في حادثة لم يشهد التاريخ لها مثيلاً، استطاع جيش زيد بن معاوية بقيادة عمر بن سعد أن ينفذوا اكبر واخطر عملية اغتيال لأقدس وازكى أنفس عرفتها البشرية، وهم الحسين عائلته وجمع من صحبه الأخيار، في معركة لم تعرف شيئاً من ملامح المروءة التي اعتاد عليها حتى أجلاف العرب وأكثرهم سماجة في حروبهم وغاراتهم قبل الإسلام. فالغدر مثلاً او منع الخصم من الوصول إلى الماء أو قتل الأطفال الأبرياء في الحروب؛ لم تكن أساليبهم مع جهلهم بالقيم الإنسانية، ولكنهم كانوا يعتبرون أن الشجاعة والرجولة تقتضي أن يكون المقاتل بعيداً عن مثل هذه الأمور، فيما يصر زيد بن معاوية وعبر قائد جيشه عمر بن سعد على قتل رضيع الحسين. في التاسع من مارس عام 2013 انتشر خبر على المواقع الخبرية والوكالات الشيعية وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي مفاده أن تنظيم "داعش" الإرهابي أقدم على قتل طفلٍ لا يتجاوز من العمر العامين أو العام والنصف كما كان يبدو في الصورة التي أُرفقت مع الخبر، بجرم أن الطفل ينتمي إلى عائلة عراقية شيعية تسكن في سوريا وتحديداً عند منطقة "السيدة زينب" (ع) التي كانت تشهد تلك الفترة مواجهات شرسة بين مسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي ومجاهدي فصائل المقاومة من العراق وسوريا ولبنان. وما يثير الاستغراب أن هذه الزمرة المجرمة التي أقدمت على قتل الطفل البريء بعد إبادة عائلته عن بكرة أبيها؛ هي واحدة من الكتائب التي تحمل أسماً أكثر غرابة من الفعل ذاته، حيث تأتي التسمية كإعلانٍ واضح عن سير هذه الجماعات على ذات النهج الذي سارت عليه جلاوزة الدولة الأموية التي أسسها اللعين معاوية بن أبي سفيان والذي أظهر عبر أفعاله خلال فترة تسلمه الحكم شدة تعطشه للقتل والاغتيالات الممنهجة وعبر أساليب متنوعة، ولن نبالغ إن قلنا أن معاوية بن أبي سفيان كان اول من استخدم السلاح الكيماوي آنذاك، فقد كان يعمد الى استخدام اجود واكثر أنواع السم فتكاً بخصومه والتي كانت تعتد وقتها أخطر أنواع الأسلحة الفتاكة بإزاء الأسلحة العصرية التي من أشهرها القنابل الذرية والنووية. حرملة بن كاهل الاسدي رمزٌ من رموز "داعش" "كتيبة الصحابي حرملة بن كاهل الأسدي" كما يسمي "داعش" هذه الزمرة المجرمة عديمة الإنسانية؛ هي التي أقدمت وقتها على قتل الطفولة في جريمة يشترك فيها بالضرورة مؤسس الإجرام الأموي، وقائد مسيرة الشر والعدوان لقتل الحسين (ع) وعياله على أرض كربلاء، لأنهم الامتداد الحقيقي لذات الشر، وذات الظلم، وذات الاجرام. ولسنا هنا بصدد إثارة حادثة مر عليها اليوم أكثر من عامين، وإنما لبيان حقيقية ربما باتت واضحة لدى الجميع، وهي أن تنظيم "داعش" الإرهابي هو حقاً الامتداد الحقيقي للجيش الأموي الغاشم الذي أقدم على قتل الإمام الحسين (ع) فهم فضلاً عن تأسيهم بأشهر شخصيات ذلك الجيش إجراماً وهو حرملة بن كاهل عليه لعائن الله، وهيكلة تنظيمات جيشهم على النهج ذاته؛ فقد عمدوا أيضا إلى استخدام ذات الأساليب في القتل والغدر التي أقدم عليها ذلك الجيش في معركته مع الحسين (ع) قبل مئات السنين، وهذا ما يظهر للجميع من خلال طرق القتل التي اعتمدوها. قتل الرضيع النواة الأولى لتأسيس الإجرام الداعشي! بعد أن اشتد عطش الرضيع "عبد الله" بن الإمام الحسين (ع) خرج أبوه راجلاً على غير عادته في الحرب التي لم يمض على بدايتها وقتاً طويلاً، فبعد ساعات قليلة كان معسكر الحسين (ع) قد أبيد منه القسم الأكبر، وتناثرت أشلائهم على مقربة الحسين حيث يراهم ويحدثهم احياناً وهم صرعى على الأرض. خرج هذه المرة من دون فرسه او ناقته التي كان يخرج عليها عندما يريد التحدث إلى جيش عمر بن سعد، أرد ان يوصل رسالة للقوم.. إنه لم يأتهم هذه المرة محارباً ولا حتى واعضاً، بل جاء لكي يسقي رضيعه الماء قبل أن يموت، فليس من العدل أن يلقى هذا الصغير نصيبه من الموت بجرم الكبار، وهذا ما أشار له الحسين (ع) عندما خاطب المعسكر قائلا: "إن كان ذنب للكبار فما ذنب الصغار". وبعد أن نشبت الخلافات داخل جيش عمر بن سعد بين مؤيد لسقي الطفل بالماء وبين معارض لذلك؛ استعد حرملة بن كاهل الاسدي لحسم الموقف ووضع حل لنزاع القوم من حوله، وبأمر من ابن سعد وجه اللعين سهمه إلى نحر الطفل الذي كان مغمىً عليه من شدة العطش، ليصحوا على حرارة دمه المسفوك معلناً استشهاده في أبشع صورة، وهو يرفرف كالطير المذبوح. وكانت هذه الجريمة البشعة النواة الأولى لتأسيس الإجرام الداعشي وسنّ سنن البشاعة في القتل لهذا الكم الكبير من المجاميع الإرهابية التكفيرية المنتشرة اليوم في العديد من البلاد، والتي يحاول داعموها أن يوفروا لهم كل الإمكانات التي تظهر هذه المجاميع بنفس الدموية والإجرام الذي كان عليه الجيش الأموي آنذاك، والتي منها اصدار الفتاوى التي تكفر الشيعة لتبيح دمائهم وأموالهم وأعراضهم، فضلاً عن دعمهم المالي. رصد لأبشع جرائم "داعش" وفي محاولة لتسليط الضوء أكثر على حجم الجرائم البشعة التي ترتكبها اليوم التنظيمات الإرهابية ومنها "داعش" فقد نشرت أحدى الوكالات الروسية سجلا بأبشع عشر جرائم ارتكبها هذا التنظيم. ويذكر التقرير الذي نشره موقع "روسيا اليوم" بعد ترجمته إلى اللغة العربية؛ صوراً لأكثر الجرائم شهرة لتنظيم داعش الإرهابي في العراق وسوريا، والتي منها قتل الأطفال، وسبي النساء والاتجار بهن، وحرق الناس أحياءً، والقتل الطائفي الجماعي للأبرياء وغيرها من الجرائم الأخرى. ويتحدث التقرير عن واحدة من الجرائم التي عمد التنظيم على أن يكون من خلالها الأكثر تمسكاً وتأسياً بجرائم الجيش الأموي في كربلاء، والتي منها قتل الأطفال. إذ ينقل موقع روسيا اليوم، إن "مطلع العام الجاري أعدم داعش 13 فتى في مدينة الموصل العراقية لمجرد أنهم شاهدوا مباراة لكرة القدم بالتلفزيون، وذلك بدعوى أن مشاهدة مثل هذه المبارايات "محرمة شرعا". وجرى إعدام الفتيان رميا برصاص الرشاشات، فلم يستطع ذووهم حتى سحب جثامينهم خوفا على حياة عائلاتهم" ولأن الموصل هي واحدة من المدن التي تقطنها العديد من الطوائف من غير الشيعة فأن نقل مثل هذه الجرائم إلى الإعلام أمرٌ قد يبدو سهلاً ومتاحاً وضرورياً، في والوقت الذي يصعب إحصاء او نقل الجرائم التي أقدم عليها تنظيم "داعش" الإرهابي بحق أطفال "الشيعة" في تلك المدن، حيث ذاقوا اساليب القتل رمياً بالرصاص وذبحاً بالسيوف والحراب، وحرقاً وخنقاً. الشيعة هم الامتداد الحقيقي لأهل البيت (ع) وفي الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة العنف في العالم، والقتل والإجرام من قبل الجماعات الإرهابية، ورغم الفتاوى الصريحة والتي تدعوا إلى محاربة الشيعة والشعائر الحسينية على وجه الخصوص؛ يقدم الملايين من الشيعة وغيرهم على الالتحاق بالركب الحسيني والزينبي هذا العام كما في الأعوام السابقة، حيث تحدى ما يزيد عن 26 مليون إنسانٍ أبشع وسائل القتل وصوره التي كانت من الممكن ان تكون حاضرة في طريقهم هذا العام، إلا أنهم أبوا إلا أن يكونوا في كربلاء في العشرين من صفر، ليكونوا بإزاء الامتداد الداعشي للإجرام الأموي، فمع وجود قوى الظلم لا ابد أن تكون هناك قوىً لنصرة المظلوم، فزينب (ع) التي راح يصدح صوتها في مجلس اللعين يزيد متوعدةً إياه بنصر من الله وذكرٍ أزلي قد تحقق بوضوح فيما بعد، ليستمر حتى يومنا هذا. غداً سوف يكتب التاريخ هذه الحقيقة.. إذا كان "داعش" هو الامتداد الحقيقي لإجرام بني أمية وجيش يزيد اللعين؛ فإن الحشود المليونية الزائرة لقبر الحسين، وصلابة مقاتلينا من "الحشد الشعبي" في مواجهة داعش، وصبر العراقيين على كل ما يرونه من ظلم وخذلان من قبل السياسيين؛ إنما هو الامتداد الحقيقي لسلم وصبر أهل البيت (ع). حسين الخشيمي