في معرض حديثه عن النجاح الباهر الذي حققته زيارة اربعين الإمام الحسين عليه السلام ومسيرتها المليونية ، بيّن خطيب جمعة كربلاء المقدسة سماحة الشيخ عبد المهدي الكربلائي (دام عزه) ــ خلال خطبته الثانية التي القاها في الصحن الحسيني الشريف يوم الجمعة 21/صفر الخير/1437هـ الموافق 4/كانون الأول/2015م ــ ان هذا النجاح ما كان له ان يتحقق الا بفعل الجهود الطيبة والاستثنائية التي بذلتها الجهات المشرفة عليها ، عاّديا عدم تسجيلها لأيُّ خرق أمني مُعتَدٍّ به ، نجاحاً وطنياً كبيراً للمؤسسة الحكومية والأهلية والجموع المؤمنة ، كما اعرب عن عميق اعتزازه وتقديره وشكره لمن اسهم في إنجاح إدارة هذه الزيارة بدء من فضلاء الحوزة وطلبتها والمتطوعين والجهات الأمنية بكل العناوين والمسميات سيما الاستخبارية منها والجهات الخدمية والعتبات المقدسة في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة والكاظمية المقدسة والمواكب الحسينية والمواطنين ؛ ممن بذل الغالي والنفيس في ذلك ، فضلا عن وسائل الإعلام المختلفة التي غطت الحدث . وفي مورد تقييمه للعراقيين وما اثبتوه من إخلاص وروح تعاون وشعور بالمسؤولية ، ذّكّر الكربلائي المتصدين للمسؤولية في البلد بأن توافر عناصر الاخلاص والشعور بالمسؤولية الوطنية والتعاون بين الجميع ، يمكنه اخراج البلد من ازمته الحالية مهما كانت صعبة وقاسية . كما اكد سماحته على ان الإرادة الصلبة والعزيمة الراسخة لجموعَ المؤمنين الزائرين ستكون مادة لانتصارهم على عصاباتُ "داعش" وتحطيم جبروتها وطغيانُها وظلمُها بسواعد ابطال القوات المسلحة والمتطوعين وابناء العشائر الغيارى . وبخصوص التزايد المطَّرد في عديد الزائرين ـ المحليين منهم والأجانب ـ طالب الكربلائي بضرورة تشكيل لجنة عليا لإدارة وتنسيق ومتابعة وتنظيم شؤون الزيارات المليونية ، فضلا عن مطالبته للحكومة الاتحادية بالمزيد من الاهتمام في توسيع الطرق وانشاء الساحات العامة والمجمعات الصحية ، فضلا عن استثمار القطاع الخاص في هذا الصدد ، سيما وأن ذلك سيسهم في تحسن اقتصاد البلد . هذا وقد جاء فيها ما يلي : الخطبة الثانية لصلاة الجمعة بإمامة الشيخ عبد المهدي الكربلائي في 21/صفر الخير/1437هـ الموافق 4/كانون الأول/2015م لقد تمت زيارة ُ أربعين الامام الحسين (عليه السلام) ومسيرتُها المليونية المباركة ، وتكللت بالنجاح الباهر، والذي كان انعكاساً لحسن الادارة والتنظيم في مُختلف مراسمها بفعل الجهود الطيبة والاستثنائية لمختلف الجهات التي أشرفت عليها ، حيث لم يُسَجَّل أيُّ خرق أمني مُعتَدٍّ به إضافة الى المستوى المقبول او الجيد للخدمات المقدمة للزائرين، ومن المؤكد إنّ ذلك يمثل ـ بملاحظة الظروف المعقدة والاستثنائية التي يمر بها العراق - نجاحاً وطنياً كبيراً لجميع المؤسسات العراقية الحكومية والأهلية والمواطنين الذين ساهموا بروح ِ الفريق الواحد في إنجاح هذه الزيارة المباركة . وهنا نود ان نَذْكُرَ النقاط التالية : 1. لابد من ان نُعبِّرَ عن عميق اعتزازنا وتقديرنا وشكرنا لجميع الذين كان لهم الدورُ الفاعلُ والأساسُ في إنجاح إدارة هذه الزيارة ومنهم جموعُ الفضلاء وطلبة الحوزة العلمية الذين انتشروا في مختلف الطرق المؤدية الى كربلاء المقدسة لتبليغ المعارف الدينية وإرشاد الزائرين الى ما فيه صلاحُهُم وخَيْرُهم في الدنيا والآخرة ، وكذلك المؤسسات الامنية بكل عناوينها ومسمياتها ومعها جموعُ المتطوعين، حيث كان لها الدور الاكبر في النجاح الأمني للزيارة وخصوصاً الأجهزة الاستخبارية التي حالت دون وصول الارهابيين الى جموع الزائرين في اكثر من مكان ، وايضاً مؤسسات الدولة الخدمية من الصحة والنقل والخدمات العامة وادارات العتبات المقدسة في النجف الاشرف وكربلاء المقدسة والكاظمية المقدسة ، والمواكب الحسينية العزائية والخدمية وكثر من المواطنين الذين بذلوا الغالي والنفيس لخدمة الزائرين الكرام ، وشكرٌ خاص لجميع الزائرين الذين كان لانتظامهم الواعي في أداء مَراسِم الزيارة دورٌ مهم في هذا النجاح . ولا ننسى الدور المهم لوسائل الإعلام المختلفة والتي ابرزت مليونية حشود الزائرين وما مثلته هذه الزيارة من تجسيد ٍ لمبادئ وقيم ِ الثورة الحسينية المباركة . 2. على الرغم من عدم توفر البنى التحتية الأساسية والامكانات الضرورية لمتطلبات الزيارة للحشود المليونية من داخل العراق وخارجه ، إلا انّ العراقيين اثبتوا قدرة ً عالية في التغلب على المشاكل لتحقيق هذا النجاح الباهر من كل الجوانب امنياً وخدمياً وتنظيمياً ، وما ذلك إلا لتوفر عوامل الإخلاص وروح التعاون والتنسيق والشعور العالي بالمسؤولية تجاه الآخر والعمل الجمعي التضامني الذي فجّر الطاقات في الكل لخدمة الجميع ، وهذا كلُّه ـ بالإضافة الى الانتصارات العظيمة لقواتنا المسلحة والمتطوعين في جبهات القتال ضد داعش- ينبغي ان تُمَثِّلَ دروساً إضافية لجميع المتصدين للمسؤولية في البلد ، وينبهَّهُم الى انَّه ؛ متى ما توفرت العوامل المذكورة من الاخلاص والشعور بالمسؤولية الوطنية والتعاون بين الجميع فإنه يمكن وبكل تأكيد ، الخروج من الازمات الحالية التي يمر بها العراق مهما كانت الظروفُ قاسية ً وصعبة . 3. ان ديمومة المسيرة المليونية للزائرين بمناسبة اربعينية الامام الحسين (عليه السلام) على الرغم من مخاطر الارهاب والظروف النفسية الصعبة التي يمر بها المواطنون بسبب الازمات المتتالية خلال عقود من الزمن تعطي درساً إيمانياً ووطنياً عظيماً لأبناء الشعب العراقي . فعلى الرغم من ان جموعَ الزائرين قد واجهت برجالها ونسائها واطفالها من الاجيال الحاضرة ومن اسلافهم الماضين تحديات ومصاعب كبيرة خلال سنين طويلة والتي تتفطرُّ لها صخورُ الجبال سواءٌ أكان على مستوى المحاربة والبطش والتنكيل من الحكام او التفجيرات الارهابية الحاصدة لأرواح الآلاف منهم خلال السنوات الاخيرة ، إلا أنّ الجموعَ المؤمنة بقضيتها التي ليس لها سلاحٌ إلا سلاحَ الايمان والولاء للإمام الحسين (عليه السلام) قد استطاعت بفعل ارادتها الصلبة وعزيمتها الراسخة الاستمرارَ في هذه المسيرة بَلْ وضاعفت من ألَقِها ووهَجِها ، وهذا يجعل المرءَ على يقين ٍ بأن هذا الشعب المضحي والصابر سينتصر على اعدائه، وستنهزم عصاباتُ "داعش" وتتحطم جبروتها وطغيانُها وظلمُها على صخرة صمود وصبر وتضحية الابطال في القوات المسلحة والمتطوعين وابناء العشائر الغيارى . كما انّ من المؤكد ان هذه الارادة الصلبة والعزيمة الراسخة ستكونُ العاملَ الاساس لغلبة وانتصار الشعب العراقي في معركة الاصلاح واقامة الحكم الرشيد وتخليص البلد من مجاميع الفاسدين الذين جعلوا العراق منهباً ومسلباً لنزواتهم وأطماعهم . 4. ان التزايد المطَّرد في اعداد الزائرين من داخل العراق وخارجه خلال السنوات الاخيرة لا يتناسب مع ضعف وتواضع ما يقابله من تطور ضروري للخدمات الاساسية للزائرين، ومن هنا يتحتمُّ على الجهات المعنية خصوصاً في الحكومة الاتحادية مزيدَ الاعتناء والاهتمام بتوفير الموارد اللازمة لإقامة مشاريع البنى التحتية والخدمات العامة ولاسيما في مجال النقل وتوسعة الطرق وانشاء الساحات العامة والمجمعات الصحية وغيرها من الخدمات الضرورية ، ويمكن الاستعانة بالقطاع الخاص للاستثمار في هذا المجال فان هناك فرصة طيبة ً ومساحة ً كبيرة لذلك وستكون له واردات مالية تساعد ايضاً على تحسن الوضع الاقتصادي للبلد ، ولابد ايضاً من وجود لجنة عليا تقوم بمهام التنسيق والمتابعة والتنظيم لشؤون الزيارة المختلفة .. نسأل الله تعالى ان يوفق الجميع للقيام بوظائفهم.. اللهم آمن بلدنا وبلدان المسلمين ، واكفنا شر من يريد بنا سوءاً وعدواناً ، واصلح حالنا وامورنا بفضلك ومنك يا ارحم الراحمين .