الحسين بن روح النوبختي
وهو العالم الجليل والثقة الفضيل لدى الامام الحجة عجل الله تعالى فرجه ، ابا علي الحسين بن روح النوبختي وكان ثقة السفير الثاني ومعتمده ، وبدأت سفارته بعد وفاة السفير الثاني الشيخ محمد بن عثمان العمري ، حيث استمرت فترة سفارته لمدة 21 سنة من سنة ( 305 لغاية 326 هـ)، وكان من أصحاب الإمام العسكري ومن أصحاب السفير الثاني المقربين في بغداد، وقد أوصى محمد بن عثمان في آخر أيام حياته، بالرجوع إلى الحسين بن روح، بأمر الإمام صاحب العصر، وصدر في 5 شوال سنة 305 هـ أول توقيع من الإمام المهدي يؤيد فيه الحسين بن الروح. كان يتمتع بالأحترام والمكانة الخاصة من قبل الحكومة العباسية في أول فترة من نيابته، ولكنه أختفى لبعض الوقت بسبب بعض المشاكل، وبعدها سُجن لمدة 5 سنوات، ومن أهم الأحداث في فترة سفارته، إدعاء الشلمغاني السفارة وبسبب أنحراف عقيدته صدر توقيع من صاحب الزمان في لعنه. أجوبة الحسين بن روح على الأسئلة التي طُرحت في المناظرات وكتبهُ الفقهية، تدل على أنه كان صاحب علم ومعرفة في المسائل الدينية،
وذكرت له بعض المصادر مجموعة من الكرامات.
حياتــــــه:
لم تُذكر السنة التي ولد فيها الحسين بن الروح، ويكنى أبو القاسم ويلقب بالنوبختي، والروحي،[1] والقمي،[2] ويحتمل البعض أنه لقب بالقمي؛ لأنه كان يتحدث باللهجة الفارسية لأهالي آبه (القريبة من ساوه) وعلاقاته الوثيقة مع الناس هناك،[3] ويعرف في معظم المصادر بلقب النوبختي، يرى البعض أن انتسابه إلى عائلة النوبختيين من جهة الأم لا من جهة الأب،[4] وذكر البعض أنه من فروع أسرة بني نوبخت في قم، وهاجر إلى بغداد في زمن السفير الأول.[5]
علاقته بالإمام العسكري:
يوجد اختلاف بين الباحثين في أن الحسين بن الروح هل كان من أصحاب الإمام الحسن العسكري أم لا، ذكر ابن شهر آشوب في المناقب أنه من خواص أصحاب الإمام العسكري{{ع}،[6] ولكن علماء الرجال الآخرين لم يقولوا شيء عن هذا الأمر، وذهب البعض إلى عدم صحة هذا الخبر؛ لأنَّ الإمام العسكري توفي سنة 260 هـ، والنوبختي سنة 326 هـ.[7]
خصائصه:
ذكر الشيخ الطوسي في كتابه الغيبة أنَّ الحسين بن روح من أعقل الناس عند المخالف والموافق ويستعمل التقية،[8] لدرجة أنه كان لديه خادم طرده وصرفه عن خدمته؛ بسبب لعن معاوية وشتمه.[9]
ذكر جاسم محمد حسين في كتابه التاريخ السياسي لغيبة الامام الثاني عشر، إنَّ سبب وصول الحسين بن الروح إلى منصب السفارة، هو صفاته وكفاءته التي جعلته ينال هذا المقام.[10] ذكرت أم كلثوم بنت محمد بن عثمان، حول العلاقة التي كانت بين الحسين ووالدها، حيث قالت: كان أبو القاسم الحسين بن روح وكيلا لأبي سنين كثيرة ينظر له في أملاكه، ويلقي بأسراره الرؤساء من الشيعة، وكان خصيصاً به، حتى أنه كان يحدثه بما يجري بينه وبين جواريه لقربه منه وأنسه.[11]
قال أبو سهل النوبختي حول سرية الحسين بن روح، فلو كان الإمام تحت ذيله وقرض بالمقاريض ما كشف الذيل عنه.[12]
وفاتــــه:
توفي الحسين بن الروح النوبختي في 18 شعبان سنة 326 هـ، ودُفن بمحلة النوبختية في مقبرة النوبختيين، الواقعة في سوق الشورجة ببغداد، ويعرف الآن بمقام الحسين بن الروح، ويتوافد عليه الزائرون الشيعة لتبرك بقبره.[13]
السفارة:
عين الحسين بن الروح سفيرا للإمام المهدي، بعد وفاة السفير الثاني سنة 305 هـ، وكان قبل ذلك، وكيلا على الأموال ومن المقربين والموثوق بهم عند محمد بن عثمان حيث كان الوسيط بينه وبين الوكلاء الآخرين في بغداد.[14]
على الرغم من وجود ما يقارب 10 وكلاء للسفير الثاني في بغداد، فقد أوصى شخصيات الشيعة وقت مرضه بالرجوع إلى الحسين بن روح بعد وفاته، حيث قال: هذا أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر النوبختي القائم مقامي والسفير بينكم وبين صاحب الأمر والوكيل له والثقة الأمين، فارجعوا إليه في أموركم وعولوا عليه في مهماتكم فبذلك أمرت وقد بلغت،[15] وذكر العلامة المجلسي، أنَّ في يوم وفاة السفير الثاني، جلس الحسين بن روح في منزله وسلم له خادم محمد بن عثمان الصندوق الذي يحتوي على ودائع الأئمة،[16] وصدر في 5 شوال سنة 305 هـ أول توقيع من الإمام المهدي يؤيد فيه الحسين بن الروح.[17]
ورد في بعض المصادر، أنَّ مكانة الحسين بن الروح كانت واضحة عند الإمامية على عكس السفير الأول والثاني، ولهذا السبب قرر بعض الشيعة تجاهل الوكلاء الموجودين في مناطقهم والأتصال المباشر بالسفير الثالث.[18]
الوكلاء والوسطاء:
حينما وصلت السفارة إلى الحسين بن روح بدأ عمله بمعونة 10 وكلاء في بغداد، وآخرون في باقي البلاد الإسلامية. فيما يلي أسماء بعض الوكلاء والوسطاء:
مكانته في الدولة:
كان الحسين بن روح في عهد محمد بن عثمان صاحب نفوذ في البلاط العباسي، وكانت تصل إليه المساعدات المالية من قبل المسؤولين في الدولة.[19] كان له التأثير في الدولة العباسية ويحظى باحترامهم بعد توليه السفارة في زمن المقتدر بالله؛ وسبب هذه المكانة يرجع إلى تأثير عائلة النوبخت في البلاط العباسي، ومن جهة أخرى وزارة أبي الحسن علي بن محمد من آل فرات الذين كانوا من أنصار الشيعة.[20] حسب ما نُقل عن أم كلثوم بنت محمد بن عثمان، أنَّ الأموال كانت تصل إلى الحسين بن روح من آل الفرات.[21] والسبب الآخر لمكانته في الدولة العباسية هو مواقفه الحذرة والنأي بنفسه عن الثورات التي حصلت في عصره، مثل القرامطة.[22]
لكن مع وصول حامد بن العباس إلى الوزارة أيد المخالفين للشيعة، فسبب هذا الأمر المشاكل للحسين بن الروح.[23]
اختفائه عن العامة:
ذكرت بعض المصادر أنَّ الحسين بن روح قد أختفى لبعض الوقت، بعد تعيينه سفيرا للإمام صاحب العصر والزمان، ولم تعرف هذه المدة بشكل دقيق، وربما أنها كانت ما بين سنة 306 هـ إلى 311 هـ، في زمن وزارة حامد بن العباس.[24] ذكر الشيخ الطوسي أنَّ محمد بن علي الشلمغاني كان في هذه الفترة سفيراً بينه وبين الناس.[25] ولا يوجد معلومات أخرى حول هذه الفترة.
إيداعه السجن:
سُجن الحسين بن روح في زمن الخليفة العباسي المقتدر بالله من سنة 312 إلى 317 هـ، ولم تذكر المصادر الشيعية السبب الذي جعل الدولة العباسية تسجنه، ولكن ذكر بعض الباحثين سببين، مستندين في ذلك إلى ما ورد في مصادر أهل السنة:
ذهب بعض الباحثين المعاصرين إلى أنَّ سبب حبسه لشهرته كسفير للإمام المهدي، وعلاقته بالامامية وتنظيم أوضاعهم، وجمع الرسائل والحقوق وتسليمها إلى الإمام ،[27] ويعتقد البعض أنَّ سبب سجنه سنة 311 ــ 312 هـ، هو عداوته للشلمغاني فسجن على يد محسن بن علي بن الفرات (ابن علي بن الفرات الوزير وأحد أنصار الشلمغاني).[28]
بعد إطلاق سراحه من السجن، لم يتمكن أحد من مضايقته؛ وذلك بسبب وجود شخصيات بارزة من عائلة النوبخت، قد شغلوا مناصب مهمة في الحكومة.[29]
قصة الشلمغاني:
كان الشلمغاني من علماء الشيعة في بغداد ومن المقربين من الحسين بن روح، وبعد تعيين ابن روح نائب عن الإمام قدمه كوكيل عنه في إدارة أمور الشيعة، لدرجة أنّه في زمن أختفاء الحسين بن روح كان سفيراً بينه وبين الناس وتخرج توقيعات الإمام بواسطة الحسين بن روح عن طريقه.[30] لكنه في أيام حبس الحسين بن روح أساء أستخدام منصبه فقدم نفسه على أنه الباب للإمام بدل ابن روح، وبعدها أرتد وأنحرف عقائدياً، ولما ظهر انحرافه أبلغ الحسين بن روح وهو في السجن الشيعة بذلك، ونهى عن مخالطته، وصدر في سنة 312 هـ توقيع عن الإمام المهدي يلعنه فيه.[31]
مقامه العلمي وكراماته:
كتب الحسين بن روح كتاباً في الفقه اسمه التأديب، وأرسله إلى حوزة قم، وكتب إلى الفقهاء بها وقال لهم انظروا في هذا الكتاب هل فيه شيء يخالفكم، فكتبوا إليه أنَّه كله صحيح وما فيه شيء يخالف إلا في مورد واحد.[32]
ذكرت المصادر الروائية مناظرات متعددة قام بها في زمن نيابته.[33] أجوبة الحسين بن روح على الأسئلة التي طُرحت في هذه المناظرات تدل على أنه كان صاحب علم ومعرفة في المسائل الدينية.[34]
نُقلت عنه أيضاً الروايات،[35] وذكر الشيخ الطوسي أنَّ الزيارة الرجبية وردت عن طريق الحسين بن روح.[36]
كراماته:
ذكرت بعض المصادر مجموعة من الكرامات للحسين بن روح، حيث كان يكشف أحياناً بعض الأسرار والعلامات، من أجل رفع شك الآخرين أو من أجل أثبات نفسه. ومن هذه الأحاديث التي ذكرت: الرسالة التي أرسلها علي بن بابويه والد الشيخ الصدوق إلى النائب الثالث يسأله فيها أن يوصل له رقعة إلى صاحب العصر ويسأله فيها الولد،[37] ورسالة أخرى من علي بن بابويه أيضاً كتب له يستأذن في الخروج إلى الحج، فجاء الجواب لاتخرج في هذه السنة فأعاد وقال: هو نذر واجب أفيجوز لي القعود عنه فخرج في الجواب إن كان لابد فكن في القافلة الاخيرة وكان في القافلة الاخيرة فسلم بنفسه وقتل من تقدمه في القوافل الاخر،[38] وخبر فقدان سبيكة الذهب من قبل محمد بن الحسين الصيرفي.[39]
الهوامش:
المصادر والمراجع: