اشاد ممثل المرجعية الدينية العليا، الجمعة بالانتصارات التي تحققها القوات الأمنية في معارك تحرير تلعفر. وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي في الخطبة الثانية لصلاة الجمعة التي اقيمت في الصحن الحسيني الشريف اليوم (25 /8 /2017) "يحقق المقاتلون الابطال الذين يخوضون معركة تحرير تلعفر، انتصارات ميدانية رائعة في مهنيتها وكفاءتها، اثلجت قلوب العراقيين وأكدت على ما يتصف به هؤلاء الرجال الكرام من خصال عظيمة". وأضاف "فعلى الرغم من مرور أكثر من ثلاثة أعوام من القتال الضاري في مختلف الجبهات فمازالوا على ما كانوا عليه منذ اليوم الأول من الصلابة والثبات والاقدام والشجاعة والجرأة والتفاني في حب الوطن والتضحية في سبيل عزته وكرامته ومقدساته". وتابع "فهنيئا للعراقيين بهؤلاء الابطال من أبنائهم ضمانة الحاضر والمستقبل ومبعث الفخر والاعتزاز على مر التاريخ". وأشار الكربلائي اننا اذ نشيد بتضحياتهم ونبارك انتصاراتهم ونترحم على شهدائهم وندعو لجرحاهم بالشفاء والعافية نوصيهم بضرورة الحذر من العدو الداعشي وعدم الاطمئنان الى الوضع النفسي المنهار لبعض مجاميعه، والحرص على التقدم وفق الخطط العسكرية المدروسة مع التوكل على الله تعالى والثقة بتأييده ونصره والدعاء اليه عز وجل بالتسديد والحفظ والامداد بالعون والقوة. واكد على ضرورة الحفاظ على حياة المدنيين العالقين داخل الاحياء السكنية والحرص البالغ على تجنيبهم الأذى مع الحذر الشديد من مكائد العدو باتخاذ هؤلاء الأبرياء دروعا بشرية واستنفاذ كل الوسائل التي يمكن من خلالها تخليصهم مما هم فيه في أقرب وقت ممكن وتوفير المأوى وسائر الاحتياجات الضرورية لهم. وشدد ممثل المرجعية العليا على ضرورة ادامة التنسيق العالي بين مختلف صنوف القوات المشاركة في القتال والتعاون التام بينها، موضحا ان هذا الامر كان من ثماره الواضحة ما حصل من تقدم سريع في تحقيق الأهداف المرسومة وتحرير احياء من مدينة تلعفر خلال أيام قليلة جدا. ودعا الشيخ الكربلائي العاملين في الحقل الطبي من الأطباء والكوادر الوسطية في مختلف المحافظات الى ان يتوجهوا بأعداد كافية الى مناطق القتال للقيام بإسعاف الجرحى وعلاجهم بأفضل ما يتيسر لهم من ذلك. وأوضح فان هذا بالإضافة الى كونه مهمة إنسانية عظيمة، مما له دور مهم في ادامة العمليات العسكرية وتسهيل الامر على القطعات المقاتلة، وبالتالي فانه مسؤولية وطنية وواجب ديني واخلاقي لابد من القيام به كل حسب ما يتمكن منه. كما تناول الكربلائي في خطبته مقومات المواطنة الصالحة وكيفية بناء شخصية المواطن الصالح والاسس التي يحتاجها، مبينا ان كل شعب من الشعوب ومن بينهم الشعب العراقي، اذا اراد ان يحقق لنفسه العدالة والامن والاستقرار والازدهار والتماسك الاجتماعي والرخاء الاقتصادي والمعيشي والعزة والاستقلال والاحترام لدى الاخرين لابد له من العمل على تنشئة ابنائه وتربيتهم على اسس معينة يجعل منهم مواطنين صالحين مخلصين لوطنهم وامتهم مضحين في سبيل اهدافها ومصالحها ومثلها وقيمها ويتعايشون فيما بينهم بسعادة وامن ورخاء. واستدرك ان الاسلام اهتم بمسألة الوطن وحب الوطن والدفاع عنه وحمايته وتحقيق العزة والكرامة والاستقلالية والاحترام له من قبل الاخرين، مبينا اذا تتبعنا النصوص التي وردت نجد هناك اهتماماً من خلال الروايات، مشيرا ان من بين تلك التي وردت بهذا الخصوص (حب الوطن من الايمان)، (عُمرّت البلدان بحب الأوطان). وبين ان التعمير للبلد يعني الوصول لحالة الاستقرار والتطور والخدمة انما يأتي من خلال مبدأ حب الوطن. واستوقف ممثل المرجعية العليا عند نقطة وصفها بالمهمة قائلا "لسنا هنا بصدد بيان واجبات الدولة تجاه المواطنين واداء حقوقهم، وانما بصدد كيفية بناء شخصية المواطن الصالح الذي يساهم في البناء والخير والنفع للآخرين، ويساهم في تحقيق التعايش الاجتماعي السلمي الذي لا يكون ضاراً للأخرين وضاراً لوطنه ويساهم في الدفاع عنه والتضحية من اجله وبناء مجده وعزّته وكرامته". وأوضح ان هنالك مبدأ اساسي كثير ما نذكره وكان محط اهتمام بعض المنظمات الدولية يتمثل في (الناس صنفان اما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق) الذي ورد عن امير المؤمنين (عليه السلام) الى مالك الاشتر، مبينا ان هذا المبدأ بين ان المواطن اما ان يكون مشترك معي في العقيدة والايمان فيترتب له حقّان، حقوق المواطنة كمواطن وحقوق الاخوة الدينية بموجب اشتراكه في الايمان والعقيدة، او يكون نظير في الخلق أي نظير في الانسانية يشترك في الاب الواحد وفي اصل الإنسانية، مؤكدا ان هذا له حقوق المواطنة وهو الاشتراك الانتمائي الى الوطن الواحد، اضافة الى ذلك العمل سوية من اجل الدفاع عن هذا الوطن وحمايته وتحقيق الاهداف في ارساء دعائم العدالة والامن والاستقرار والتطور والازدهار ودفع الضرر عن الوطن وتحقيق اهدافه. واردف انه من خلال هذا المبدأ الذي وضعه امير المؤمنين (عليه السلام) يتضح لنا الدائرة الواسعة لأبناء الوطن الواحد وتعريف المواطن الذي يراد بيان كيفية بنائه البناء الصحيح. وأشار الكربلائي ان هذه النصوص الاسلامية التي وردت في بيان كيفية بناء شخصية المواطن الصالح تعني كل انسان ابتداءً من اعلى مسؤول في البلد الى ادنى مسؤول وعموم المواطنين، موضحا ان هذه المقومات تهدف الى بناء الشخصية لهذا الانسان الذي تتصف فيه مجموعة امور من بينها ان يكون مخلصاً لوطنه وشعبه، لا يخونه ولا يغدر به ولا يعمل شيء يضره، وان يعمل على خدمته وتحقيق الامن والازدهار والعدالة، وان يعمل مع بقية المواطنين في تحقيق هذه الامور ويساهم فيها، وان لا يصدر منه شيء يضر في مصالح البلد والمواطنين. ونوه ان مبدأ التضحية في سبيل هذا الوطن وهذا الشعب لايقصد فيها ان يبذل المواطن دمه وماله فقط، بل المقصود معنى اوسع يتمثل بكيفية ان يضحي الانسان احياناً براحته وماله او منصب او جاهه او بامتياز تُعرض عليه وهو امام خيارين اما ان يحصل على هذه الامور ويفقد صفة الخدمة للوطن، او يضحي بهذه الامور ويقوم بالخدمة. واكد على ضرورة ان يكون دوره ايجابياً بناءً لا سلبياً ضاراً، بمعنى ان يتحرى كل ما فيه خير ومصلحة بلده وشعبه وان يقدم المصالح العامة على المصلحة الشخصية والمصلحة الضيقة، مبينا ان المصلحة الضيقة احياناً مصلحة شخصية او حزبية او مناطقية او طائفية او مذهبية وغير ذلك من هذه المصالح الاضيق من مصالح الوطن والشعب.