديث يجب ان نتأمل فيها وما هي المعاني التي وردت فيها: فقد ورد في الحديث: (أفضل عبادة المؤمن انتظار فرج الله) هل هذا الانتظار العادي الذي يكون عند الكثير منّا هو هذا افضل العبادة؟ لا ممكن. في حديث آخر: (من مات منكم وهو منتظر لهذا الأمر كمن هو مع القائم في فسطاطه). علينا ان نبحث أي مرتبة من مراتب الانتظار المطلوبة حتى يصل الى هذه المنزلة. طبعاً من مجمل الأحاديث اذا تأملنا فيها هذا المنتظِر المؤمن العامل المخلص للإمام الصادق في انتظاره واستعداده ان الامام (عجل الله تعالى فرجه الشريف) اذا ظهر يكون مستعداً للوقوف معه في وسط ضجيج اعلامي كبير يشوّه ويحرّف حركة الامام (عليه السلام) عن مسارها الطبيعي والحقيقي. فهو واعي ويعرف ولا تنطلي عليه هذه الامور. ايضاً لديه استعداد فهو ربّى ووطن نفسه على ان يكون في أي لحظة على استعداد للوقوف ونصرة الامام (عليه السلام). ما هي الوسائل حتى نجمع بين صدق الولاء للإمام الحسين (عليه السلام) والانتظار الصادق للإمام المهدي (عليه السلام): هناك مجموعة من الامور نذكر البعض منها: أولا: استشعار وحدة المبدأ عند الامام الحسين (عليه السلام) وعند الامام المهدي المنتظر (عجل الله تعالى فرجه الشريف): فالإمام الحسين (عليه السلام) خرج لطلب الاصلاح في امة جده (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد انتشار الظلم بكل أشكاله والفساد والانحراف بمختلف مسمياته والقيام المهدوي انما هو لملء الأرض عدلا ً وقسطاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً وفساداً. والسائر على درب الاربعين انما يتحمل مشقة ومعاناة السير ليصل الى مقصودة عند الامام الحسين (عليه السلام) مجدداً عهده وولائه له بإدامة مبادئ نهضته لتحقيق الهدف المذكور وحيث ان إمام عصره (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ينتظر الاذن الالهي لتحقيق هدف الإمام الحسين (عليه السلام) ايضاً فإن ذلك سيشكل عامل جذب وشوق نحو ظهوره ويستدعي قوة الارتباط به (عجل الله تعالى فرجه الشريف). وان مسيرنا لتحقيق مبدأ الامام الحسين (عليه السلام) لابد ان يكون تحت قيادة الهية وهي في وقتنا الحاضر قيادة الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ونوابه من الفقهاء العدول الذين تتوفر فيهم هذه الشروط. ثانيا ً: اخواني حينما تنتهوا من زيارة الاربعين لا تنسوا الامام الحسين (عليه السلام) في كل اوقاتكم. فهناك من الاذكار والزيارات تذكرنا بالإمام الحسين (عليه السلام) وخصوصا زيارة عاشوراء. لا تنسوا ايها الاخوة والاخوات زيارة عاشوراء والتوقف عند بعض مبادئها المهمة التي وردت في مبدأ الموالاة (اني سلم لمن سالمكم وحرب لمن حاربكم وولي لمن والاكم وعدو لمن عاداكم). ايضاً اخواني الزائر الذي يريد ان يكون حسينيا مهدوياً نأمل ان يجمع مع زيارة عاشوراء دعاء العهد، هل تريدون ان تتواصلوا مع الامام الغائب عجل الله تعالى فرجه الشريف وهل يريد الواحد منكم ان يكون مهدوياً في كل ازمنته وفي كل يوم فاقرأ دعاء العهد فهو تواصل مع الامام (عليه السلام) فقد ورد في الدعاء: (اللهم إني اجدد له في صبيحة يومي هذا عهداً وعقداً وبيعة ً له في عنقي لا أحول عنها ولا أزول ابداً). لاحظوا اخواني عهد مع الامام الحسين (عليه السلام) في زيارة عاشوراء وعهد مع الامام المهدي (عليه السلام) في دعاء العهد. وهذا يتطلب ان يوطّن الانسان الزائر نفسه على ان يكون دائماً على استعداد لنصرة الامام (عليه السلام) والوقوف معه وخروج الامام المهدي (عليه السلام) يمثل امتداد لنهضة الامام الحسين (عليه السلام). لاحظوا اخواني بعض الاعمال العبادية نحتاج اليها وهي لا تكلفنا الكثير من الوقت فلتكن بعض ساعاتنا او دقائق يومنا نتواصل مع الامام الحسين (عليه السلام) في زيارة عاشوراء ونتواصل مع الامام المهدي (عليه السلام) بدعاء العهد ولكن مع الوعي بمفردات هذه الزيارة وهو تجديد العهد مع الامام الغائب (عجل الله تعالى فرجه الشريف) حتى يكون الانسان المنتظر المؤمن يجدد العهد والاستعداد ويكون هذا الاستعداد متجدداً لنصرة الامام والوقوف معه طبعاً من خلال الورع والالتزام بأداء الواجبات الشرعية والابتعاد عن المحرمات والوقف مع اهل الصلاح الذين يريدون نشر الصلاح والعدل والاستقامة والوقوف بوجه الظلم والانحراف والفساد. كلها تثبت هذا الاستعداد لنصرة الامام (عليه السلام) وتأتي زيارة الاربعين تعطينا هذا الاستعداد بما تمثّل فيها من هذا التجسيد لمبادئ الامام الحسين (عليه السلام) والاخلاق الرفيعة. نسأل الله تعالى ان يوفقنا ان نكون حسينيين مهدويين نجمع بين الأمرين. اللهم اجعلنا من انصاره واعوانه والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد وآله الطيبين الطاهرين.